بدت الأجهزة الأمنية اللبنانية وتلك الدولية على سباق مع الوقت في بحثها لليوم الثاني على التوالي عن ضحايا طائرة ال «بوينغ» التابعة للخطوط الجوية الإثيوبية التي سقطت في البحر فجر أول من أمس، بعد دقائق من إقلاعها من مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت متجهة الى أديس أبابا وعلى متنها 90 راكباً من ضمنهم طاقم الطائرة، وذلك على رغم تضاؤل الأمل بالعثور على ناجين. إلا أن مواصلة عمليات انتشال ما تقذفه الأمواج الى الشاطئ الممتد من الناعمة الى بيروت وما يعثر عليه الغطاسون في أعماق البحر ضمن الرقعة التي حصل فيها الحادث، من حطام الطائرة المنكوبة وأشلاء جثث وأمتعة، بقي من دون توقعات أهالي الضحايا، الذين راحت تتقاذفهم المعلومات المتضاربة عن مصير ضحاياهم، خصوصاً ان المعلومات عن عمليات الإغاثة لم تكن متوافرة للإعلاميين في شكل وافٍ ودقيق. وإذ انتشلت فرق الإنقاذ جزءاً من جناح الطائرة مرسوم عليه العلم الإثيوبي نفى أمس، وزير الأشغال العامة غازي العريضي أن «يكون عثر على هيكل الطائرة الإثيوبيّة المنكوبة»، كما كان تردد صباحاً، موضحاً أنّ «ما تمّ تحديده هو المنطقة البحريّة التي يتواجد فيها هيكل الطائرة، وأنّ التفتيش في هذه البقعة الجغرافية بدأ منذ التاسعة صباحاً والحد الأقصى للانتهاء من تفتيشها سيستغرق 24 ساعة». وقال العريضي للصحافيين في مطار بيروت إنّ «البحث مستمر عن أجزاء الطائرة والصندوق الأسود كذلك». ولفت إلى أنّ «مكان وقوع الطائرة تحدّد بشكل واضح، ومنطقة التفتيش تمتد عمقاً في البحر 8 كلم انطلاقاً من مدرج المطار باتجاه جنوب - غرب، وبعرض 3 كلم». وأشار إلى أنّ «السفن التي تتولى عمليات التفتيش إحداها أميركيّة وأخرى تابعة لشركة خاصة». وكان العريضي قال في تصريحات صحافية: «إن قائد الطائرة لم يستجب للطلب بالتحليق في اتجاه معين قبل أن ينقطع الاتصال معه، وإن الطائرة انعطفت بحدة قبل أن تختفي من على شاشة الرادار، وسقطت بعد بضع دقائق في البحر ويخشى أن يكون جميع ركابها لقوا حتفهم». وأوضح ل «رويترز» أن «برج المراقبة طلب منه أن يذهب في اتجاه معين لكن الطيار لم يستجب ثم انقطع الاتصال واختفت الطائرة من على شاشات الرادار»، وقال: «لا نعرف لماذا فعل ذلك أو ما حدث»، مضيفاً أن «من المهم عدم القفز الى استنتاجات بأن الطيار مخطئ وانه يجب الانتظار حتى يتم العثور على الصندوق الأسود لمعرفة السبب الحقيقي للحادث». الجيش اللبناني وصدر عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني عصراً بيان أوضح عمليات الإنقاذ الحاصلة، وأفاد ان «منذ فجر اليوم (أمس) تقوم سفينة عسكرية أميركية مجهزة بأعتدة متطورة مع مركب مدني وصل من قبرص متخصص بأعمال الإغاثة والإنقاذ، إضافة الى قطعتين بحريتين تابعتين لقوات الأممالمتحدة الموقتة في لبنان، بسبر أعماق المنطقة حيث يحتمل وجود الجسم الرئيسي للطائرة». وأضاف البيان ان «كلاً من القوات البحرية والجوية اللبنانية وفوج مغاوير البحر والوحدات البرية، يواصل توسيع عمليات البحث عن المفقودين في أعماق البحر وعلى امتداد السطح المائي لمنطقة سقوط الطائرة والشاطئ المحاذي لها، وتمكنت هذه القوى حتى صدور هذا البيان، من انتشال أربع عشرة جثة، إضافة الى أشلاء من إحدى الجثث. كما تم تجميع أجزاء من حطام الطائرة بما فيها جزء من جناحها الأيسر في منطقة الرملة البيضاء». فريق التحقيق الإثيوبي وكان المدير العام للطيران المدني حمدي شوق عقد صباحاً اجتماع عمل مع أعضاء وفد التحقيق الإثيوبي الذي كان وصل عصر اول من امس، الى بيروت، وخصص للبحث في كيفية مشاركة الوفد الإثيوبي في التحقيق عملاً بالأنظمة الدولية كون إثيوبيا البلد المشغل للطائرة. ووضع شوق الوفد في آلية المشاركة في التحقيقات، وأبدى الوفد رغبته في معاينة موقع سقوط الطائرة والاطلاع على المعلومات المتوافرة من قبل سلطات الطيران المدني اللبناني حول هذه الكارثة الجوية. وشوهد الوفد الإثيوبي لاحقاً يتابع من على الشاطئ مواقع عمليات الإغاثة في البحر من قبل الفرق المختصة من الجيش اللبناني والقوات الدولية والسفينة الأميركية التي انضمت الى فرق الإنقاذ . ووصل الى بيروت عصراً، عضوا مكتب التحقيق الفرنسي في حوادث الطيران (BEA) بان بوليكان وايمانويل دوليار آتيين من باريس للمشاركة في التحقيقات الجارية في بيروت في شأن الطائرة الإثيوبية. الخطوط الجوية الإثيوبية وفي أديس أبابا، عقد المدير التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية اتو جيرما ويك مؤتمراً صحافياً لإطلاع الرأي العام الإثيوبي على سير أعمال الإنقاذ في بيروت، فأعرب فيه عن اسفه للحادث المأسوي الذي تعرضت له الطائرة التي كان من المقرر ان تقوم بالرحلة الرقم 409. وإذ عبر عن تعازيه الحارة لعائلات الضحايا وأصدقائهم، أكد «ان الحكومة اللبنانية شكلت فريق إغاثة تقوده وزارة الأشغال العامة والنقل ويساهم في عمليات الإنقاذ الجيش اللبناني الى جانب القوات الدولية العاملة في لبنان والبحرية الأميركية». وأشار جيرما الى ان فريقاً من الخبراء المتخصصين بإدارة الأزمات والتعامل مع حوادث الطيران يتوجه الى بيروت من لندن، وان الفريق مؤلف من ثمانية اعضاء للمساعدة في عملية الإنقاذ وإيجاد مركز مساعدة عائلية لمساعدة أهالي الضحايا». وأعلن عن خط إثيوبي ساخن 0027116352000 وأكد ويك «انه سيتم انتشال الصندوق الأسود وجسم الطائرة التي تحطمت في البحر بعد إقلاعها من بيروت ولكن الأمل بالعثور على ناجين آخرين ضئيل. وقال: «أعتقد أنهم (المشاركون في اعمال الإنقاذ) سيكونون قادرين على رصد جسم الطائرة والصندوق الأسود ومن المحتمل بدرجة كبيرة أن يتم تحديد موقع الصندوق الأسود عاجلاً، وبمجرد تحديد موقعه وانتشاله سيجرى التحقيق بسهولة أكبر».br / وأضاف: «إن فرق الإنقاذ اللبنانية تعتزم توسيع نطاق عمليات البحث قبالة ساحل قرية الناعمة التي تقع على بعد عشرة كيلومترات جنوب العاصمة بيروت بعدما أعاقت عمليات البحث الأحوال الصعبة في البحر والأمواج العاتية». وعن احتمال العثور على ناجين، قال: «لا يمكنني قول ذلك. ذلك صعب جداً جداً. أولاً لأن مياه البحر باردة. ثانياً هذه فترة طويلة. كما تعلمون أنه بعد زلزال هايتي وبعد ساعات كثيرة لا يزال أناس كثيرون يتم انتشالهم من تحت الأنقاض. لن أقول أن ذلك مستحيل لكني أعتقد ان الاحتمالات ليست كبيرة هكذا». وأضاف المسؤول الإثيوبي أن الطائرة أخضعت للصيانة آخر مرة في 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي ولم تكن هناك مشاكل تقنية. وأشار الى ان «عملية البحث والإنقاذ علقت مساء أمس (أول من امس) بسبب ادلظلام وارتفاع أمواج البحر ولكنها استؤنفت منذ السادسة صباح اليوم (امس) بتوقيت بيروت والسابعة صباحاً بالتوقيت المحلي هنا (في أديس أبابا)». وعن تعامل السلطات اللبنانية مع الكارثة، أوضح ويك ان «استجابة لمناشدة الحكومة اللبنانية لطلب مساعدة دول صديقة أرسل الفرنسيون متخصصين وقطعاً بحرية إلى بيروت. وأرسلت قطع من البحرية الأميركية، ووصل إلى بيروت فريق من المحققين من بينهم مسؤولون من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية». ورد ويك على ما قاله الوزير العريضي في شأن الطيار بالقول: «انه كلام غير ناضج، وتعليقات متسرعة ولا أعتقد انها تفيد أحداً». وأمل ويك بالعثور على أجساد الضحايا في الموقع الذي سقطت فيه الطائرة. وكانت شركة الخطوط الجوية الإثيوبية أكدت ان «الطيار يتمتع بأكثر من 20 سنة خبرة»، لكنها رفضت الكشف عن اسمه او عن تفاصيل رحلات قام بها سابقاً». وذكرت الشركة أن الطائرة البوينغ 737 - 800 وهي طراز حديث من أكثر طائرات بوينغ مبيعاً غادرت المصنع الأميركي عام 2002. وقالت إنها استأجرت الطائرة في ايلول (سبتمبر) من شركة (سي.آي.تي إيروسبيس) التابعة لمجموعة (سي.آي.تي). «بوينغ» وقالت شركة «بوينغ» الأميركية المصنعة للطائرات إنها تقوم بالتنسيق مع هيئة سلامة النقل الجوي الأميركية لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق. الشركة المشغلة سابقاً وفي روما، أعرب الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الإرلندية مايكل أوليري عن اعتقاده بأن شركته «كانت تشغل طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية طراز بوينغ 737 - 800 التي تحطمت قبالة سواحل لبنان حتى نيسان (ابريل) الماضي قبل ان تبيعها». وأفاد أن الشركة الإرلندية باعت الطائرة في نيسان من دون أن يحدد المشتري. وقال: «أعتقد أنها خضعت للصيانة وقاموا ببعض الأعمال فيها بين نيسان وأيار (مايو)، أعتقد أنهم أجروها للخطوط الجوية الإثيوبية في ايلول (سبتمبر) وحدث شيء ما لها. لسنا متأكدين بعد لكن ربما تكون هي الطائرة نفسها التي تحطمت أمس». br / وقال أوليري لوكالة «رويترز» بعد مؤتمر صحافي عقده في روما: «لا نعلم ماذا حدث. الأمر يشبه أن تبيع سيارتك ويقع حادث لسائقها الجديد بعد 11 شهراً. ليست لنا علاقة بأي شيء». سليمان والحريري وتابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان اتصالاته بالمسؤولين المعنيين للاطلاع على المراحل التي قطعتها أعمال البحث عن مفقودي ضحايا الطائرة، واطلع على تقارير واردة في هذا الشأن. وزار رئيس الحكومة سعد الحريري عصراً القنصلية الإثيوبية في منطقة بدارو يرافقه وزير الصحة محمد جواد خليفة وقدم التعازي الى قنصل إثيوبيا لدى لبنان اسامينيو دابلي بونسا بالضحايا الإثيوبيين الذين قضوا في الطائرة المنكوبة، وأعرب له عن «تأثره العميق إزاء هذه الفاجعة التي أصابت لبنان وإثيوبيا»، وطلب منه نقل مواساته وتعازيه لأهالي الضحايا وللحكومة والشعب الإثيوبيين.