من الغريب وغير المألوف أن يكون عنوان المقال قائمة من الاسماء لكن نحن في وقت البحث عن الجديد، ولهذه الاسماء قصة أعرفها وأحببت أن يعرفها غيري حتى ولو من باب التذكير، هؤلاء الرجال عمل كل منهم في قطاع حكومي مختلف وعمل مختلف أبعد ما يكون عن ما آل إليه أمرهم بعد التقاعد وهو ما جعلني أضعهم هذا الموضع وأحدثكم عنهم. عبدلله السعدون: ضابط طيار حربي تعليمه ومهمته الدفاع عن الوطن تدرج في فنون الحرب وشؤونه، ترقى في رتبه العسكرية كما يترقى كل من يعمل في قطاع عسكري، قضى وقته بالميدان والتدريب والقيادة أسراب من المقاتلات ومسؤول في الجهاز العسكري وإدارته وانتهى عمله قائدا لكلية الملك فيصل الجوية برتبة لواء طيار. فما أن حط الرحال من عمله العسكري حتى انتقل إلى عمل تطوعي لا عالقة له في العسكرية وشؤونها انتقل معلما ومهموما في شؤون التعليم متطوعا في نشر العلم يلقي المحاضرات في التربية الفكرية والجسدية ويسافر للندوات العلمية ويحاضر في المجموعات الطالبية في الداخل والخارج، ويهتم بالرياضة البدنية والصحية وينصح بها يثقف الناس ويبين لهم فوائدها على حياتهم، وسجل سيرته وتجربته في أسلوب بياني رائع جعل لها انتشارا وقبولا لدى القراء وأصبح في صحيفة الرياض من كتاب الرأي المعدودين وناشط في التغريد عن همومه وهموم الناس، أظن من تعلم من السعدون واستفاد من جهوده المعرفية بعد تقاعده أضعاف من علمهم أساتذة الجامعات ومنظروها. محمد القشعمي: كزميله بدأ عمله في قطاع الشباب والرياضة موظف علاقات من الطراز الأول يحسن التعامل مع الناس ويشدهم بنشاطه الذي لا يفوت على من له علاقة بعمله وشخصه المحبوب المتميز وروح السماحة والبشر الذي يظهر على محياه، لا تكاد تراه حتى تشعر أن بينك وبينة نسب وقرابة، بلغ الخمسين لم يكتب شيئا، ثم جرته الصدف للتأليف والكتابة ألف في عشرين سنة أكثر من اثنين وخمسين مؤلفا، ليس مهما هذا العدد، المهم أنه قدم في هذه المؤلفات كل ما يود الباحث أن يعرفه عن مئة عام مضت من تاريخ بلادنا، رجالها، تاريخها، أحداثها، بداياتها، أعمالاها، تجارها، وفي هذا الكم من المؤلفات الخفي من المعلومات الذي لم يصل إليه غير القشعمي ولولاه لضاع، وفي كل فن من الفنون جمع وألف. قد لا نعرف قيمة ما قدم للثقافة في كل شؤونها اليوم، لكن ستعرفه أجيال قادمة تبحث عن المعلومة وتحتاج إلى المصدر ولن تجد أفضل مما جمع لها من مصادر لا يجمعها موضوع واحد، سيناقش طالب السياسة والاجتماع والتاريخ والآداب والصحافة والتجارة والآثار وعلم الرجال وغيرها من الموضوعات التي وضع القشعمي مادتها بين أيديهم، لم يدخل الجامعات أستاذا ولكنه سيصبح مصدرا موثوقا لطلابها وأساتذتها وسيدور اسمه في صالاتها وبحوثها ومناقشات طالبها وأساتذتها ستكتب مئات الرسائل عن تاريخنا المعاصر وسيكون القشعمي موضوعا ثابتا فيها ومرجعا أساسيا يرجع الدارسون إليه وإلى ما ألف عنها. يعرب خياط: مثل صاحبيه مهندس محترف عمله رسم شبكات الأنابيب ومد المياه في مدن المملكة وصحاريها ورسم الخطوط والخرائط تحت الأرض وفوقها، فلما ترجل من هندسة الأنابيب انتقل إلى هندسة الثقافة تراه يحمل كتابا ويقرأ موضوعا ويعلق على فكرة ويجمع عليها غيره من الشباب بجنسيهم ويغريهم بالقراءة، يعرب خياط بخبرة المهندس ورسم المنحنيات والزوايا عرف كيف يرسم زوايا ثقافية وعرف كيف يجمع شبابا ليسوا مهتمين في المواضيع الصلبة ولكنهم يهتمون في الثقافة السائلة، شبابا من الجنسين همهم المعرفة، يختارون كتابا أو موضوعا يجتمعون له اجتماعا شبه مغلق، يختارون مكانا للقاء في كل مرة تتيح لهم ظروفهم اللقاء المعرفي، لا يهم التخصص ولا يجمعهم، تهمهم المعرفة أنى كانت، مع هذه الطلائع من الشباب تأتي المعرفة والتعلم والتثقف والفكرة التي تطرح أمامهم فيناقشون ويجادلون ويتبادلون الآراء التي تدور في الحوار، منهم المهندس والطبيب والموظف في قطاع عام أو خاص وحتى من العامة ومن الا عمل له، ويعرب خياط هو همزة الوصل بين مجموعات الشباب وبين عامة الناس، يركض في مساحة واسعة من المحبة للناس ومع الناس ومن الناس وفي يده كتاب حين عز حمل الكتب وقل الاهتمام بها لا ينفك يرى الكتاب والقراءة ويرى حاجة الشباب إليهما. بقي أن أخبركم أن هؤلاء الثلاثة أحياء يرزقون وأن هذه الكلمة شكرا للاحياء واعترافا بفضلهم ومساهمتهم في الثقافة والتنوير والنفع العام، وذكر لمحاسنهم خلافا للسائد الثقافي الذي لا يذكر غير فضائل الاموات حين لا يسمعون ولا يدرون ولا يعرفون ما قال القائلون، فاذكروا محاسن الأحياء الذين تعرفونهم مثل ذكركم محاسن الأموات، ولا شك أنكم تعرفون أقواما رجاال ونساء مثل من عرفت. نقلا عن صحيفة مكة