كشف خبير أمني أمريكي أن إدارة الرئيس جورج بوش تتابع بسرية وبتنسيق مع “حلفائها” العراقيين تطبيق مشروع “تثليث” البلد المحتل كردياً وشيعياً وسنياً، من خلال “الأقلمة الإثنية”؛ لوأد مشروع الدولة المركزية القوية، فيما أقر مجلس النواب الأمريكي قانوناً يشترط مناصفة تكلفة إعادة إعمار العراق بين حكومته والاحتلال. في وقت دخل السجال العراقي حول الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية مع واشنطن مرحلة جديدة، مع تجديد المرجع الكبير علي السيستاني مطالبته الحكومة العراقية بالحفاظ على “السيادة كاملة غير منقوصة” في الاتفاقية، فيما نظم التيار الصدري تظاهرات رفض للاتفاقية. وكشف البروفيسور باري بوسن، مدير برنامج الدراسات الأمنية في “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” في مقال افتتاحي نشرته صحيفة “بوسطن جلوب” أن إدارة بوش تتابع بدقة وبسرية وبتنسيق شديد مع “حلفائها” في العراق تطبيق مشروعها في “الأقلمة الإثنية” الذي يقود، وبهدوء وتحت لافتة التوزيع العادل للسلطة والثروات، إلى تثليث العراق كردياً وشيعياً وسنياً، ذلك لأن الدولة المركزية القوية في رأي كل الأطراف المشاركة في السلطة “عرضة” لهيمنة جهة دون أخرى إذا ما تغيّرت الموازين. وأضاف بوسن أن الأكراد جاهزون فعلاً لمشروع “النظام السياسي الجديد” في البلد، وفيما يختلف الشيعة على هذا النظام، فإن الولاياتالمتحدة تعمل مع حليفها الأساس “المجلس الإسلامي الأعلى” الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم في اتجاهي؛ إدامة الدعم لسلطة نوري المالكي لإبقائها في مسار “الأقلمة” التدريجية، أي بالانتقال من سلطة المحافظات إلى سلطة الأقاليم، والاستمرار في خنق أتباع التيار الصدري لتقليل إن لم يكن ممكناً تغييب تأثيرهم في الشارع العراقي. ويرى الخبير الأمني أن الولاياتالمتحدة تدعم الدولة المركزية لكن بسلطات محدودة فقط، وإعطاء المزيد من السلطات للحكومات المحلية في المحافظات في الجانبين الإداري والسياسي وفي إدارة المصادر أيضا، أي بما يلائم التوجهات الكردية، وتوجهات “المجلس الأعلى”. وقال إن الولاياتالمتحدة تأمل في إقناع العرب السنة، ليوافقوا على هذا التوجه التقسيمي من خلال التأكيد أن هذه الحالة ستحقق لهم العدالة التي يرجونها. وتعد انتخابات المحافظات المزمع إجراؤها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل خطوة رئيسية في منح السلطات المحلية للعرب السنة في محافظاتهم، وحالما يبدؤون ممارسة سلطاتهم، فإن الأمل يتصاعد، طبقاً لقول الخبير الأمني الأمريكي، في أن يصبحوا داعمين ل “النظام السياسي الجديد” في العراق. ويرى بوسن أن هناك فرصاً كبيرة للبدء بهذا المشروع على الأرض، فإلى جانب موافقة الأكراد، ومعظم العرب السنة، ونسبة كبيرة من السكان الشيعة، فإن “الصدريين” الداعين إلى الدولة المركزية، وتنظيم “القاعدة” في العراق، قد يُهمشون من خلال خنق المقاومة العنيفة المتبقية. من ناحية أخرى، اقر مجلس النواب الأمريكي نص تسوية تقضي بتخصيص 162 مليار دولار لتمويل الحربين اللتين تخوضهما الولاياتالمتحدة في العراق وأفغانستان، وتلزم العراق بتحمل نصف تكاليف إعادة إعماره، فيما تخلت الغالبية الديمقراطية، بموجب التسوية، عن إدراج مهلة زمنية لسحب القوات الأمريكية من العراق. وفي سياق آخر، جدد الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الديني الكبير علي السيستاني ثوابت المرجعية في الحفاظ على سيادة العراق كاملة غير منقوصة في الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الأمد بين بغداد وواشنطن، فيما جدد التيار الصدري رفضه توقيع الاتفاقية؛ لاعتبارها مخالفة لمبدأ السيادة وتشكل إهانة للشعب والحكومة على حد سواء.