يقول التربويون: «الناس العاديون يبحثون عن الترفيه والمتع، أما المتميزون فيسعون إلى التعلم والتحسين». . من المؤسف جداً القول إننا نعيش اليوم عالماً يموج بالمتع والإلهاء والترفيه اللامتناهي، لم يعد معه معظم الناس قادرين على التركيز والسعي وراء التعليم والتعلم المثمر، وكأن العالم كله أمسى يعيش شكلاً من أشكال التشتت اللذيذ، حيث يتم تحويل انتباه الناس للمتع المدفوعة دائمًا، يحدث هذا حتى عندما نكون في ذروة أوقات العمل، أو عندما نكون مع عائلاتنا!. . القصة بدأت من عند إدمان الهاتف النقال الذي لم يعد هاتفاً فقط، أقل البشر التصاقاً بجوالاتهم باتوا يقضون من 4-5 ساعات يومياً من التزحلق بأصابعهم على شاشات تعطي الأولوية ل «اللهو» على الإبداع والتعلم والترقي الفكري!. هل يمكن القول إن كل هؤلاء الناس لا يهتمون بما يكفي للنجاح والتميز؟! . لا نستطيع قول ذلك. . الهواتف أدوات رائعة لعيش حياة معاصرة ممتعة وجذابة، لكن معظمنا بات يستخدمها كأجهزة (إعاقة) عن التميز الشخصي والتطوير الذاتي، فبدلاً من التطوير والتحسين، غرقنا في بحور وسائل التواصل التي تستهلك أوقات (عملنا، تعلمنا، راحتنا، نومنا) في تفاعلات ساذجة لا تحقق أي نجاحات حقيقية. إنها مجرد تفاعلات تستنزف طاقتنا وأوقاتنا في متابعة مشاهير نشتكي من سخف محتواهم رغم شغفنا بالاطلاع عليه!. أليس هذا التناقض كافياً كي يدخلنا حالة القلق والاكتئاب التي يحذرنا منها الأطباء وعلماء النفس؟!. . «ما تختار التركيز عليه وما تختار تجاهله يلعبان دورًا مهماً في تحديد جودة حياتك».. هذه قاعدة صحيحة، فإذا كنت لا تريد إضاعة حياتك في هراء مواقع التواصل وبعض مشاهيرها، فإن قضاء وقت أقل أمام جهازك هو أسرع طريقة لذلك، انه كفيل بأن يفسح لك المزيد من الوقت للإنتاجية وللتميز وللتعلم والتطوير الحقيقي.. كأني بك الآن تقول: الأمر ليس سهلاً.. أتفق معك، لكنه ليس مستحيلاً أيضاً.. يكفي أن تقوم ببناء منهج في التعامل مع هاتفك النقال وتلتزم به.. لا تحمل مثلاً هاتفك في جيبك، ضعه في مكان قريب على المكتب، استخدم وضع الطيران؛ أوقف الاشعارات ولا تتحقق من هاتفك الا بعد الانتهاء من كل أعمالك العميقة، تخلص من التطبيقات الاجتماعية مااستطعت، ولا تقضِ أكثر من ساعة يوميًا للرد عليها.. هذه أمثلة على قوة الالتزام، وبمجرد تجاوز الاهتمام الأولي والالتزام حقًا بشيء ما، يمكنك تحقيق أي شيء تريده في الحياة. . كان كونفوشيوس حكيم الصين الشهير يقول: «توجد في طريق العظمة أربعة عوائق: الكسل؛ وحب النساء؛ وانحطاط الصحة؛ والإعجاب بالنفس»، وأظنه لو عاش عصرنا اليوم لوضع وسائل التواصل أولاً ً. إذا كنت تريد أن تصبح شخصاً غير عادي يجب أن تتوقف عن السباحة في دوامة الإلهاء التي يسقط فيها الأشخاص العاديون.. هؤلاء يعيشون حياتهم باتباع أجندات غيرهم، إذا كنت ترغب في القفز الى حياة المتميزين فيجب عليك الخروج من تبعية وسائل التواصل، وحينها ستكون أنت من يحدد ما يجب أن تفعله في يومك وليس الآخرين. . تذكّر أن الحرب مع كل ما يشتت الانتباه هي أكبر الحروب وأصعبها في حياة الناجحين.