عشية المرحلة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية المصرية، والدخول في مرحلة الصمت الانتخابي، دعا نشطاء مصريون إلى تنظيم احتجاج اليوم، فيما حذر إسلاميون من إهدار مكاسب الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق بعد أن حلت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب وقضت بعدم دستورية قانون العزل السياسي مما يبقي على أحمد شفيق المشرح المحسوب على النظام السابق في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة التي تجري غداً وبعد غد. وجاء قرار المحكمة أمس ليزيد الأمور تعقيداً. ووصف الإسلاميون الذين يهيمنون على البرلمان وحصدوا معظم ثمار الانتفاضة التي أطاحت بمبارك العام الماضي حكم المحكمة بأنه "إنقلاب ممنهج". والآن سيجري اختيار الرئيس الجديد في غياب البرلمان الذي كان انتخابه أحد المكاسب الحقيقية القليلة ودون دستور يحدد صلاحياته بعد أن عطلت الخلافات السياسية صياغة دستور جديد للبلاد. وتنتهي الحملات الانتخابية الرسمية منتصف اليوم الجمعة لتبدأ فترة الصمت الانتخابي. ودعت حركة 6 أبريل التي ساعدت في حشد المصريين ضد حكم مبارك إلى تنظيم مسيرة احتجاجية اليوم تتوجه إلى ميدان التحرير بالقاهرة "ضد الانقلاب العسكري الناعم". ودعت إلى بدء الاحتجاج في الخامسة مساء بالتوقيت المحلي. وتعهدت الحركة في بيان أرسل لوكالة أنباء رويترز في وقت مبكر اليوم بحماية الثورة وحماية مصر من الحكم العسكري. والهدف الرئيس لمعارضة الحركة هو المرشح الرئاسي أحمد شفيق الذي عينه مبارك رئيساً للوزراء في الأيام الأخيرة من حكمه. وتخشى الحركة من أن يعيد بناء دولة مبارك القمعية ويبدد مكاسب الثورة وهو ما ينفيه شفيق. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن الولاياتالمتحدة التي طالما خشيت الإسلاميين والتي تقدم مساعدات عسكرية لمصر حجمها 1.3 مليار دولار سنوياً تتوقع أن يسلم الجيش السلطة بالكامل إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا. وذكرت جماعة الإخوان في بيان أمس أن حكم المحكمة يشير إلى "أننا مقبلون على أيام عصيبة لعلها تكون أخطر من الأيام الأخيرة من حكم مبارك". وأضاف البيان "كل مكاسب الثورة الديمقراطية يتم تبديدها والانقلاب عليها بتسليم السلطة لأحد أبرز رموز العهد البائد الذي أكد أن الرئيس المخلوع هو مثله الأعلى." وتعهد مرسي بالاستمرار في جولة الإعادة وحذر من مؤامرة على غرار ما كان يحدث في الانتخابات في عهد مبارك. وقال "إن حدث شيء من التزوير فإن النتيجة ثورة عارمة على المجرمين ومن يحمونهم وسنحقق أهداف ثورة 25 يناير كاملة وسيعلم الجميع قيمة إرادة الشعب الحر". وقال شفيق لأنصاره المبتهجين خلال حشد في فندق على مشارف القاهرة إن قرارات المحكمة "تاريخية" وأضاف "انتهى عصر تصفية الحسابات". وأمام مقر المحكمة الدستورية بالقاهرة ردد محتجون "يسقط يسقط حكم العسكر" ورشقوا بالحجارة القوات التي اصطفت حول المبنى المطل على نهر النيل. كما تجمع بضع مئات من المحتجين في التحرير وهو عدد لا يرقى إلى مئات الألوف التي احتشدت في الميدان خلال الانتفاضة وبعد إسقاط مبارك. وقال صلاح سيد محمود وهو نجار يبلغ من العمر 43 عاما انضم إلى المحتجين في الميدان الليلة الماضية "شفيق ينتمي للنظام القديم. لا يمكن أن نعيده. علينا أن نعطي مرسي فرصة. قرارات المحكمة كانت خاطئة". ومن بين أنصار شفيق مصريون ربما شعروا بالسعادة لرحيل مبارك لكنهم ضاقوا ذرعا بالاضطرابات ويرون أن شفيق يتمتع بالخبرة العسكرية اللازمة لاستعادة الأمن. ويتمتع مرسي بتأييد القاعدة الشعبية العريضة لجماعة الإخوان التي نشأت قبل 84 عاما. ويرى كثير من المصريين الذين صوتوا لمرشحين ينتمون لتيار الوسط في الجولة الأولى في المرشحين خيارين أحلاهما مر. فهم يخشون من تسليم السلطة مرة ثانية لرجل عسكري مثل مبارك وأيضا من تسليمها لإسلامي محافظ. وبالنسبة لهم أعادت الانتخابات إنتاج نفس المعارك التي هيمنت على الساحة السياسية المصرية لسنوات.. منافسة بين رجل مثل كل رؤساء مصر خلال الستين عاما الماضية يأتي من بين صفوف الجيش ضد الإخوان الخصم الدائم للسلطة. وقالت منى مكرم عبيد السياسية وعضو المجلس الاستشاري قبل صدور الأحكام "نساند الحراك السياسي للعلمانيين ضد الإسلاميين لدولة مدنية ضد دولة إسلامية". وأضافت "هذا هو ما نواجهه كقوى سياسية اليوم وهو ما يوصلنا إلى طريق مسدود تقريبا". مشيرة إلى شهور من الخلافات بين الجيش والإسلاميين والليبراليين وأحزاب أخرى تسعى لرسم مسار جديد للبلاد