تعجّ شبكة الإنترنت بملايين المواقع وبزخم لا متناهٍ من المعلومات.. هذا أمر قد يبدو جيداً على صعيد الوفرة المعلوماتية؛ لكن المخيب للأمل أن الغالبية العظمى من تلك المعلومات غير مفيد للأسف، إنه مجرد مضيعة للوقت.. فأكثر ما يتداوله الناس في مواقع التواصل مثلاً لا يعدو كونه أحاديث مجالس إلكترونية لا فائدة تُرجى منها، بل إنها قد تشكل خطراً على عقلك وعلى توازنك النفسي والروحي مع مرور الوقت!.. الأخطر من هذا هي مواقع الأدلجة التي تقدم الخرافات على أنها حقائق، وتجهز العقل لاستقبالها وتصديقها، والحماسة لترويجها، فإذا كنت من رواد المواقع المهتمة بنظريات المؤامرة مثلاً، فلا بدَّ أن عقلك قد أعيد تشكيله وبرمجته بحيث ستنظر إلى العالم بشكل مختلف تمامًا عن الناس الطبيعيين. . التعلم مدى الحياة هو أفضل طريقة لتحسين جودة حياتك وفرصك المهنية.. هذا يعني التعلم من كل مصدر متاح وعدم التكبر عليه، ومع ازدهار شبكات الإنترنت وتوفر المعلومات بهذا الشكل السلس، فإننا نقصّر بحق أنفسنا كثيراً إن لم نسعَ للاستفادة منها، فالإنترنت بمواردها الضخمة أصبحت من أسرع وأفضل مصادر التعلم السهلة واللذيذة، ولم يعد يفصل بينك وبين الإجابة على أي سؤال يدور في خلدك سوى أن تتزحلق على شاشة جوالك باحثاً عما تريد، المهم هنا أن يكون هذا التزحلق محكوماً بضوابط صارمة تعرف كيف تُصنع المعلومة في هذا العالم؛ وكيف تُزّيف، وتعرف أيضاً كيف تصنف المواقع بحسب موثوقيتها ومصداقيتها، حتى لا تضيع في شوارع الإنترنت الممتعة والمتشابهة. . لم يكن اكتساب المعرفة في أي زمن مضى أسهل منه اليوم، ولكن في نفس الوقت لم يكن من السهل الغرق في الجهل والزيف مثلما يحدث اليوم.. هذا ما يدفعنا للقول إن معرفة المكان الذي تبحث فيه لم يكن أكثر أهمية منه اليوم. المشكلة الأكبر أن الأشخاص ذوي التعليم المنخفض غالبًا ما يُضخّمون قدراتهم المعرفية، ولا يدركون أوجه القصور؛ ولا حجم التحيز المعرفي في عقولهم فيأخذون أقرب وأسرع ما تقع عليه أعينهم على أنه الحقيقة، ويدافعون عنه حتى وإن كان مخالفاً لكل معايير العلم!. . عقلك هو مسئوليتك، فاختر الأفضل له.. جودة المعلومات التي تستهلكها قد تحدد جودة حياتك بشكل كبير.. فإذا كنت تريد أن تصبح أكثر ذكاءً ونجاحاً فإن استخدام المواقع الموثوقة والجيدة هو أحد خياراتك القوية والسهلة، لا تشوّه مفاهيمك بالخوض في مواقع مشبوهة، فثمة مواقع ترفع من مستوى ثقافتك ووعيك واطلاعك.. بالتأكيد إنها ليست كل شيء، لكنها خطوة مهمة على طريق رحلة تطوير مستمرة لا تنتهي. . قلت في تدوينة سابقة على موقع تويتر أن مفهوم (التعلم مدى الحياة) يتجاوز حدود قراءة الكتب وحضور الدورات والمحاضرات، فهو أسلوب حياة تبقى فيه أذهاننا مفتوحة على مدار الساعة لتلقي الدروس بأريحية من أصدقائنا، أعدائنا، أطفالنا، تأملاتنا، مشاهداتنا، مشاعرنا، أخطائنا.. المهم هو أن نعرف مصدر الدرس وهدفه ونوايا مقدّمه. نقلا من النت عن صحيفة المدينة