:. الخالق عز وجل هدى البشر إلى الاهتداء بالنجوم في معرفة المسالك الموصلة إلى الممالك، في معرفة الوقت والتوقيت والفصول : {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} تقسيمات السنة العرب قديماً قسموا السنة إلى أنواء وطوالع تمثلها نجوم معينة محددة ومعروفة في القبة السماوية، حيث قسموا القبة إلى 28 جزءاً كل جزء يمثل منزلة وفسحة ينزل بها القمر ليلة واحدة وتنزل الشمس في كل واحدة 13 يوماً، وكل منزلة منسوبة لنجم أو مجموعة نجوم تمثلها وتكون مشاهدة في هذا الجزء من القبة الفلكية المنازل هي: الإكليل، القلب، الشولة ، النعايم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الأخبية، المقدم، المؤخر، الرشا، الشرطين، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذراع، النثرة، الطرف، الجبهة، الزبرة، الصرفة، العواء، السماك، الغفر، الزبانا، وكل منزلة لها 13 يوماً عدا الجبهة فلها 14 يوماً والمجموع 365 يوماً وهي أيام السنة الشمسية، وغالباً ترى 14 منزلة ظاهرة في القبة الفلكية وتكون 14 منزلة أخرى غاربة في النصف الثاني من القبة الفلكية، وعندما تشرق منزلة في الشرق ويطلق عليها العرب البارح تغرب منزلة أخرى في الغرب ويطلق عليها العرب النوء . ***** المتأخرون من العرب غيروا قليلاً من المسميات المنسوبة للمنازل والأنواء إلى آلية أخرى جمعت عدة منازل وأنواء في مسمى واحد حيث بدؤا سنتهم النجمية أو (السهيلية) بطلوع نجم سهيل وعدد أيامه 53 يوماً وله من المنازل أربع (الطرف، الجبهة، الزبرة، الصرفة)، يليه الوسم وهو ليس نجماً بل صفة لوقت من السنة وعدد أيامه 52 يوماً وله من المنازل أربع (العواء، السماك، الغفر، الزبانا)، تليه المربعانية وعدد أيامها 39 يوماً ولها من المنازل ثلاث (الإكليل، القلب، الشولة)، يليها الشبط وعدد أيامه 26 يوماً وله من المنازل منزلتان (النعايم، البلدة)، تليه العقارب وعدد أيامها 39 يوماً ولها من المنازل ثلاث (سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود)، يليه الحميمين وعدد أيامه 26 يوماً وله من المنازل منزلتان (سعد الأخبية، المقدم)، يليه الذراعين وعدد أيامه 26 يوماً وله من المنازل منزلتان (المؤخر، الرشا)، تليه الثريا وعدد أيامها 39 يوماً ولها من المنازل ثلاث (الشرطين، البطين، الثريا)، يليه التويبع وعدد أيامه 13 يوماً وله من المنازل منزلة واحدة (الدبران)، تليه الجوزاء وعدد أيامه 26 يوماً ولها من المنازل منزلتان (الهقعة، الهنعة)، يليه المرزم وعدد أيامه 13 يوماً وله من المنازل منزلة واحدة (الذراع) وأخيراً الكليبين 13 يوماً وله من المنازل منزلة واحدة (النثرة). ***** :. ويأتي دخول موسم الوسم بعد دخول طالع الصرفة وهو آخر نجوم سهيل الأربعة، وسميت بالصرفة لانصراف الحر عند طلوعها فجراً من المشرق، ويختلف وقت دخول موسم الوسم من حساب إلى آخر ففي حين تقويم أم القرى يجعل دخوله في 16 أكتوبر بينما حسابات أخرى تجعله في 10 أكتوبر كما عند إبن بسام الفلكي رحمه الله، وينتهي الوسم في 6 ديسمبر فيكون عدد أيامه 52 يوماً، والوسم ليس بمنزلة أو نجم في السماء وإنما هو مصطلح يضم أربع منازل قمرية كما أسلفت العواء ودخوله في 16 أكتوبر، يليه السماك ودخوله في 29 أكتوبر، يليه الغفرودخوله في 11 نوفمبر، وأخيراً الزبانا ودخولها في 24 نوفمبر. وسم لاديم الارض بالنماء في أول الوسم وفي وسط السعودية تكون حصة الليل حوالي 12:28 ساعة بينما حصة النهار حوالي 11:32 ساعة، ويستمر فيه الليل يأخذ من حصة النهار بمعدل دقيقة ونصف إلى دقيقة يومياً حتى منتصف ديسمبر على وجه التقريب، وفي الوسم أبكر وقت لدخول وقتي صلاة الظهر والعصر خلال العام، كما في آخره أبكر وقت لدخول وقتي صلاة المغرب والعشاء خلال العام وسيستمر بمشيئة الله تعالى حتى مطلع ديسمبر. ***** :. ومعنى الوسم هو الكي أو أثر الكي وسميت هذه الأيام بالوسم لأن أمطارها بإذن الله تعالى تسم الأرض بالخضرة والكلأ، ومطره محمود ونافع للأرض بإذن الله تعالى وهو منبت للكمأة وأصناف النبتات البرية، ويقال احسب من أول مطره 70 يوماً ويظهر أول الفقع وربما أبكر من ذلك والله أعلم سهيل يبرد عند دخول الوسم تواصل الشمس انحدارها إلى الجنوب، وتبدأ الأجواء بالتحسن وتنخفض درجة الحرارة ويبرد الليل، ويشعر الإنسان في البر بحاجته لإشعال النار ليلاً، وفيه بداية تسخين الماء في الوسطى، وفيه قد يغلق بعض الناس التكييف البارد ليلاً لاعتدال الجو، وفيه نشاط فيروس الأنفلونزا الموسمية بين الناس، وفي آخره ومع بداية ديسمبر يبدأ معظم الناس بارتداء الملابس الشتوية في معظم المناطق خاصة الفجر، وفي موسم الوسم تبدأ هجرة طيور الحبارى والكروان والكرك الأصلع، وفي آخره تبدأ هجرة طيور الجوني والكدري. رطوبة وامطار ويتزامن دخول الوسم مع قدوم المنخفضات الجوية والتي بإذن الله تعالى تجلب الرطوبة والأمطار وحالة عدم الاستقرار والتي يبدأ تأثيرها على المملكة من منتصف شهر أكتوبر إلى شهر مايو، وهذه المنخفضات الجوية تنقسم إلى نوعين الأول: المنخفضات الحركية الجبهوية والتي لديهاجبهتان دافئة وباردة كمنخفضات البحر المتوسط، والنوع الثاني: منخفض البحر الأحمر الحراري وهو وليس له جبهة حركية، وعندما يتحد المنخفضان مع وجود أخاديد باردة علوية تحدث بإذن الله تعالى حالة من عدم الاستقرار الإيجابية والتي قد تسيطر على المنطقة لبضعة أيام مخلفة أمطاراً وسيولاً عظيمة تغص بها الأودية والسدود وتنقلب الصحاري والقفار إلى مروج وأنهار كما حدث موسم العام الماضي 1429ه 2008م عندما سال وادي الرمة لأسبوعين تقريباً ومعه مئات الأودية والشعاب، ووفق الاستقراء المناخي التاريخي فإن شهر نوفمبر يعد الأكثر أمطاراً في الوسطى بعد شهري أبريل ومارس. الوسم والتنبؤات طويلة المدى .. . نقرأ كما نسع عن التوقعات والتنبؤات الجوية Forecasting طويلة المدى لعنصر درجة الحرارة أو المطر وذلك للموسم القادم، والسؤال المطروح هل تستطيع النماذج الرياضية Models أو الخبرات الميدانية بالتنبؤ طويل المدى؟ وهل هناك علامات جوية ومظاهر طقسية يعتمد عليها المتنبئ الجوي لمعرفة حال الموسم القادم؟ وهل طبيعة النمط التكراري للتهطال فوق السعودية تسمح بالتنبؤ طويل المدى للموسم القادم؟ أزعم أن مناخ وطقس الجزيرة العربية من الصعوبة والتعقيد بمكان لدرجة أن موسم الأمطار (من أكتوبر إلى مايو) لا يكاد يخضع لنمط تكراري من الممكن معه استقراء المستقبل والتنبؤ بموسم رطب أو جاف، ومعظم المحاولات في هذا السياق ليست دقيقة ولا موثوق بها وإن صدقت مرة أو مرتين فهي من باب الصدفة والتخمين والله أعلم. :. "كذب المنجمون ولو صدقوا" يعتقد كثيرون أن هذا النص حديث وهو ليس كذلك، وهذه المقولة يقذف بها بعض الناس مستقرئي الأحوال الجوية! والصحيح أن علم التنبؤات الجوية قائم على معطيات علمية وبيانات رقمية وخبرات تراكمية تقترب إلى الحقيقة كلما كانت الفترة قصيرة، ومعرفة أحوال الطقس المستقبلية شأن غيبي للعامة، ولكنه في الوقت نفسه ليس غيبياً للمشتغلين في هذا العلم، وتوقعاتهم صوابها أكثر من خطئها خاصة عندما تكون الفترة الزمنية قصيرة، ومع ذلك هم يتوقعون المطر ولا يجزمون به لعلة تعرفونها. ***** :. والتنبؤات الجوية قصيرة المدى (أسبوع مثلاً) موثوق بها بنسبة تتوقف حسب طول الأيام المتبقية فكلما قصرت الفترة الزمنية زادت نسبة الثقة والعكس صحيح، ويعتبر التنبؤ بعنصر المطر هو الأصعب ونسبة الثقة فيه ضعيفة بخلاف بقية عناصر المناخ كدرجة الحرارة والرياح والرطوبة وتكوّن السحب وغيرها، ومع ذلك أقول دائماً لا تثق بالتنبؤات الجوية 100%. ***** *عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم www.almisnid.com [email protected] شوال 1430ه - أكتوبر 2009م