هكذا كان إختياري للعنوان للدخول منه الي الإبداع والإمتاع في دواوين شاعر الفصحى إبراهيم بن جابر مدخلي واخترتُ لكم من خلال هذا المقال المقتضب التحليق مع قصائد الشاعر ونماذج من إبداعه الشعري الذي يسلب الفؤاد عذوبة وحبكا وسبكا يلامس شغاف القلوب بعصرنته وعمقه واصالته ومنطلقاته المرتكزة على اسس التراث الشعري العربي الأصيل . لهذا احببت ان أُشارك القُراء الكرام رحلتي في صفحات دواوين شاعرنا بشكل مجمل غير مُخِل او مُمِل هكذا أظن وآمل أن لاتقف بي عبارات النثر والقراءة الاسلوبة في منتصف الطريق قبل بلوغ قمة الاسلوب الشعري الذي انا بصدده فهو جدير بأن تلامسه انامل اساتذة النقد بدراسات سامية سامقه تُعينُ االقارىء للوصول الي الانتاج الشعري الذي يستحق الاطلاع والاصغاء والتتلمذ فالشعر في اوساط العرب منذ العصر الجاهلي الي يومنا يسري في الجسد والكيان العربي كالدم حيوية وسريانا في الجسد كالدم في الأورده ولهذا قيل الشعر ديوان العرب فهو الناطق بكل حياتهم الحسّية والمعنوية وهو ملهم الشعوب في افراحهم وبلسم جروحهم في اتراحهم وهو أيقونه حب الدين والانتصار له ووجدان الوطن النابض بالولاء يقول شاعرنا في ديوانه ( مابين جرحين ص 52)في قصيدته حرم الرسول : وطني وكم لمعت سيوف قصيدتي من دون نخلك تذبح الفُجّارا وَيَضِجُ بركانُ الحروفِ فَيَحْتَسِي مَنْ يُشْعِلونَ بِمُقْلَتَيكَ النّار في كل حرفِ الفُ صاعقةٍ هَوَتْ تغتالُ من ينونَ فيك دمارا ياموطني تفديك منا أنْفُسُ تأبى الخنوع وتعشق الإصرار لا لا تَسَلني كيف نجتاحُ الردى فلقد رَضَعْنا العِزَ فيكَ صِغَارا هنا يتألق الشاعر في حب الوطن وهذا انموذج من قصائده الوطنية الرائعه مخاطبا الوطن بأسلوب ابداعي جعل القصيدة كجيش تُدافع عن الوطن بقوتها التي هي امضى من السيوف وجعل الصورة المعنوية كأنها حسيّة تذود عن الوطن ورمز بالسيف دفاعا والنخيل كصورة اوسع تحوي معان عدة المكان والانسان والمقداسات وجعل من ثورة الحروف وهي سلاح الشاعر في قصيدته بركان يلزم اعداء الوطن تجرعه ولكن قال (يحتسي) اي ان غاية ما يفرحهم هو غاية ما يقطع امعائهم اضافة الي ان كل حرف بالف صاعقه وهذا لأن العمل من اجل الوطن بالف ضعف وهل هناك اقدس من وطننا هلى وجه البسيطه كلا! ثم صدح شاعرنا باننا نفدي الوطن بأنفس سعودية مؤمنة تأبى الخنوع وتعشق الوصول الي القمة ومن اجل ذلك فهي تقتحم الموت لانها رضعت العز الذي يأبى المساس بالوطن وقدسيته وسيادته وإذا كان عنترة في معلقته ود ان يقبل السيوف لانها لمعت كبارق ثغر عبله مشبها لما مس جوانب سيفه من دماء بشفتيها حمرة وحد السيف بإبتسامة الحياء منها وهذا تحليلي الخاص للتشبيه لان ضَحِك العرب تبسما خفيفا لا قهقهه وعَودا على بدء فقد استعمل شاعرنا السيف مقتفيا اثر شعراء فجعل لقصيدته يدا ممسكة بسيف الدفاع عن الوطن نعم انه شاعر الفصحى إبراهيم بن جابر بن هادي مدخلي الذي حصل على البكالوريوس في أصول الدين والمذاهب المعاصرة (عقيدة) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية : فرع الجنوب - أبها وهومعلم تربوي متميز في مدانه التربوي وفي محيطه المجتمعي ويحسن بي بداية ان اذكر للقارىء الكريم شىء من إنجازاته الشعرية فقد حقق المركز الاول في مسابقة الورد الطائفي ولقب ( شاعر الورد) في الطائف والمركز الأول في مسابقة شهداء الواجب في نادي الحدود الشمالية في عرعر والمركز الأول في مسابقة الشهيد في نادي تبوك الادبي والمركز الأول في مسابقة اليتيم في ملتقى الحد الجنوبي 1440 والمركز الثاني في مسابقة ذوق الأدبية في الدمام والمركز الثالث في مواهب وإبداع في اليوم الوطني في مسابقة وزارة الإعلام لعام 1439 والمركز الثاني في مسابقة اللجنة الثقافية في اليوم الوطني برجال ألمع لعام1440 والمركز الثالث في مسابقة طرفة بن العبد الثقافية للمجاراة الشعرية والمركز الثالث في مسابقة الرؤية 2030 والتي نظمها نادي الحدود الشماليةعرعر المركز الثالث في مسابقة نادي تبوك الأدبي ( أبطال الصحة) شاعر الفصحى إبراهيم جابر هادي مدخلي ابن قرية مجعر التابعة لمحافظة صامطة إحدى محافظاتجنوبجازان ابدع في شعر الفصحى فكان من ثمار هذا الابداع إصداراته الشعرية التاليه: 1/ ديوان (قُبْلةُ البَرْدِ) والذي صدر عن النادي الأدبي بمنطقة الحدود الشماليةعرعر1434 2/ديوان (خداع الياسمين) والذي صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت 1438 3/ديوان ( مابين جرحين) صادر عن دار السكرية- القاهرة مصر العربية1439 4/ ديوان نثيث صادر عن نادي جازان الأدبي 1441 بالإضافة إلى مجموعته الشعريه وهي مخطوطة تحت المراجعة والطبع وسأورد هنا نصوصا اخترتها من دواوين شاعرنا ومنهاقوله : إبكيه أوأشعلي في قلبه اللهبا واسترجعي من صدى ماضيك ماهربا وودعيه على شرفات نافذة كانت هنا تحرس البسمات والهدبا بلا اكتراث أعيدي زهوه الما حتى تئن به أوجاعه غضبا يبكي الاماني وتبكيه استحالتها فكيف يأسى على من ظنه لعبا يارحلة البؤس في أشباح غانية تبخترت غيمة واستوهمت طربا يستعطف البحريرجوالقيظ أمنية وينفث الريح حتى تغزل السحبا بلا إئتلاف لمزن كان ينشده عمّ الصفاء فأضحت غيمة كذبا (من ديوانه قبلة البرد ص42) من وهج العواطف والاسى يأمر الشاعر بخلاف ما يبتغي ( إبكيه) وفي الحب البكاء والنوح والحسرة هي هي أدواء العشاق تضج بها اهاتهم وترتسم بها احرف ومعاني قصائدهم واشعلي في قلبه كا التنور او الموقد وجعلي نظرات الوداع من ذات المكان الذي كان الدفء للقاء فهو يبكي الاماني المستحيله والاماني تبكي ايضا استحالة تحققها ولهذا اقتبس الشاعر ( فكيف يأسى) وان كانت مفردة قرآنية فكأني بشاعرنا وفق التناص يشير الي بيت الشاعر السوداني الهادي آدم وغدا ننسى فلانأسى على ماض تولى والشطر هذا كما هو قبل ان يعدله الشاعر استجابة لرغبة كوكب الشرق وقد بدع شاعرنا في كل كلمة ومنها فوصف معاناته برحلة البؤس - اشباح غانية / وغيمة - للوصول الي استعطاف البحر في شدة القيظ ان يكون كريما بما لا يسقطب (الريح ) وهنا ضرورة شعرية لاستقامة الوزن والا فالمقصود هي الرياح لواقح وبعدها وفي يأس من الشاعر قال -بلا إئتلاف -أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا - فلم يتحقق لمزن كان ينشدها ولهذا كانت النتيجة فاضحت غيمة كذبا وفي قصيدتة ( جفلة الناي من ديوانه نثيث ص18) لم يكن جرحا ولكن أربعه قتلت حبي وأودت بي معه جفلة الناي وإنكار الهوى وتباريح اشتياق موجعه لم يزل يجفو ومن قسوته عزلتي صارت لروحي ممتعه على بحر الرمل وهو سهل عدد الشاعر مواجعه الاربعه في إشارة الي الاتجاهات التي حُبِس في داخلها كسجن ألم وحزن ادت به الي حياة العزلة وهي جفلة الناي - وانكار الهوى - وتباريح الشوق - والقسوة في التعامل والناي رفيق الحرف والقصيدة عند شاعرنا لرمزيته في البوح لما تصوره عذوبة نغمات الناي ووحي دلالاته فبعضها يرتبط بالحزن والآخر بالفرح اذ يقول في موضع آخر؛ كَبُحّةِ النّاي مزهواً أتيتُ على لحنِ البسيطِ أناغي قبلةَ الخَجَلِ وقد سبقة استاذنا الكبير الشاعر حسن ابو علّة في قصيدته الناي فقال : أسمعت يا ناي فاحكي واسكب دموع التشكي لله أنات شاك تنساب في حسن سبكي ومن قصيدته خداع الياسمين( من ديوانه خداع الياسمين ص 26 يقول : لليل حمحمة وبى أوجاع ولنبضة القلب المحب سماع ولفورة الآهات ألف أسيّة تُكوي بها في عمقي الأضلاع أفل الّسنا من مغربيك حبيبتي والياسمين بفجرنا خدّاع ونبؤة الأحلام مثلي رتّلت سِفر الحنين ودفّتيه ضياع أرنو الي غصص الذبول وليس لي وجه له عن حاسدِيّ قِناع ومجادف الاسراء عقّت رحلتي لرؤى الهلاك مركبي تَنْصاع وهنا نقرأ ابداع شاعرنا في الامساك يالحسنيين من العصرنة والتراث فهو في خطى من سبق في هذا الاسلوب لكن بأسلوب شاعرنا المميز الذي يأبى كما اقرأه مقارنا بغيره إلا أن يكون مدرسة شعرية مستقله اراها في طور التشكل والابداع عالية جدا فالليل عند الشعراء لم تخلُ منه قصائدهم إذ قال امرؤالقيس متذمرا يتمنى رحيله وليل كموج البحر ارخى سدوله وآخر ....الخ ويقول حسان بن ثابت رضي الله عنه : (تطاولَ بالجمّانِ ليلي،،،،، فلمْ تكنْ تَهمُّ هوادي نجمهِ أن تصوبا) يقول بشار بن برد: [لا أَظْلِمُ اللَّيْلَ ولا أَدَّعِي ،،،،،أنَّ نجومَ اللّيلِ ليستْ تغورُ]فشاعرنا يصف الليل بأحلك اوصافه وهو السواد لان الحمحمة بمعنى تَحَمْحَمَ الشيءُ: أسودَّ وبوح الشعر مع تأصل الالم وأصالة الشوق يكون بهدوءوحمحم الحصان ؛ صات صوتًا دون العالي، صهل صهيلاً حتى ان من الهدوء والصمت الذي يعم المكان يمكن لشاعرنا ان يسمع نبضات قلبه وتذكرت هنا العصرنه بكل دلالتها وتأثيرها على الشعر إذ تحتضن مقر شركة مايكروسوفت في العاصمة الأميركية واشنطن "غرفة الصمت" التي تعد أهدأ مكان على كوكب الأرض، إذ يمكن لمن يدخلها سماع دقات قلبه وطقطقة عظامه بوضوح. وهذا الشعور من اقسى ما يشعر به الانسان ايا كان ولهذا انداحت الكلمات في اتجاه التعبير عن الاسى - فورة الآهات - تكوي اضلعي - أفل السنا- خداع - سِفر الحنين - ضياع - غصص الذبول - ثم قال بأن مجادف الإسراء في ليل هذا حاله رفضت وعقّت من العقوق وهو العصيان الرحلة فلم تعد تؤدي دورها ليشق عباب وموج (بحر العناء ) ويتختَّذ -سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا- وفي هذا التطّواف السريع بإبداعات شاعرنا نجد ومن هذا المنطلق تبدو المفارقة العجيبة (كما يذكر الدكتور عز الدين إسماعيل بين أن يكون الشاعر عصريا وشديد الاتصال في الوقت نفسه بالتراث، وكذلك ينبغي أن تتمثل هذه العلاقة الجدلية بين الشعر المعاصر والتراث العربي من جانب ن وكذا علاقته بالتراث الإنساني عامة وتعتبر العلاقة بين المعاصرة والتراث علاقة جدلية لأن الشاعر لا يقبل التراث كله ولا يرفضه كله وإنما تنشأ بينه وبين التراث علاقة من التفاعل والتجاذب يصفي خلالها التراث من منظور العصر) ويحسن بي في الختام ان اشيد بشاعرية الشاعر ابراهيم بن جابر المدخلي وهو في غنى عن كلامي وكتابتي بما وهبه الله من شاعرية فطرية دعمتها ثقافته واطلاعه وغوصه في امهات الكتب بما اثرى تجربته الشعرية المتشحة بأجمل ا الصور والاخيلة والاستعارات في تواصل مع التراث في بعض الاحيان دون ان تكون الصورة الشعرية امتكررة بينه وسائر الشعراءفشعره لهذا السبب يتسم بالأصالة لدى شاعرنا قوة الإبداع ومستندي في هذا قول شاعرنا: عيون المها لا في الرصافة وحدها ولكنّها حيث المحبين تُنثر نحاول تجديد القديم فنكتوي شتاتا وفي جذع العذاب نُسمّر وهو ابداع ارتقى فيه ان يكون مقلدا صرفا لقول الشاعر العباسي الجميل على بن الجهم عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري وفي خاتمة مقالي زهور من بستان شاعرنا تكون مسك الختام اخترتها لجمالها وما سوها اجمل وأجمل : عن والدته رحمها الله يقول : لكِ في دمي عطرٌ أبى أن ينطفي ما زال يشعلني ويقطفُ أحرفي ويقول في غرض آخر يقول: طفحَ الأنينُ وأنتِ وعدُ قصيدتي وزمانها واللحنُ والكلماتُ فلمَ الغيابُ وكيفَ قد أبقيتِني وحدي، لتغرقَ في دمي النسماتُ عاهدتِني وذبحتِني في داخلي بيدي فماتت قبليَ الشفراتُ ! ويقول مستخدما الصور والاخيلة والاقتباس : ها أنتَ ترقى شامخاً واسّاقطوا زمرا ومالَ بِكفِّكَ المِيْزَانُ . واستوحت المرآةُ مِنْكَ ملامحاً تُغْرى بِها الكلماتُ والأوزانُ ويقول مخاطبا اياها مجرد ان ملامسة شفتيها الماء يحوله حاليا مستساغا ولنعومتها ربما تذوب فيه سكر بلّوري كقطع الالماس او اجعلني قرى ومأدبة لكن لمن ؟ للحب اضيّفه من ( نوق اعصابي ) اسلوب وتشبيه عال جدا ولم يُسبق الي هذه الصورة الابداعية المتفردة في مبناها ومعناها قبل شاعرنا انس ولا جانّ مسّي فمَ الماءِ ذوبي وسْطَ أكوابي وخيّمي بين أحداقي وأهدابي . وأشعليني قِرىً للحب وارتسمي طيفاً أضيِّفهُ من نوق أعصابي هذه وقفات مع الشاعر المبدع الاستاذ ابراهيم مدخلي وهي إضاءة يشرفني ان تضاف الي مسيرة الشاعر والله الموفق والهادي . د.عبدالله بن سعيد الاسمري