أثار انتشار فيروس كورونا في العالم نقاشا قانونيا حول نظرية «الظروف الطارئة» في القانون، وأثر الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة وبقية الدول لمواجهة تفشي فيروس كورونا، على تنفيذ الالتزامات العقدية. قال عضو مجلس الشورى الدكتور فهد حمود العنزي: «وباء كورونا ونظرية «الظروف الطارئة» في القانون، وأثر هذا الوباء على تنفيذ الالتزامات العقدية. كم قضية ستشهدها المحاكم وهيئات التحكيم المحلية والدولية نتيجة نشوء هذا الوباء العالمي؟! ما حدود قبول هذا الوباء باعتباره ظرفا استثنائيا طارئا؟! أهل القانون استعِدّوا، فأثر الفيروس ممتد». من جهته، لفت أستاذ القانون الدكتور محمد حسن القحطاني، إلى أن «كورونا» إذا توافرت شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة أو القوة القاهرة، كان للمتعاقد المُرهق أن يدعو المتعاقد الآخر إلى إعادة التفاوض حول العقد، لمواجهة هذه الظروف التي أثرت على التوازن العقدي، وذلك بهدف تعديل الالتزامات التعاقدية إلى الحد المناسب، لرفع الضرر عن الطرف الذي تأثر بها. أما المحامي حسن قاسم، فتطرق إلى أثر الإجراءات المتبعة لمواجهة فيروس كورونا على عقود الإيجار «الظروف الطارئة»، إذ أوضح أنه إذا استأجر ما تكون منفعة إجارة للناس، مثل الفندق والحمام والقيسارية، ونحو ذلك، فنقصت المنفعة المعروفة، مثل أن ينتقل جيران المكان، ويقل الزبون، لخوف أو خراب أو تحويل ذي سلطان لهم، ونحو ذلك، فإنه يحطّ عن المستأجر من الأجرة بقدر ما نقص من المنفعة المعروفة، سواء رضي الناظر وأهل الوقف أم سخطوا، ولا يرجع على المستأجر بما وضع عنه إذا لم توضع إلا قدر ما نقص من المنفعة المعروفة «مجموع الفتاوى 30/311، مختصر الفتاوى 376». وأضاف: «أن يحدث خوف عام يمنع من سكنى ذلك المكان الذي فيه العين المستأجرة، أو تُحصر البلد فيمنع الخروج إلى الأرض المستأجرة للزرع ونحو ذلك، فهذا يثبت للمستأجر خيار الفسخ، لأنه أمر غالب منع المستأجر استيفاء المنفعة، فأثبت الخيار كغصب العين، فأما إن كان الخوف خاصا بالمستأجر مثل أن يخاف وحده لِقرب أعدائه من الموضع المستأجر، أو حلولهم في طريقه لم يملك الفسخ، لأنه عذر يختص به، لا يمنع استيفاء المنفعة بالكلية فأشبه مرضه، وكذلك لو حُبِس أو مرض أو ضاعت نفقته أو تلف متاعه، لم يملك فسخ الإجارة لذلك، لأنه ترك استيفاء المنافع لمعنى من جهته، فلم يمنع ذلك وجوب أجرها عليه، كما لو تركها اختيارا «المغنى لابن قدامة: م/8 ص 31-32». بدوره، لفت المستشار القانوني أحمد دويدار، إلى أن نظرية الظروف الطارئة لو تم السماح لها والتوسع فيها، سيكون فيه ضياع للحقوق بصورة كبيرة جدا، وكل شخص سيحاول التملص من التزاماته العقدية، للأسف الشديد، بينما شدد الأكاديمي بكلية الحقوق في جامعة الملك فيصل الكتور عبدالعزيز الراشد، على أن العقود «المُحكمة الجامعة المانعة» تحل كثيرا من هذه الإشكالات، ومن أكثر ما نصّت عليه العقود بند القوة القاهرة. ويندرج تحت هذا البند إجراءات نتائج إخلال أحد الأطراف بسبب القوة القاهرة. أما المستشار القانوني عبدالمجيد آل موسى، فيرى من في نظره أنه يجب لتعليق الالتزام وفق نظرية الظروف الطارئة، صدور قرار من الجهة الحكومية أو الدولية المختصة، يقضي باتخاذ إجراءات وقائية تترتب عليها عوبة في تنفيذ تلك الالتزامات التعاقدية. ما الظرف الطارئ؟ هو أي حدث قد يقع أو يمر على دولة ما، ويتعذر معه مواجهته باتخاذ القرارات الإدارية التقليدية، ويقتضي معه اتخاذ قرارات أو إجراءات سريعة، لتفادي أو مواجهة الأضرار التي قد تقع من جراء وقوع الحدث الطارئ. شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة 1- أن يقع ظرف طارئ وخطير يهدد سلامة البلد 2- أن يتم تناول أحكام الظرف الطارئ في الدستور 3- أن يتم الإعلان أن ما يمر به البلد هو ظرف طارئ 4- أن يتم الإعلان عن الإجراءات التي ستتم بها مواجهة الظرف الطارئ