تدرك المملكة أن نجاح اقتصادها جزء من نجاح العالم، ومن إيمانها العميق بأن السياسات الاقتصادية مهما كانت قوية وفعالة من الناحية النظرية إلا أن نجاحها مرتبط بصحة وسلامة القطاعات الاقتصادية بما في ذلك ريادة الأعمال التي تعد روح النمو الاقتصادي ومفتاح صناعة الشركات الناجحة، لما تتمتع به الريادة من سرعة في تكوين الثروات، لأن ريادة الأعمال بسبب طبيعتها الهيكلية تعتمد على جانبي التنافسية والابتكار بما في ذلك هيكلة المنتجات واكتشاف الأسواق الجديدة ورفع التوظيف الذاتي. مع الأسف، أن جائحة كورونا نالت من ريادة الأعمال بشكل أحدث ندبات وتغيرات جوهرية تتطلب جهودا واسعة لاستعادة ما فقدته في ظل ظروف عدم يقين من المستثمرين حول العالم، ولا يمكن أن نعالج ذلك إلا بالتحول من ريادة الأعمال التقليدية إلى ريادة الأعمال المستدامة. المملكة تستضيف "المؤتمر العالمي لريادة الأعمال GEC" بصفته أكبر تجمع عالمي، يجمع خبراء وصناع القرار مع رواد الأعمال من مختلف دول العالم، لمناقشة وتبادل الخبرات وتبني الاتجاهات الجديدة التي يقدمها الخبراء وكذلك من أجل مناقشة ريادة الأعمال لما بعد كوفيد - 19 وتبادل الدروس المستفادة، وبما أن ريادة الأعمال تتطلب ظروفا مثالية على المستوى الاقتصادي، فإن وجود المؤتمر في السعودية يمنحه مزيدا من الانتشار إقليميا، فكثير من المستثمرين يعد السعودية بوصلة استثمارات المنطقة. في نظري، أن ريادة الأعمال في السعودية تتحول تدريجيا إلى محرك أساسي في تكوين أسواق المملكة الداخلية عبر النظرة "الشومبيترية" في التنمية، أي تعتمد على كفاءة المنظم الاقتصادي، ووجود الاستثمار التحفيزي والتلقائي والابتكار والتنافسية مع سلسلة من الممكنات التشريعية والتمويلية، ونشر ثقافة الريادة من خلال الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، إضافة إلى بنك تنموي مختص "بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة"، ولعل ما يثبت أن البنك التابع ل"منشآت" يدعم ريادة الأعمال كجزء من أعماله الأساسية، تم إطلاق جميع خدماته ومنتجاته بشكل رقمي دون وجود فروع. علاوة على ذلك، تتمتع مدينة الرياض بقوة اقتصادية كواحدة من أهم المدن الاقتصادية الواعدة عالميا ولما فيها من بيئات فعالة وقادرة على تمكين مشاريع ريادة الأعمال، وفي السياق نفسه أدرك صناع السياسات الاقتصادية في المملكة أهمية التمويلات المتخصصة الموازية في التحولات الاقتصادية الشاملة، لذا تم تأسيس الشركة السعودية للاستثمار الجريء في مدينة الرياض برأسمال 2.8 مليار ريال من أجل زيادة مرونة النظام التمويلي الوطني، ومن أجل خدمة ريادة الأعمال التي تعاني ندرة التمويل. مدينة الرياض اليوم من المدن التي تمتلك بنية تحتية ونظاما تمويليا فعالا في دعم ريادة الأعمال في المنطقة، ثم إن الرياض لا تزال تعيد تعريف نفسها بأنها عاصمة ريادة الأعمال في المنطقة، وبوتيرة أسرع من السابق، ومعززة بعنصر في غاية الأهمية، وهو قوة اقتصاد المملكة، بمعنى آخر: ريادة الأعمال في السعودية جمعت بين روح الابتكار والمبادرة واتخاذ القرار. نقلا عن الاقتصادية