من حسن حظي أنني ضمن دائرة أصدقاء الأستاذ محمد بن عبد الرزاق القشعمي أو كما يعرفه الجميع « أبو يعرب»، علاقتي به بدأت باتصال بشأن مشاركتي في الأسبوع الثقافي السعودي بالجزائر، وقتها كنت منتشياً بصدور مجموعتي القصصية الأولى، وتنفيذ مسرحيتي الأولى والتي ستشارك في الأسبوع الثقافي السعودي في الجزائر، والتي قام الدور الوحيد بها الفنان بكر الشدي – رحمه الله-، ووقتها كنت في بدايات عملي في تعليم البنات بالطائف وأبو يعرب في رعاية الشباب، التقينا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أنعم بمودته وصداقته. القشعمي أكثر من صديق، وأكثر من أخ، قبل أن أنتقل إلى الرياض كنت أحرص على زيارته في مكتبه في رعاية الشباب، وكان يبهرني بمنجزاته الثقافية، منها سلسلة هذه، بلادنا، وعندما انتقلت إلى الرياض كان الله أكرم بحيث جعله زميلاً وصديقاً لي في مكتبة الملك فهد الوطنية، وهذه صحبة طويلة جاوزت الربع قرن، أمد الله بأعمارنا لتستمر. أبو يعرب – حفظه الله- شعلة متوهجة من الثقافة، علاقاته غير محدودة، هذه العلاقات أثرت مكتبة الملك فهد الوطنية بالحصول على عدد من المكتبات الخاصة والنادرة، و من جانب آخر كان مشروعه الكبير، والذي من خلاله قدم للوطن ثروة لا تقدر بثمن، هذه الثروة هي التاريخ الشفوي، حيث استطاع أن يجوب أنحاء المملكة ليلتقي برواد الثقافة والأدب ورجالات الدولة ممن كان لهم عطاء ملحوظ أو مواقف متميزة، تحدث الجميع بأريحية وشفافية لأنهم يثقون بأبي يعرب ويحبونه، يجلس معهم ويتحدث ببساطة محمد القشعمي التي يعرفها الجميع، هذه البساطة ليس بها تملق، الجميع لديه سواسية، فالوطن واحد وهذا يؤمن به كثيراً. القشعمي بدأ الكتابة ب»بدايات» بعد ذلك كان راصداً للحركة الثقافية والصحفية، رصد خاص به، ليقدم للمشهد الثقافي معلومات عن بدايات الصحافة في كافة أرجاء الوطن من خلال عدة كتب، وينشر كتباً تخلد سيرة عدد من رواد الأدب والثقافة. القشعمي إنسان أحب الجميع وفتح بيته وصدره ليجتمع الناس داخله، يحب الثقافة، ويحرص على تميز الوطن ثقافياً، يحرص أن يكون عند استطاعته حلقة وصل بين المسئول والمثقف، والكل يتذكر عندما جمع بعض المثقفين مع وزير الثقافة الأسبق إياد مدني، منذ سنوات. القشعمي هو المحطة الأولى لكل قادم إلى الرياض من الشرق أو الغرب، من الشمال أو الجنوب، الكل يبحث عنه والكل يثق به وبعلاقاته، في سنواته الأولى ساهم بفعل ثقافي عندما حول مكتبي رعاية الشباب في كل من حائل والأحساء أثناء عمله بهاتين المدينتين، إلى مركز ثقافي متميز، و المذهل أن علاقاته مع مثقفي تلك المدينتين لم تنتهي بانتهاء عمله، بل تواصلت، لأن الرابط الذي يجمعه بكل مهتم بالثقافة والفن والأدب ليس رابط الوظيفة، بل رابط محبة وإخلاص للوطن، محمد القشعمي أمد الله بعمره وطنا للحب.