وصفت تقارير الخطوة التركية بالتنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، بأنها تأتي في إطار التوظيف السياسي لتصفية حسابات أنقرة مع بعض القوى الإقليمية، لا سيما مع تصاعد خلافات تركيا مع عدد من دول الإقليم التي ترفض تدخل أنقرة في شؤونها. وأشارت التقارير إلى أن أطماع تركيا في غاز المتوسط، يدخلها دائرة جديدة من الصراع، تزيد من عزلتها في المنطقة والعالم، لاسيما وأن عمليات التنقيب تخالف الاتفاقات الدولية، كما أن الاتحاد الأوروبي قد يلجأ إلى بعض الإجراءات العقابية، خصوصا أن قضية غاز المتوسط تمثل ملفا حيويا للاتحاد، على اعتبار أنه بديل محوري للغاز الروسي، وهذه قضية استراتيجية وليست اقتصادية بحتة، وبالتالي فإن أوروبا قد تفرض عقوبات أو تعلق تسليم أسلحة للجيش التركي. كانت السلطات البحرية التركية قد أعلنت نيتها إجراء عمليات تنقيب عن الغاز في منطقة من البحر المتوسط، بينما قالت السلطات القبرصية، إن عملية التنقيب تندرج ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للجزيرة، كما حذر كل من الاتحاد الأوروبي ومصر من الأنشطة التركية غير القانونية في البحر المتوسط. ووقعت جمهورية قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي والتي لا تمارس سلطتها سوى على ثلثي الجزيرة، عقودا للتنقيب عن الغاز مع شركات عملاقة مثل إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وإكسون موبيل الأميركية. لكن أنقرة التي اجتاحت قواتها الشطر الشمالي من الجزيرة عام 1974 ردا على محاولة ضم الجزيرة لليونان، تطالب بوقف أي عملية تنقيب مع استمرار عدم التوصل إلى حل بين القبارصة اليونانيين والأتراك. توتر العلاقات مع مصر وقبرص وحسب التقارير، فإن العلاقات المصرية التركية دخلت بعد 30 يونيو نفقا مظلما، بعدما أطاح المصريون بحكم جماعة الإخوان المدعومة من أنقرة، وما أعقب ذلك من تدخلات تركية في الشأن المصري. نفس الوضع في حالة العلاقات التركية القبرصية المتوترة عقب اجتياح 1947، فيما بدا أن السلطات المصرية تبنت استراتيجية التقارب مع قبرص واليونان، عبر الزيارات المتبادلة، في مقابل إعادة النظر في موضوع تقاسم الموارد الطبيعية بما فيها الغاز. غضب أوروبا كانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني، قد أعربت عن «قلقها البالغ» حيال «إعلان تركيا نيتها القيام بأنشطة تنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص». وذكرت في بيان أنه «في مارس 2018، ندد المجلس الأوروبي بشدة بمواصلة تركيا أنشطتها غير القانونية في شرق البحر المتوسط»، مؤكدة أن «الاتحاد الأوروبي سيرد عليه في شكل ملائم وبتضامن كامل مع قبرص».