أعلنت المملكة بصفتها شريكا أساسيا في دعم جهود تحالف الحضارات عن تبرعها بمبلغ 3 ملايين دولار دعمًا لخطة عمل وأنشطة وبرامج مكتب الأممالمتحدة لتحالف الحضارات على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة. جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها المندوب الدائم للمملكة لدى الأممالمتحدة السفير عبدالله المعلمي، أمس، في الاجتماع الوزاري لأصدقاء تحالف الحضارات الذي ينظمه مكتب الأممالمتحدة لتحالف الحضارات في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للدورة الرابعة والسبعين. نشر ثقافة السلام قدم المعلمي في بداية الكلمة شكره للممثل السامي لتحالف الحضارات ميغيل موراتينوس ومساعديه، على تنظيم هذا الاجتماع المهم لمناقشة تفعيل دور تحالف الحضارات، وجهوده في نشر ثقافة السلام والتسامح، وتعزيز دور الدبلوماسية المتعددة، والوقائية في وقت أصبح فيه العالم بحاجة ماسة لإرساء قيم التعايش وبناء جسور السلام في ظل ما نشهده من تصاعد في وتيرة العنف، ونشر خطابات الكراهية، والتدخلات في الشؤون الداخلية للدول، ونشر الأفكار الطائفية. السلم والأمن الدولي قال السفير المعلمي: يقول الله تعالى في كتابه الكريم «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ»، توضح هذه الآية الكريمة طبيعة الاختلاف بين الأمم في معتقداتهم وثقافاتهم وطبائعهم وطرق تفكيرهم، وهذا الاختلاف الذي يعد سنة كونية وميزة تميز البشر والمجتمعات، والاختلاف حكمة إلهية يتطلب الارتكاز إلى الحكمة والمنطق لتعزيز السلام ومد جسور المحبة والوئام. وأضاف قائلاً «193 هو عدد الدول الأعضاء في الأممالمتحدة الموقعة على ميثاقها الذي ينص في ديباجته واقتبس»، نحن شعوب الأممالمتحدة قد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار، وأن نضم قوانا لنحتفظ بالسلم والأمن الدولي. تصاعد خطابات الكراهية أوضح المعلمي أن العالم يشهد اليوم العديد من الصراعات بعضها ناتج عن تصاعد خطابات الكراهية، وتنامي إيديولوجيات العنف في عددٍ كبير من دول العالم، مما أدى إلى ما شهدناه من هجمات إرهابية على الأماكن المقدسة ودور العبادة وقتل الأبرياء الأمنين، مؤكدا أن هذا الأمر يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي لمواجهة هذه الظاهرة. وأردف المعلمي يقول «لابد من الإيمان بأن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يبرر أبداً الصدام بل يستدعي إقامة شراكة حضارية وبناء جسور التواصل والحوار». وأكد أن المملكة من أوائل الدول التي نادت بضرورة الحوار بين اتباع الأديان، ودعت إلى نشر ثقافة التسامح، وأسست لهذا الغرض مركز الملك عبدالله للحوار بين الحضارات واتباع الديانات، وتعاونت مع أنشطة الأممالمتحدة وتحالف الحضارات، مشيرا إلى أن المملكة استضافت مؤخرا مؤتمرا لرابطة العالم الإسلامي الذي عُقد في مكةالمكرمة في شهر مايو الماضي وبحضور أكثر من 1200 شخصية دينية، ونتج عن هذا المؤتمر إصدار وثيقة مكةالمكرمة التي تتضمن 29 بندا تدعو لنبذ العنف وإحلال السلام والتسامح. تحالف الحضارات مضى المندوب الدائم للمملكة يقول «العامل الأخر الذي يؤدي إلى الصراع هو الاحتلال، إن استمرار الاحتلال، وحرمان الشعوب من حقوقها، وممارسات التهميش والاضطهاد كل ذلك يساعد على انتشار أيديولوجيات التطرف، وخطابات الكراهية، ولنا في فلسطين مثال حي على ذلك، حيث إن استمرار انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلي للقرارات الدولية وتقويض كل فرص السلام، فضلاً عن الاستمرار بحصار الشعب الفلسطيني الشقيق، والاستيلاء على أرضه وتدمير ممتلكاته كان السبب الرئيسي في تهديد الاستقرار والسلم والأمن الدوليين». ونقل تثمين المملكة للجهود الحثيثة والملموسة التي يقوم بها الممثل السامي لتحالف الحضارات لتعزيز ثقافة السلام ومكافحة خطابات الكراهية ومواجهة الأفكار المتطرفة الآخذة بالانتشار والمتمثلة في انتهاك حرمة الأماكن المقدسة ودور العبادة وقتل الأبرياء. وأفاد أن مبادرة الممثل السامي لحماية المواقع الدينية كانت خطوة إيجابية في سبيل تعزيز القيم النبيلة ومد جسور المحبة والسلام والتصدي لكل من ينتهك حرمة الأماكن المقدسة وتوفير الأمن لدور العبادة، مشيرا إلى أن المملكة في مقدمة الدول الداعمة لهذه المبادرة، حيث إن تحالف الحضارات يؤدي دورا ساميا ومحوريا في تعزيز الحوار ونبذ العنف ومكافحة خطابات الكراهية. تحالف الحضارات منظمة تابعة للأمم المتحدة تأسست في 2005 ومقرها نيويورك منظمة دولية تشجع الحوار بين الحضارات والأديان لمحاربة الأفكار الجامدة والمواقف السلبية تجاه الشعوب تشجع على لقاء الحضارات في كنف التسامح والعمل المتشارك