كثيراً ما نصطدم في مجالسنا العامة والخاصة بأحد المصابين بداء (تصنيف) الناس، وإطلاق (الأحكام) عليهم بسبب وبلا سبب.. خليط من الحزن والأسف يغشاك وأنت تراهم يكشفون عن عقول سقيمة؛ ومقاييس مختلة يظنون أنهم يكشفون بها حقائق البشر، وما يكشفون إلا أنفسهم ولكن لا يشعرون!..إنهم يذكرونك بالمقولة القديمة «عندما تشير بإصبعك إلى شخص ما، فإن هناك ثلاثة أصابع بالمقابل تشير إليك». فعندما تحكم على شخص أو تصنّفه من خلال تصرف أو سلوك عابر؛ فإن حكمك هذا يؤثر عليك أكثر مما يؤثر على الشخص الآخر، ويفصح عن شخصيتك أكثر مما يفصح عن شخصيته.. لأنك في حقيقة الأمر قد حكمت على نفسك، وكشفت للآخرين كيف تنظر للعالم الخارجي، وأظهرت لهم بعض الآليات الخاطئة في طريقة تفكيرك. * من أسوأ علل العقل البشري أنه يميل إلى سد فجوات المعلومات الناقصة وغير المكتملة بآراء وانطباعات شخصية، ثم يوهمك أنها الحقيقة الكاملة!. ولأن كل ما يزعجنا من سلوكيات الآخرين يمكن أن يقودنا إلى فهم أنفسنا، وتصحيح مساراتها، فلا بأس أبداً في عدم معرفتك بأمر ما، ولا عيب حتى في إشهار هذا الجهل.. العيب الحقيقي هو في توهم المعرفة، وفي اطلاق الأحكام على الأشياء بناءً على هذه الأوهام!. ان استنتاجاتك الشخصية تظل رأيًا واعتقاداً شخصياً، مبني على خبراتك وتجاربك وثقافتك الخاصة، وهي تتأرجح بين الخطأ والصواب فلا تجزم أنها حقائق. * نحن لسنا بحاجة إلى الحصول على رأي وأحكام قاطعة حول كل شيء من حولنا.. فإن تطلب الأمر فعليك قبل أن تحكم على أحد، أن تسأل نفسك لماذا تحكم عليه؟ وكيف ستحكم؟ وهل سيكون حكمك بناء على معرفة وخبرة عميقة أم مجرد انطباعات شخصية وردود أفعال مستفزة؟ هل أنت متحيز أو تشعر بالغضب أو الغيرة تجاهه؟. وكلما كنت نزيهاً في أسئلتك وأمينًا في إجابتك عليها، كانت قدرتك أكبر في اتخاذ القرار: هل من الأفضل أن تطلق حكمك أم تحتفظ به في تلافيف عقلك حتى ينضج؟.. في أحيان كثيرة لا يتعلق الأمر بما إذا كنا على حق أم على خطأ في أحكامنا بقدر ما يتعلق بالإجابة على السؤال الأهم: هل نحن مخولون بالحكم أصلاً وهل لهذه الأحكام فائدة؟!. * إذا كنت تريد أن يتوقف الآخرون عن الحكم عليك، فتوقف أنت عن الحكم عليهم أولاً.. لأنك حين تفعل، فإنك تتوقف أيضًا عن الاهتمام بما يعتقده الآخرون عنك، وهذا في حد ذاته أمر مريح سيغير كثيراً من نظرتك الى الحياة، والطريقة التي ترى بها العالم. * لم يخلقك الله لتكون محكمة متحركة لبقية خلقه بناءً على مظاهرهم وعقائدهم، أو على أعراقهم وجنسياتهم، أو حتى على سلوكهم وتصرفاتهم.. توقف عن إطلاق الأحكام على الناس ودعهم على طبيعتهم.. توقف عن الحكم على نفسك ودعها تتحرر وتنطلق.. توقف عن الحكم على الحياة ودعها تتدفق.. عندها وعندها فقط ستجد نفسك قادراً على ابتكار واستيعاب وتفعيل وصفة السعادة الخاصة بك نقلا عن المدينة