يترتب على المؤسسات بشكل عام سواءً كانت تعليمية أو تجارية أو خيرية أن تصب جل اكتراثها على الجودة في العمل، والإتقان في المهام المناطة بها كافة، وهذا بلا أدنى شك أحد أبرز مؤشرات النجاح، وأكثرها اهتماما من ناحية الجودة والتقييم، حيث إن مقاييس النجاح في شتى المجالات تبرز كعلامة فارقة من خلال توافق العاملين، وتساند المنظومة في تلك المؤسسة، ما يتيح لها تطبيق المعايير، وفق ما سنته الجهات العليا المعنية بهذا الشأن. يدور في ذهني تساؤل، هل الضغوطات السيكولوجية وتطبيق النظام بحذافيره كما لو أنه كتاب «مقدس» يولدان النجاح، ويصقلان الموهبة، ويعززان الأداء الوظيفي كما ينبغي؟ وأقصد «النظام» الذي تجلت فيه البنود والاشتراطات بقالب صريح. الإجابة: نعم، ومن وجهة نظري، أن أغلب الضغوطات تولد الإبداع وتصقل الموهبة وتؤجج المشاعر، فيفيض منها الإبداع ويتدفق منها الحس بالمسؤولية، فالأخطاء تُصوب، والمُعقد يُوضح، والمستغلق يُبين، والناقص يستكمل. ليس بالضرورة أن يقاس العمل الناجح بأن يكون نابعاً من طيب خاطر أو مزاج عالِ أو بيئة عمل خصبة ومهيأة للإنتاجية. إطلاقا، لا أعتقد ذلك، فكلما زاد سقف همومك تأججت بداخلك الحلول، وأضاء النور بدربك. على الصعيد الأدبي، بزغت قامات أدبية لم تظهر إبداعاتها من رحابة البال وسلامة القلب وصفاء الفكر، بل نجاحها انبثق من رحم المعاناة ووجع المواقف وظلام النهار، تماما كالأديب الروسي «دوستوفيسكي» الذي شرع بالكتابة للفرارِ من واقعه المرير، فأصبحت كتبه ورواياته تتجول في الكرة الأرضية كلها، كأيقونة كفاح ترمز إلى البساطة وفناء الحياة. لذلك ينبغي على القائد أو الإداري بشكل عام أن يستند على ما أسميه ببند (الصرامة)، كسلوك إداري في اتخاذ القرارات إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لاسيما إذا طرق كل السبل السلمية ولم يجد الحلول، شريطة أن تكون الصرامة وفق ضوابط محدودة لا تتجاوز فيها حدود الذوق العام، ولا يستخدم فيها السلطة الجائرة أو التنمر الإداري الذي يشعر الموظف بفقدان الأمان الوظيفي في لحظة ما. مؤمن في قرارة نفسي بأن المرونة في نطاق العمل ركن من أركان التميز الإداري، حيث لا يمكن إسقاطها مهما كان محيط العمل مثبطاً.