أكد السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري أن إجراءات اتخذت لضمان سلامة مواطني المملكة الموجودين على الأراضي اللبنانية من طلاب وسياح في ظل الظروف الأمنية غير المستقرة التي يشهدها بعد الاشتباكات الأخيرة. وبين السفير عسيري ل"الوطن" أن لقاءات جمعته أمس برئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ووزير السياحة فادي عبود لتحديد قدرة الحكومة اللبنانية على ضمان أمن السائح السعودي وسلامته، وأشار إلى أنه سيجتمع اليوم برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وقال إن "هناك جهودا لتهدئة الأوضاع وضبط الجانب الأمني قبل تفاقمه وخروجه عن السيطرة، فيما نتابع ونراقب في سفارة خادم الحرمين الشريفين ما يجري من تطورات عن كثب، ونرفع المستجدات على المستوى الميداني مع تقييمنا لها ساعة بساعة لنترك للحكومة السعودية اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب". وأكد عسيري أن "الأولوية التي لا تجامل فيها الحكومة السعودية هي سلامة مواطنيها التي تعتبر محط جهدنا المتواصل"، مبيناً أن تعاوناً قدمته الحكومة اللبنانية وضمانات لتوفير السلامة والأمن لمواطني المملكة الموجودين والقادمين بشكل كامل، وأنه لا يوجد هناك مخاوف على أمنهم وسلامتهم. وكان التوتر استمر في لبنان أمس غداة مقتل رجل الدين السني أحمد عبد الواحد ومرافقه في منطقة الشمال على يد الجيش اللبناني، ما أثار احتجاجات تطورت إلى قطع طرق في عدد من المناطق، ثم إلى اشتباكات في أحد أحياء غرب بيروت تسببت بمقتل شخصين. وأثارت هذه الحوادث الأخطر منذ أعمال العنف في مايو 2008 والتي تأتي بعد اشتباكات بين سنة وعلويين في مدينة طرابلس في الشمال، انطباعا بأن الاضطرابات السورية التي تلقي بظلالها على أحداث لبنان، بدأت تمتد إلى البلد الصغير المجاور ذي التركيبة السياسية والطائفية والأمنية الهشة. وأفادت المصادر عن مقتل "شخصين على الأقل وجرح 18 آخرين" باشتباكات وقعت ليلا بين عناصر من تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري وعناصر من حزب التيار العربي المؤيد للنظام السوري في حي الطريق الجديدة ذي الغالبية السنية في غرب بيروت. ويرأس شاكر البرجاوي التيار العربي، وهو تنظيم صغير غير فاعل في الحياة السياسية اللبنانية، نشأ قبل سنوات معدودة ومعروف بارتباطاته بسورية. وكان البرجاوي مسؤولا في إحدى المليشيات اللبنانية المقاتلة خلال الحرب اللبنانية (1975-1990). وتم تشييع الشيخ عبد الواحد ومرافقه أمس في قريتهما البيرة بقضاء عكار، في موكب ضم مئات السيارات التي لاقتها جموع من الناس على الطرق رشقت الجثمان بالزهور والأرز، بينما كان مسلحون على طول الطريق يطلقون الرصاص في الهواء. ودعت دار الفتوى إلى ثلاثة أيام حدادا على الشيخ عبد الواحد. وأعلن تيار المستقبل الالتزام بالحداد، مشددا على أنصاره "التقيد بالطابع السلمي للإضراب ولأي تعبير ديموقراطي في إطار القانون". كما أعلنت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية (سنية) "إقفال جميع مدارسها في بيروت والمناطق" أمس، حدادا على استشهاد الشيخ أحمد عبد الواحد". وأفاد مصدر أمني أن كل الطرق التي قطعت ليلا أعيد فتحها أمس. وسجل إقفال للمحلات التجارية والمؤسسات اليوم في طرابلس ومنطقة عكار. وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والقيادات السنية السياسية والروحية دعوا إلى التهدئة وإلى عدم السماح بجر لبنان إلى "الفتنة". وإكد ميقاتي إن التحقيق جار في الحادث وأن المسؤولين سيحاسبون. وأفاد مصدر قضائي أن "21 عسكريا بينهم ثلاثة ضباط أوقفوا على ذمة التحقيق" في قضية مقتل عبد الواحد ورفيقه. وقبل ظهر أمس، وبدعوة من القوى الإسلامية في مدينة صيدا، تجمع عشرات الأشخاص ونفذوا اعتصاما في وسط المدينة، احتجاجا على الحادث. وألقيت كلمة باسم الجماعة دعت إلى محاسبة "المجرمين في صفوف الجيش الذين يعملون لمصلحة أنظمة الطغيان والاستبداد الخارجية"، في إشارة إلى السلطات السورية.