مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    الأمن.. ظلال وارفة    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    ضيوف برنامج خادم الحرمين يؤدون العمرة    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    «إسرائيل» ترتكب «إبادة جماعية» في غزة    التحليق في أجواء مناطق الصراعات.. مخاوف لا تنتهي    من «خط البلدة» إلى «المترو»    أهلا بالعالم    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    كرة القدم قبل القبيلة؟!    قائمة أغلى عشرة لاعبين في «خليجي زين 25» تخلو من لاعبي «الأخضر»    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    ضبط شخص افتعل الفوضى بإحدى الفعاليات وصدم بوابة الدخول بمركبته    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    النائب العام يستقبل نظيره التركي    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    استثمار و(استحمار) !    وسومها في خشومها    وانقلب السحر على الساحر!    منتخبنا كان عظيماً !    الضحكة الساخرة.. أحشفاً وسوء كيلة !    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة العراق في خليجي 26    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    إحباط تهريب (140) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    آل الشيخ: المملكة تؤكد الريادة بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن حكومة وشعبا    موارد وتنمية جازان تحتفي بالموظفين والموظفات المتميزين لعام 2024م    "التطوع البلدي بالطائف" تحقق 403 مبادرة وعائدًا اقتصاديًا بلغ أكثر من 3مليون ريال    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    مسابقة المهارات    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بحر ل«الحياة»: الانتخابات لحماية البشير... وفي الجيش تعاون ضباط معنا
نشر في الحياة يوم 25 - 04 - 2010

قال محمد بحر علي حمدين نائب رئيس «حركة العدل والمساواة السودانية» وأمين قطاع كردفان في الحركة (اقليم في غرب السودان المجاور لدارفور) والذي أطلقت الحكومة السودانية سراحه قبل فترة عقب الحكم عليه بالإعدام إن «عملية الذراع الطويلة» (الهجوم الذي قامت به حركته على أم درمان) حققت «أهدافها». ولفت الى أن الحركة لم تستخدم الأسلحة الاستراتيجية في أم درمان حرصاً على المواطنين، كما كشف معلومات جديدة عن تفاعلات ذلك الهجوم المسلح الذي قامت به حركة العدل في عام 2008.
وقال في حديث الى «الحياة» إنه تمكن من الخروج من السودان من دون علم الأجهزة الأمنية مع آخرين، ولوحظ أنه التحق بقيادة حركة العدل في الخارج ووصل مرافقاً لرئيس الحركة خليل ابراهيم أثناء زيارته الأخيرة لقطر.
وأشار الى إن الطيران السوداني ضرب سيارته بأربعة صواريخ ودمرها على بعد ألف وستمئة كيلومتر من الخرطوم.
وأفاد أن رئيس حركة العدل خليل ابراهيم دخل الى أم درمان مع قوات الحركة وصلى هناك صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء وحيته «الجماهير» ثم انسحبت قوات الحركة من أم درمان ليلاً.
ووصف محمد بحر، وهو من منطقة المجلد في غرب السودان واندمجت حركته «شهامة» في حركة العدل في عام 2007، الوضع في السودان حالياً بأنه «قاتم» ويشكل «برميل بارود» وندد بالمقدمات التي أدت الى الانتخابات السودانية.
وقال إن الرئيس عمر البشير سيعمل على الحفاظ على نفسه ضد اتهامات المحكمة الجنائية الدولية، وإنه سيواصل البطش بالقوى السياسية وسيتخلص من نتائج اتفاق نيفاشا مع الجنوبيين وسيؤدي ذلك لانفصال الجنوب، وهنا نص المقابلة:
أول سؤال يتبادر الى الأذهان هو كيف خرجت من السودان، أنت كنت بين المحكومين بالإعدام بعد دخولك مع قوات حركة العدل الى أم درمان قبل فترة، ثم أطلق سراحك بعد اتفاق وقعته الحركة والحكومة السودانية في الدوحة لكنك كنت تحت الإقامة الجبرية في السودان؟
- أقول إنني ومن معي من أخواني الأفاضل خرجنا (من السجن) وفقاً لاتفاق مشهود جاء ثمرة جهد كبير جداً وتضحيات وقيم وفاء أكدتها قيادة وعضوية الحركة في شأن الإصرار على أن تفك أسراها (من سجون الحكومة السودانية)، ولم نخرج نتيجة منة من أحد علينا، ولكن بفضل الله الواحد الأحد.
خرجنا بنفس العزة والكرامة التي دخلنا بها الى أم درمان ظهراً، والاتفاق (اتفاق الدوحة الإطاري) نص على تبادل الأسرى (بين الحكومة السودانية وحركة العدل) ويجب أن يتم من طريق طرف ثالث متعارف عليه وهو الصليب الأحمر الدولي. لكن لأن النظام في الخرطوم يتسم بعادة نقض المواثيق والعهود وعدم احترامها، فلذلك ظن أهل النظام أن مجرد اسقاط أحكام الإعدام وإخلاء سبيل الأبطال الذين أتشرف بأنني رافقتهم قد يؤدي الى أن يذهب كل واحد الى ذويه، ولكن كل الذين أفرج عنهم عندما سئلوا أين ستذهبون قالوا سنذهب الى أمنا حركة العدل والمساواة.
يطيب لي هنا أن أثمن جهدهم (أعضاء الحركة الذين أفرجت عنهم الحكومة السودانية) ومعظمهم خرج من الخرطوم على رغم الأسيجة التي وضعتها الأجهزة الأمنية، وأقول إن إحدى نتائج عملية «الذراع الطويلة» (عملية دخول أم درمان) أنها أثبتت تهالك المنظومة الأمنية والدفاعية لأجهزة النظام (نظام الرئيس البشير).
هل يعني كلامك أنك خرجت من الخرطوم والتحقت بقيادة حركة العدل في الخارج على رغم السياج الأمني ورقابة الأجهزة الأمنية؟
- نعم.
وإلى أين ذهبت من السجن قبل خروجك من الخرطوم الى خارج السودان؟
- كل الذين خرجوا من السجن ذهبوا الى بيت رئيس الحركة (خليل ابراهيم في الخرطوم)، وفي ذلك دلالة الى رمزية رئيس الحركة. لم يذهب أحد الى ذويه، بل الى منزل رئيس الحركة في «عد حسين» في الخرطوم.
وما الفترة التي قضيتها في الخرطوم بعد اطلاق سراحك؟
- خمسة أيام.
ومن أم درمان أو الخرطوم خرجت الى أين؟
- يصعب في هذه المرحلة أن أتحدث حديثاً تفصيلياً عن ذلك، لكن دعني أقول إن حركة العدل والمساواة هي حركة مؤسسات، سواء تشريعية أو تنفيذية أو إعلامية أو أمنية أو استخباراتية.
أخواني في أجهزة الأمن والاستخبارات في حركة العدل والمساواة هم الذين رتبوا عملية خروجي (الى خارج السودان) ومن معي من الإخوة.
ومن دون علم أجهزة الحكومة السودانية وفي ظل رقابة مفروضة على تحركاتكم في الخرطوم؟
- خرجنا بعدما قلت في الخرطوم أن أجهزة النظام الأمنية والاستخباراتية متهالكة، وهذا الكلام قلته في الخرطوم ونُشر، وبقيت بعد ذلك هناك مدة ثلاثة أيام، ثم خرجت مع عدد من الإخوة (أعضاء في الحركة).
وكم عدد الذين خرجوا معك سراً من الخرطوم؟
- كلهم (من أفرج عنهم) خرجوا الا المواطنون (من لا علاقة لهم بحركة العدل)، وهناك نفر كريم من أهل السودان لا ذنب لهم وجرى اعتقالهم (بعد الهجوم على أم درمان) بسبب سحنتهم وأشكالهم التي تشير الى أنهم من منطقة غرب السودان، فاعتقلوا وعُذبوا ومنهم من مات أثناء التعذيب، وبينهم من صدرت ضدهم أحكام بالإعدام.
وبعض الذين أطلق سراحهم معنا ليسوا أعضاء في حركة العدل وكان حري بهم أن يذهبوا الى أهلهم.
وكم يبلغ عددهم؟
- نحو أربعة أشخاص.
ما ملامح فترة اعتقالك، هل تعرضت لممارسات معينة؟
سأعطي بعض الملامح. أولاً لم يكن هناك معيار للإعتقال لأي شخص، فقد أذلوا كل الشعب السوداني بعد عملية «الذراع الطويلة» ولم يشفع للبعض أنهم عملوا ضباطاً في الأجهزة الأمنية (للحكومة السودانية) لأنهم كانوا من غرب السودان، ولم يشفع لآخرين أنهم مواطنون عاديون. النظام أعتقل أكثر من اربعة آلاف وثمانمئة شخص، ومورست عليهم كل صنوف التعذيب، وبعضهم قتل أثناء التعذيب، وبينهم من مات عطشاً وهو بالقرب من ملتقى النيلين.
وأنت نائب لرئيس حركة العدل والمساواة هل جرى تعذيبك؟
- سؤال واضح، لكنه يحتوى على قدر غير سهل من الصعوبة في الإجابة عليه، لأنه وفقا للموروثات والقيم التي تربينا عليها يصعب أن تقول أن رجلاً قد فعل لي كذا أو آذاني أو عذبني.
أقول إنني لم أكن استثناء من التعذيب. قلت أمام المحكمة إننا عُذّبنا جسدياً وروحياً ونفسياً لكن القاضي لم يسألني كيف تم ذلك، فالتعذيب الجسدي معلوم للجميع، والتعذيب النفسي يكمن في الإهانة وهناك التعنيف العنصري وغيره من الأساليب التي يعف اللسان عن ذكرها تأدباً. أما التعذيب الروحي فشمل منعنا حتى من الصلاة.
الوقت لم يحن للحديث عن كل شيء بالتفصيل، ولكنها قصة مؤلمة حزينة تقشعر لها الأبدان وغير مسبوقة.
الحكومة السودانية اتهمت أيضاً حركة العدل باستباحة أعراض الناس وقيل أنكم دمرتم وقتلتم، فكيف تقوّم الهجوم على أم درمان كعمل عسكري في ضوء تلك الاتهامات؟
- العملية بكل المقاييس العسكرية غير مسبوقة في تكتيكات وأدب الحرب
كيف؟
- من حيث التقدم (على الأرض) لم يتمكن جيش في التاريخ القريب من التقدم (التحرك) على مسافة ألفي كيلومتر. ومن حيث الإعداد والتنفيذ أقول إنها عملية غير مسبوقة وترتبت في ضوئها نتائج وآثار كبيرة جداً، سواء على مستوى الحركة أو المستوى الإقليمي أو على مستوى النظام (حكومة البشير).
في مستوى الحركة فهي (عملية أم درمان) اثبتت أن حركة العدل قوة اقليمية حقيقية وتستطيع أن تؤثر في موازين القوى وأنها رقم لا يستطيع أحد أن يتجاوزه في هذه المنطقة، كما اثبتت (تلك العملية) أن الحركة تعني ما تقول، وتقول ما تفعل، وتفعل ما يخدم مصلحة أهلنا البسطاء من جموع المهمشين.
هناك خفايا وشائعات كثيرة حول هجوم حركة العدل على أم درمان ومثلاً يتردد انه تم استدراجكم حتى لحظة دخولكم الى أم درمان؟
- أولاَ لم يتم استدراجنا، وثانياً هذه العملية تمت وفقاً لتوجيه ضمن مقررات المؤتمر الرابع لحركة العدل، ونشرت المقررات التي تضمنت تأكيداً على أن تذهب (تهاجم) الحركة الى الخرطوم وتقاتل هناك، ومن ناحية تكتيكية نحن الذين حددنا مكان وزمان المعركة ونزلنا أرضها.
لكن السؤال كيف استطعتم أن تقطعوا مسافات طويلة من دارفور وعبر كردفان (إقليم في غرب السودان) حتى وصلتم الى أم درمان؟
- الحكومة لم تكن لديها إرادة للمواجهة، فالشعب السوداني الصابر تيقن أن تلك الحرب ليست في مصلحته، وأن الجنود (الحكوميين) سواء كانوا في القوات المسلحة أو الشرطة وجزءاً من الأمن هم من البسطاء ويعرفون أنهم يخوضون حرباً لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وهم يدركون أن الثوار (متمردو حركة العدل) على حق.
كما أنهم يدركون أن حركة العدل تلتزم المعايير الأخلاقية والإنسانية في التعامل مع القانون الدولي الإنساني ومع الأسرى. لنا تاريخ طويل يشع شرفاً في التعامل مع الأسرى، وهذا كله جعل أية قوة (عسكرية حكومية) تقابل قوات العدل والمساواة تتجنب المواجهة معها.
وهل واجهتم قوات عسكرية حكومية سودانية خلال تحرك قوات حركة العدل باتجاه أم درمان؟
- نحن نشكر للقوات المسلحة السودانية ضباطاً وجنوداً وعيهم بمن يحقق مصلحة أهلهم، نشكر لهم عدم دخولهم في مواجهة مع قوات حركة العدل ونؤكد لهم أنهم أخوان ويجمعنا هدف واحد، ونحن نناضل من أجل هدف واحد وهو من أجلهم، ومن أجل رفاهية وحقوق الشعب السوداني الطيب الصابر.
هل كانت الحكومة تعلم أنكم قادمون الى أم درمان؟
- كانت تعلم أننا قادمون الى أم درمان قبل خمسة أيام (من دخول قوات حركة العدل الى أم درمان)، وكان هناك تصريح للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية العميد الأغبش الذي ينكر الوقائع وهو أذاع بياناً قال فيه إن هناك تحركات تقوم بها حركة العدل والمساواة، وقال إنها تنوي القيام بأعمال كبيرة في العاصمة وإن الأجهزة الأمنية تتابع الأمر وفي حالة انعقاد وستقوم بالرد المناسب.
وكنا نأمل بأن نواجه أية قوة، وكان في حسابات الحركة أننا لو واجهنا أية قوة على بعد مئة كيلومتر من العاصمة الخرطوم فإن العملية تكون بذلك حققت أهدافها، لأن منظومة الأمن هي منظومة متكاملة.
في عالم اليوم تبحث أميركا عن أمنها في افغانستان، وطبعاً لا يمكنك (يقصد الحكومة السودانية) أن تحرق القرى وتقتل الأطفال وتستبيح الحرمات وتنتهك الأعراض وتدمر مصادر المياه وتظل آمناً في برجك العاجي، هذا لا يمكن قبوله.
لذلك قررت حركة العدل ان تنقل المعركة من دارفور الى أم درمان وهذا يتماشى مع أهداف الحركة لأنها حركة قومية، ولا نجد في تاريخ السودان من هو أحق بالسودانوية أو بتبني هذا الوطن أكثر منا (أبناء غرب السودان).
وهل تم ضربكم بالطيران السوداني خلال تحرككم باتجاه أم درمان؟
تم رصدنا بالطيران (الحكومي السوداني) وتم ضربنا في منطقة جبل عيسى، ومثلاً فإن عربتي تم ضربها وتدميرها في جبل عيسى على بعد ألف وستمئة كيلومتر من الخرطوم.
كيف ضُربت سيارتك؟
- ضُربت سيارتي بأربعة صواريخ ودُمرت، لكننا واصلنا المسير وكانت أجهزة الدولة على علم بتحركننا، لكن لم تكن لديهم إرادة في المواجهة المباشرة، وأنا أقول ذلك في شكل واضح وصريح.
إذا كانت الحكومة السودانية تعلم بتحرككم فهذا يعني أنهم استدرجوكم الى أم درمان بحسب الرواية الحكومية؟
- لا، لم يكن هناك استدراج، لا يوجد في العلوم العسكرية من يستدرج عدوه حتى يدخله في بيته ثم يقاومه، لا يوجد مثل هذا الاستدراج منذ أن بدأ الصراع على الأرض وحتى يومنا هذا.
يقال إن عدداً من قيادات حركة العدل والمساواة شاركت في الهجوم على أم درمان هل هذا صحيح؟
- كل قيادات الحركة شاركت إلا من ذهب منهم في مهمة رسمية قبل تنفيذ العملية.
وهل شارك الدكتور خليل إبراهيم رئيس حركة العدل في الهجوم على أم درمان؟
- كان أحد قادة المجموعة العسكرية.
قيل إنه قاد المعركة من بعد مئات الكيلومترات؟
- لا والله، كان الدكتور خليل قائداً للفيلق الرابع وهو الذي أدار هذه العملية، وشارك فيها تخطيطاً وإعداداً وتنفيذاً.
هل دخل خليل إبراهيم الى مدينة أم درمان (إحدى مدن العاصمة السودانية التي تتكون من ثلاث مدن تشمل الخرطوم والخرطوم بحري)؟
- دخل أم درمان، وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء في أم درمان، وهو صلى العصر في مسجد المهندسين (حي في أم درمان) بالقرب من صيدلية محمد سعيد وفي مدخل كبري النيل الأبيض من جهة أم درمان (مطل على الخرطوم)، والتقى جماهير الشعب الوفية هناك التي حيته واستُقبل بالزغاريد والهتافات وأكرموا وفادته.
وبعد ان أدت العملية أهدافها صدر توجيه بأن تخرج القوات، ودعني أثمن غالياً هنا القيم والأخلاق والفضائل التي اثبتها الفدائيون من قوات حركة العدل والمساواة السودانية.
ماذا تقصد بخاصة انهم متهمون بالتدمير وقتل أبرياء؟
- أقصد أنهم أناس قُتل أهلهم ودُمرت بيوتهم وانتهكت أعراضهم وعلى رغم ذلك دخلوا العاصمة في الساعة الثانية ظهراً وخرجوا منها في الحادية عشرة ليلاً ولم ينتهكوا عرض أحد ولم يتسببوا في أذى لمواطن، سواء في نفسه أو ماله أو عرضه أو كرامته، ومن أشترى منهم سجائر أو أعواد ثقاب اشترى ذلك بحرّ ماله.
وحتى اليوم لم يتقدم مواطن واحد ليقول إن قوات حركة العدل أثناء دخولها الى أم درمان آذتني في نفسي أو أخذت من مالي أو انتهكت كرامتي أو قتلت أو جرحت واحداً من المواطنين.
هناك معلومات متداولة ومنشورة تشير الى أن حركة العدل قتلت عدداً من المواطنين ودمرت ممتلكاتهم أثناء دخولها الى أم درمان، ويقال إنها قتلت مجندين ودمرت منازل ومواقع عسكرية؟
- لم تُدمر حركة العدل والمساواة مرافق مدنية، أما المرافق العسكرية فهي هدف مشروع، لكننا لم نطلق طلقة على منشأة عسكرية إذا لم تأتنا منها نار، وفي كل المحاكم التي عقدت لأخواني الفدائيين (في الخرطوم بعد دخولهم الى أم درمان) ومن معهم من المواطنين الذين اعتقلوا ظلماً لم يتقدم أنسان واحد ببلاغ شخصي في شأن مظلمة (شكوى) ضد عضوية حركة العدل أثناء دخولهم الى أم درمان.
أشرت الى المحاكمة، كيف جرت محاكمتكم؟
- أنا أترحم على العدالة وأترحم على القضاء السوداني، ويعف لساني عن تقويم ماجرى، وكيف لك أن تسن قانوناً في حادثة جرت في وقت سابق، كيف يعقل أن يصدر رئيس القضاء في ورقة مواجهات حكم عقوبته الإعدام في تاريخ 29 أيار (مايو) لعملية أجريت في العاشر من أيار ( 2008).
كيف يسقط رئيس القضاء قانون الإثبات وقانون العقوبات، من أعطاه تلك الصلاحية ومعلوم أن سن القوانين من صلاحيات البرلمان هذا اضافة الى أنه لا يمكن تطبيق القانون بأثر رجعي .
هل تعني ان الحكم كان سياسياً، ألم تحاكموا وفقاً للقانون؟
- نحن لم نحاكم بقانون، فقط جلس رئيس القضاء وقرر إعدام هؤلاء الناس (قادة وأعضاء في حركة العدل الذين اعتقلوا بعد هجوم أم درمان).
وماذا عن الوثائق التي تم ضبطها أثناء اعتقال أعضاء في حركة العدل في أم درمان؟
- هذا غير صحيح، لم يضبطوا وثائق، هم إذا وجدوا اسماً مُسجلاً في ورقة وقيل هذا من الوثائق فإنهم يحكمون بالإعدام على صاحب الإسم وفقاً لذلك، وإذا قلت إنني التقيت فلاناً في معسكرات الحركة فهذا كفيل بالحكم عليه بالإعدام، فالإعدام ليس تجريماً، نحن نتكلم عن الأرواح، تلك مهزلة كبيرة لا أريد ان أتناول تفاصيلها وأتركها لأصحاب الاختصاص من القانونيين.
هل تعتقد أن عملية دخول قوات حركة العدل الى أم درمان حققت أهدافها؟
- نعم؟
كيف حققت أهدافها وأنتم متهمون بتجنيد أطفال، وشاهدنا على شاشات التلفزيون السوداني أطفالاً قيل إنهم مجندون تابعون لحركة العدل؟
- لماذا نستخدم أطفالاً، هل لدينا قلة في المقاتلين، هناك صور منشورة في موقع «يو تيوب» عن الطريقة التي كان يتعامل بها أعضاء جهاز الأمن (السوداني) مع من زعموا أنهم أطفال تابعون لحركة العدل، أتمنى أن تكون رأيت كيف عاملوا أولئك الأطفال وكيف انتهكوا كرامة الإنسان السوداني.
نحن حركة تلتزم المعايير الدولية، وليس في عضوية الحركة أطفال أو من هم دون سن الثامنة عشرة، وهنا اقول أن كل من كانت تدل سحنته أو لونه أو شكله أو حديثه أنه من الغرب الاجتماعي (من غرب السودان) فقد كان ( متهماً ومذنباً وعليه اثبات براءته وعدم عضويته في حركة العدل.
من رأيناهم على شاشات التلفزيون من الأطفال الى أي جهة ينتمون، ألم يكونوا أعضاء في حركة العدل؟
- إنهم ينتمون الى شعب السودان الطيب الصابر.
ومن أين جاؤوا؟
- الخرطوم تعج بعد أن حُرقت قراهم وانتهكت أعراضهم وأذلوا أيما إذلال وتدمرت البنية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، حيث كان لزاماً عليهم أن ينزحوا الى داخل الخرطوم ليلتمسوا رزقهم.
وهل أطلق سراح الأطفال؟
- نعم. أطلق سراحهم لكن لا أعرف هل أطلقوا كلهم، لا أعرف أيضاً عددهم، وهناك عدد من الأطفال تم اعتقالهم داخل «خلوة» سعاد الفاتح، وهي موقع لحفظ وتلاوة القرآن الكريم، هم أطفال من غرب السودان وطلاب دين يحفظون القرآن الكريم.
أنتم في حركة العدل متهمون أيضاً بالاستقواء بجنود أو أفراد تشاديين دخلوا معكم الى أم درمان؟
سمعت ذلك قبل اعتقالي (في أم درمان) من كلام ردده مستشار رئيس النظام في الخرطوم عبدالله علي مسار (مستشار الرئيس السوداني) وقيل أن محمد بشاره جربو هو ضابط من الحرس الجمهوري التشادي وإنه مسؤول الاستخبارت في حركة العدل وقيل إنه قتل في كوبري أم درمان.
وأقول إن محمد بشاره جربو الذي تحدث عنه هذا الأخ هو أحد الذين اعتقلوا وتم الحكم عليه بالإعدام وهو الآن خرج (من السجن) ضمن المجموعة التي اطلق سراحها بعد الاتفاق الإطاري (في الدوحة بين الحكومة السودانية وحركة العدل).
ومحمد سوداني وليس تشادياً وولد وتربى في حلفا (في شمال السودان)، ولا علم لي أن حلفا من تشاد.
وهل شارك في الهجوم على أم درمان أشخاص من مناطق سودانية أخرى غير دارفور وكردفان (أقليم في غرب السودان)؟
- حركة العدل والمساواة قومية المنشأ والأهداف والتوجه والمنهج والسلوك والعضوية، شارك في العملية سودانيون من مناطق عدة في السودان، فقد استشهد في عملية أم درمان تونق تونق من جنوب السودان الى جانب عثمان ود أم مرسوله من كردفان (اقليم مجاور لدارفور) وجمالي حسن جلال الدين من دارفور وعبدالرحيم من الشمالية (شمال السودان) وآخرون من شرق السودان ووسطه.
لكن هجوم حركة العدل والمساواة على أم درمان فشل ولم يحقق هدفه؟
- لا لم تفشل عملية أم درمان، الهدف كان أننا نريد تبادل الردع (مع الحكومة السودانية) وكنا نهدف من ذلك الى تحقيق توازن القوى بيننا وبين نظام الخرطوم، ونؤكد أن العملية (الحرب في دارفور) ليست صراعاً بين الُزرقة والعرب كما يروج النظام (أفارقة وعرب) وهي ليست مسألة قطاع طرق، إنها ثورة حقيقة لقضية مطلبية حياتية ومشكلة بنية نظام مختل ونحن نريد إعادة الميزان الى توازنه.
وهل تحققت أهدافكم بهجوم عسكري أثار جدلاً في السودان؟
نعم، أولاً أزلنا هيبة النظام (الحكومة السودانية)، فالدولة حالة ذهنية تنشأ في اذهان الأفراد، وتلك العملية أكدت أنه لا يوجد نظام حاكم في السودان، وهو نظام فاقد للشرعية الأخلاقية والقوى المادية التي تحرسه.
العالم كله أدرك هذه الحقيقة، وتوالت بعد ذلك المذلات، فهل تقبل ان تكون رئيساً مطلوباً لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة قتل وذبح شعبك، لا أظنك تقبل بذلك، ولا أظن أن هناك إنساناً سوياً يقبل بذلك.
لو لم نقم بعملية الذراع الطويلة (عملية الهجوم على أم درمان) وإثبات عجز المنظومة الأمنية والدفاعية للحكومة لما صدر هذا الأمر.
أي أمر؟
- اتهام (الرئيس) عمر البشير في المحكمة الجنائية الدولية وإصدار أمر بالقبض عليه، هذا تم نتيجة عملية دخول أم درمان التي أكدت أن النظام متهالك وهو كان يطرح نفسه كأقوى نظام في أفريقيا والإقليم والشرق الأوسط، لكن عملية أم درمان دحضت ذلك.
ثانياً، أن عملية أم درمان أكدت أن حركة العدل والمساواة قوة حقيقية وإقليمية ولا يمكن أن يتجاوزها أي مكابر، و أنهم (مسؤولو الحكومة السودانية) لا يستطيعون أن يرموا الآخرين بالحجارة فبيتهم من زجاج، كما أكدت القيم الأخلاقية التي يتحلى بها أعضاء حركة العدل والمساواة، لأنهم دخلوا (أم درمان) ولم يستخدموا الأسلحة الإستراتيجية.
وعلى بعد مئة كيلومتر قبل دخولنا الى أم درمان صدرت توجيهات بعدم استخدام الأسلحة الإستراتيجية داخل المناطق السكنية رأفة بأهلنا، وعندما دخلنا كانت واحدة من أبرز مهمات القيادة التنفيذية هو التأكد من عدم استخدام تلك الأسلحة لأننا من الشعب وخرجنا نناضل من أجله ونعمل من أجل مصلحته.
هل كانت الأسلحة الإستراتيجية التي معكم مدمِرة؟
- كان في مقدورنا حسم المعركة على بعد اربعين كيلومتراً قبل دخولنا الى أم درمان لأن كل التجمعات والأهداف كانت في مرمى نيراننا، لكن لم نستخدمها لأن حركة العدل تحتكم الى أخلاق السودانيين وقيم الدين رأفة بالسودانيين.
وهل حققتم أي أهداف سياسية من خلال الهجوم على أم درمان؟
- خطاب النظام وتعامله مع الأحزاب والقوى السياسية تغير تماماً بعد عملية أم درمان، بل سعى للتصالح مع القوى السياسية، وللمرة الأولى نظم مؤتمراً يسمى «مؤتمر أهل السودان» لاستصحاب آراء أهل السودان حول قضية دارفور، ثم تواضع بعد ان أقسم رئيسه قسماً مغلظاً منشوراً وقال إنه لن يتفاوض مع أية حركة (دارفورية) كما قال إنه لو تفاوض لن يتفاوض مع حركة العدل والمساواة.
لكن تجده اليوم ومنذ سنة بلع ذلك الحديث ومازال يستجدي للوصول مع حركة العدل لاتفاق، وقبل التوصل الى الاتفاق الإطاري (في الدوحة) لم يتمالك نفسه وذهب ليبشر بذلك الاتفاق.
وهو قال هناك في انجامينا (تشاد) انجمينا (أي ارتحنا) من الحرب.
الساحة السودانية تشهد تطورات ساخنة، كيف ترى المشهد الآن؟
- المشهد قاتم، لكن من أهم نتائج ثورة المهمشين هو زيادة مستوى الوعي لدى المواطنين، والمواطن صار الآن أكثر حساسية ووعياً بما يدور في الساحة السودانية، والظلم الواقع عليه.
وصار المواطن يبحث عن حقوقه السياسية، خصوصاً أن القوى السياسية أذلها النظام وسعى لإضعافها وتفتيتها على مدى عقدين من الزمان وبقبضة بوليسية، وهناك عدد كبير من الشرفاء ما زالوا خلف القضبان، ومن دون أوامر قضائية.
التعداد السكاني لم يكن نزيهاً ولا يعبر عن المشهد الديموغرافي في السودان، والسجل الانتخابي شابته عيوب وحتى شركاء الحكم في الحركة الشعبية خجلوا وتواروا حياء بسبب ما تم فيه من تجاوزات.
ولذلك أقول إن المشهد السياسي هو مشهد تم اعداده لرجل واحد هو المؤتمر الوطني (برئاسة البشير)، وإذا كانت المقدمات بتلك القتامة فلا يمكننا تصور أن تفيد نتائج العملية الانتخابية المشهد السياسي، ولكنها ستزيده تعقيداً.
سيأتي عمر البشير رئيساً ويدعي أنه اكتسب شرعية من المواطنين، وسيجتهد في الحفاظ على سلامته الشخصية من مخالب المحكمة الجنائية الدولية، وسيواصل مسلسل البطش بالقوى السياسية، وسيتخلص من نتائج نيفاشا (الاتفاق مع الجنوبيين) لأنها خفضت قوة (نفوذ) حزب المؤتمر الوطني من مئة في المئة الى 52 في المئة، وسيأتي بقوة نفوذ تفوق السبعين في المئة بحسب التوقعات.
وسيدعو ذلك الأمر اخواننا في الجنوب الى الانفصال، وسيؤدي الانفصال الى تأجج وارتفاع معدلات القوة المطلبية في بقية مناطق السودان، ما يشير الى أن الوضع في السودان سيكون برميل بارود، وأتمنى أن أكون مخطئاً في هذا الشأن.
أنت نائب رئيس حركة العدل والمساواة لقطاع كردفان (أقليم مجاور لدارفور في غرب السودان)، ويتردد أن كردفان هي مجرد ديكور في الحركة؟
- كردفان موجودة في كل مؤسسات الحركة، سواء في المؤتمر العام أعلى سلطة تشريعية في الحركة أو المجلس التشريعي ورئيس هذا المجلس من كردفان (الطاهر الفكي) وهناك عدد فاعل من نواب المجلس التشريعي من كردفان، كما توجد كردفان على مستوى القيادة التنفيذية في حركة العدل، وكذلك في مستوى هيئات الأركان في الحركة، إضافة الى مستوى القوات الموجودة على الأرض (قوات حركة العدل).
ولأن الحقوق تنتزع أؤكد أن كردفان لم ولن تكون ديكوراً في أي مشهد (سوداني)، وهي عنصر أكيد، ولها حقوق مشروعة وستأخذ حقوقها ان شاء الله، رضي من رضي وأبى من أبى.
وهل شارك «كردفانيون» ضمن قوات حركة حركة العدل في الهجوم على أم درمان؟
- كردفان شاركت بأكثر من 29 في المئة من المشاركين في عملية «الذراع الطويلة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.