أحيانا تكون التغطية الإعلامية للكوارث كارثية أكثر من الكارثة نفسها. قليلةٌ الجهات المهتمة تحديدا بعلوم crisis communications، الاتصال أثناء الكوارث بما فيها الحوادث الطبيعية، الهجمات الإرهابية، وغيرها. أخيرا، عندما سقطت طائرة تابعة للطيران الإثيوبي، وقتل على متنها 157 شخصا، لاحظت أمرا مثيرا. لم يهاجم الإعلام الإثيوبي خطوطه الجوية، ولا السلطة الإثيوبية أعلنت أي تهديد، ولكن صرّحت فقط بأن تحقيقا قيد الإجراء. وعندما توصلت نتائج التحقيقات إلى أن سبب تحطم الطائرة وسقوطها خلل من الشركة المصنعة، وليس للطيار الإثيوبي ولا شركته أي دور فيه، بدؤوا في حملتهم بالتوضيح وتحسين صورتهم، رغم بساطة الإمكانات الإثيوبية، لكن أعتقد أن هذا مثال ناجح على اتصال أزمة معاصر. خلال أوقات الأزمات والصراعات والحوادث، يصبح دور الإعلام حاسما في الإسهام بموضوعية في النقاش حول كيفية فهم المشكلة والرد عليها، وضمان أن المعلومات الصحيحة قد تم نشرها لكل مشارب المجتمع المحلي. وفقا لليونيسكو 2018، انطلاقا من حوادث التطرف والإرهاب العنيف، وأزمة اللاجئين العالمية المستمرة، وصولا إلى أمراض مثل الإيبولا، عملت كل التحديات التي نواجهها بمثابة اختبار على قدرة الإعلام على الاستجابة بفعالية ومسؤولية. تعمل اليونيسكو بنشاط على تطوير قدرات الإعلام من أجل ألا يخذل جمهوره عند حالات الطوارئ والكوارث، وذلك عبر عقد شراكات تضمن وصول المعلومات الحيوية إلى الفئات السكانية البعيدة أو غير القادرة، والتي تحتاج إلى المساعدة. على الإعلاميين مسؤولية كبيرة خلال الأزمات مهما كان نوعها، وحجمها، ومستواها، وعليهم واجب تجنب الإثارة وتشجيع الانقسامات الاجتماعية، وفرض انحيازاتهم الشخصية عند تغطية الأزمة، بدءا من وكالات الأنباء الدولية والصحافة والإذاعة والتلفزيون، وصولا إلى التقنيات الرقمية والهواتف المحمولة. الكثير يمكن تقديمه والعمل عليه لتطوير الاتصال خلال الكوارث، باختلاف المراحل والمنصات الإعلامية. الإعلام بكل وسائله جزء أساسي من أنظمة الإنذار وجزء أساسي من المشهد الأوسع لفهم وشرح أي نوع من الكوارث. التواصل الفعال خلال وقوع الكارثة مهم أيضا لضمان المصداقية والثقة، أن يثق السكان في السلطات لحماية الجمهور كأولوية أولى له في وقت قد تتدلى فيه الأرواح. وتكمن الأهمية الخفية لاتصال الأزمات في أنه يصنع من الجمهور نوعا من المجتمع المتماسك المترابط الذي قد يواجه المصير نفسه، مما يعزز شعور الهوية المشتركة. لا يمكن القول أبدا إن مواقع التواصل حلّت مشكلة اتصال الأزمة، بل على العكس يمكن مجادلة ذلك بفكرة أن تكرار التحذيرات والتنبيهات حول الأزمات عبر مواقع التواصل تسبب في تعقيد الوعي الظرفي، وبات من الصعب الوصول إلى المعلومة الصحيحة أو المؤكدة أو الحديثة. تطوير اتصال الأزمات بالنظر إلى الجمهورين: الداخلي والخارجي، المحلي والعالمي، موضوع مهم ومعاصر وضروري، وأتمنى ألا يغيب عن أذهان المعنيين به.