التأثير الذي تحدثه الأزمة الطارئة يطال سمعة المنشأة ومسؤوليها والعاملين فيها أمام الرأي العام وتؤثر فيهم بشكل مباشر وقد تكون تكلفتها باهضة عليهم، فكما يقال في هذا المجال ان الخطة الجيدة لإدارة الأزمة تؤدي بإذن الله إلى إنقاذ أو التقليل من الخسائر في الأرواح والممتلكات، فإن القدرة على إدارة العلاقات والتواصل الجيد يؤدي إلى إنقاذ المنشأة وسمعة العاملين فيها. وفي هذا المقال أود التركيز على عنصر مهم يتجاوز إدارة العلاقات العامة التقليدية وبات على درجة من الأهمية بحيث أصبح جزء من خطط إدارة الأزمات حاليا وهو ما يعرف ب" إدارة الاتصال الفعال" للأزمة. أو(crisis communication) فبموجب ذلك يتم تطوير استراتيجية متقنة لتلقي وايصال المعلومة ونقلها وتبليغها للشرائح المستهدفة في المجتمع المعنية بالأزمة الحاصلة وهي تشمل ما يلي: إصدار رسالة موحدة وواضحة لا تضارب فيها، معلومة الرسالة يجب ان تبنى على الحقائق لا غير باتفاق وتنسيق جميع العالمين في المنشأة، ايصال الرسالة إلى الشرائح المستهدفة في المجتمع بوسائط مزدوجة ومتعددة وعدم الركون إلى أسلوب أو وسيلة واحدة لضمان وصولها بشكل مؤكد وفعال، الاستعانة بمحللين حياديين للأزمة لاضفاء المصداقية على الرسائل التي تصدرها المنشأة، التواصل المباشر ليس فقط مع الإعلاميين وإنما مع الجمهور من خلال كل وسائل الاتصالات الأخرى المتاحة، بريد الكتروني، مواقع الكترونيه، شبكات تواصل إجتماعي، وإن أمكن عقد اللقاءات المنظمة في ندوات أو محاضرات أو أي مناسبات مختلفة. لماذا يجب عدم الاكتفاء بالتواصل فقط مع الإعلاميين خلال الأزمة ؟ السبب: لأنه ثبت في عدد غير قليل من الأزمات ان المعلومة لا يتم نشرها بالشكل المرضي للمنشأة وكثيراً ما رأينا مسؤولاً ما ينتقد علناً صحفياً أو صحيفة أو وسيلة إعلامية بسبب ما يراه تحريفاً للمعلومة التي رغب في ايصالها للرأي العام! وهنا أشير إلى تجربة سابقة لوحظ أثرها الايجابي من قبل التجار المستوردين للأرز الذين رأوا أن الإعلام لم ينصفهم ولم يوصل وجهة نظرهم في بداية أزمة ارتفاع الأسعار بشكل حيادي ،فلجأوا إلى التوجه للمستهلكين مباشرة عبر إعلانات مدفوعة الثمن وندوات كانت واضحة وجيدة . وأما أهم الخطوات التي يجب على المنشأة القيام بها لإدارة العلاقات والاتصال الفعال وكذلك أهم الأخطاء التي يجب تجنبها فهي: أولاً: إنشاء فريق عمل خاص بإدارة المعلومات وايصال الرسائل (crisis communication team). ليس بالضرورة ان يكون فريق عمل كبير وإنما فعال ويرأسه المسؤول الأول في المنشأة كالرئيس التنفيذي فيها أو الوزير أو ونائبه مثلاً. ويفضل ان يضم مدير العلاقات العامة والشخص المسؤول عن الشؤون القانونية إن وجد، إضافة إلى من يجيد التعامل مع الإعلام ومواجهة الجمهور. ثانياً: تحديد الأفراد المخول لهم بالتحدث خلال الأزمة باسم المنشأة، ويجب بالطبع ان يكون على رأسهم المسؤول الأعلى في المنشأة ولكن ليس بالضرورة ان يكون هو المتحدث الرئيسي أو الدائم. ثالثاً: إنشاء نظام أو مركز إصدار بيانات (إعلامي) خاص بالأزمات ويتم تفعيله فور حدوث الأزمة (notifications system). ولا يجب ان تغفل المنشأة أحد أهم المستهدفين بالمعلومة، وهم الأفراد العاملين في المنشأة نفسها. فكل موظف في المنشأة هو بمثابة مندوب علاقات عامة لها، لذا يجب وضعهم في قائمة الأولويات في إيصال المعلومة لهم. خامساً: التأكد من توحيد الرسائل الأساسية والمعلومات المطلوبة بين جميع أفراد المنشأة وخاصة مسؤولي العلاقات ومركز إصدار المعلومات والبيانات. أما أهم الأخطاء التي يمكن إرتكابها في إدارة العلاقات العامة والاتصال الفعال فهي: -تجاهل الأزمة أو عدم أخذها بجدية على أمل ان تزول سريعاً ولا يتذمر منها الكثير ، -الاعتقاد بأن سمعة المنشأة أو مكانة مسؤوليها الكبار كفيلة بالتعامل مع الأزمة وكفيلة بتجاوزها سريعا -التعامل مع الإعلاميين كما وأنهم أعداء أو انتهازيون! حتى أولئك الصحفيين الذين لم تكن على وفاق معهم في يوم ما يجب عدم اعتبارهم أكثر من أناس يؤدوا عملهم المهني كما يعرفوه، وبالتالي سرعة التواصل معهم واحتوائهم وكل ما يصدر عنهم للرأي العام ، يعتبر هذا خيارك الذي لا مناص منه. -التأخر في تولي زمام الأمور والقيادة لها بدلا من مجرد القيام بدور رد الفعل والدفاع عن كل ما يصدر. إن إدارة المعلومة خلال الأزمة وتوجيه الإعلام بالتفاعل وأخذ المبادرة أولى كثيراً من الانتظار للرد على السلبيات التي يتم إثارتها من حين إلى آخر - تجنب استخدام لغة أو مصطلحات لا يفهما الجمهور اعتقاداً ان ذلك من باب الوجاهة أو (الفذلكة)فهناك مصطلحات فنية قد لا يفهمها إلاّ من يعمل في المنشأة أو ممن هم من أصحاب الاختصاص فابتعد عنها قدر الإمكان واجعل رسائلك للجمهور سهلة وكما يمكن ان يفهموها. والله خير معين.. عضو الجمعية السعودية للإدارة