الحب والسلام، لفظان جميلان تأنس بهما الآذان عند سماعهما، ونستخدمهما يوميا في حياتنا، وننصح غيرنا بالالتزام بهما. فالواقع الذي نعيشه حاليا لا يمت بأي صلة إلى هذه المبادئ والقيم السامية، ولكن على الرغم من هذا، لا يمكن لنا أن نغمض أبصارنا عن الدور الذي يحتله كل من الحب والسلام في حياتنا اليوميّة. وفي الزمن الذي تبلّدت فيه الأحاسيس، وتخشبت فيه المشاعر، وتوحش فيه الإنسان، وجفّت ينابيع المودّة والحب، وتقطعت فيه سبل التراحم والتآخي بين الناس، قد تكون بحاجة ماسة إلى حديث الروح والأخلاق، وحديث العقل والحكمة، وحديث العاطفة الصادقة، واللمسة النبيلة. إن عاطفة الحب التي أودعها الله في قلوبنا، هي من أجمل العواطف الإنسانية وأنبلها وأعمقها أثراً، فهي منطلق كل خير، وهي بكل تجلّياتها وامتداداتها الطاقة المُلهمة للإنسان والمُحرّكة له، تساعد هذه العاطفة الإنسان في اكتشاف ذاته خلال التفكير في شخصيته، وما يحب وما يكره، كما يساعد الحب على تنمية الذات ورسم أبعادٍ أولية للمستقبل. إن عاطفة الحبّ هي التي تعطي الإنسان معنى إنسانيته، لأن الإنسان دون حبّ هو صخرة صمّاء، ولا يمكن أن نرى في هذه العاطفة من حيث المبدأ شيئا سلبيّا. يلعب الحب دورا بارزا في زيادة التماسك والترابط في المجتمعات المختلفة، خلال دفع البشر إلى التعامل مع بعضهم بعضا، بمودة ورحمة وتعاطف، وبذلك ينتشر السلام والخير فيها. الحبّ يغيّر نظرة الإنسان في كل شيء، من الحياة والإنسان والمجتمع والكون. وهذا هو الحب الذي يجعل الإنسان يشعر وكأن الحياة أصبحت مزهرة بالألوان. فالإنسان يبحث عن الحب طوال حياته، منذ الطفولة إلى الشيخوخة، حتى وإن لم يظهر هذه المشاعر النبيلة أمام الآخرين. الحب يبث فينا هذا الإحساس العميق، لأن الحب مشاعر ربانية. يعطينا المحبة والسلام للآخرين. فالسلام هو تدرُّج في حياة الإنسان، كأنه يصعد إلى مجموعة من الأدوار العالية والتي يصل بها إلى ذروتها، حتى يأمل في أن يعيش حياة مريحة وهادئة بأمن وسلام. الحب هو المشاعر الوحيدة القادرة على تحول الإنسان من داخله إلى شخص كان يبحثه عنه لسنوات طويلة. والحب يعطيه قلبا جديدا ينبض بالسلام والأمن تجاه الإنسان والمجتمع. الحب يجعل الإنسان يشعر بأن هناك طمانية في قلبه، فيه سلام داخلي تعمّه مشاعر الحب والإخاء للآخرين، لأن الحب والسلام هما مكملان لبعضها، فلا يمكن أن توجد مشاعر الحب داخل شخص، ولا يوجد داخله سلام تجاه الآخرين. الحب يخلق فكرة السلام ونشر الأمن في ضمير الفرد، ثم محيط الأسرة ثم الجماعة، وأخيرا في الميدان الدولي للشعوب والأمم. وهو سفير في عملية السلام، وفي توفير الاستقرار والأمن، وفي تعزيز كل قيم المساواة وجهود السلام الذي يسود العالم إلى التقدم، ويتيح فرصة التطور والازدهار للجميع.