يواجه الشباب بعد إتمام التعليم العام خيارات كثيرة واحتمالات أكثر ورغبات يتحقق بعضها للقليل منهم ويستعصي على البعض الآخر الحصول على ما يريد التوجه إليه من التخصصات المهنية والتعليمية أو من فرص العمل المناسب في المجال الذي يصلح أن يعمل فيه في هذه السن وفي هذه المرحلة التي تعد مفترق الطرق في حياتهم وتحدد مستقبلهم، بل تحدد مستقبل الوطن كله الذي يعيشون فيه وينتمون إليه، ولا شك أن هذا الأمر، أمر الشباب ومستقبلهم، يهمنا جميعا ويحتاج إلى البحث العميق البعيد عن العواطف والتنظير المجرد الذي اعتاد الناس الحديث غير المفيد فيه، لكن الواجب هو البحث عن أكثر من طريق وأكثر من فرصة تفتح أمامهم لتأمين العمل الذي يبحثون عنه، وهذا يتطلب من الجميع التكاتف والتعاون وبذل الجهد المشترك من جميع الجهات ذات العلاقة من القطاع العام ومن القطاع الخاص، ومن أهل الرأي والخبرة والمقدرة في أي موضوع كان. ولا شك أن فتح منافذ الخيارات غير المعهودة وغير المألوفة وتعددها أمامهم سيتيحان في الوقت نفسه مجالات مهمة لم يسلط الضوء الكافي على الكثير منها في الوقت الحاضر، فقد تعددت الخيارات واختلفت المسارات التي تقتسمهم وتقتسم مستقبلهم، لكن أصبح توجه الكثير منهم ورغبته كما هو توجه أهلهم ورغبتهم هو التعليم العالي والتوجه للجامعات خاصة وهذا التوجه وإن كان مقبولا ومفهوما الدافع إليه إلا أن في غير الجامعات من وسائل التأهيل والإعداد ومن الفرصة غير المألوفة ما قد يكون في بعض الحالات أهم منها وفي حالات أخرى ما يوازي في قيمته مسار الجامعات وقد يتفوق عليها، ولا سيما إذا نظرنا في حياة الناس واختلاف قدراتهم وتعدد رغباتهم ومسالكهم، فليست كل الطرق تؤدي إلى روما، بل هناك طرق كثيرة تقود من يأخذ بها ويعرف مداخلها ومخارجها إلى ما هو أهم من روما وأكثر منها فائدة للذين يحسنون اقتناص الفرص والاستفادة من المتاح والممكن وإن كان غير معهود ولا مألوف لعامة الناس وتوجهاتهم التي يتكرر أكثرها ولا يضيف جديدا للطامحين والباحثين عن الفرص البكر. لكن من سيرشد الشباب إلى هذه الطرق ويقود خطواتهم الأولى إلى أول الطريق الذي سيعبرونه مستقلين في رؤيتهم ومستقبلهم عن المعروف والمألوف والمتكرر، هنا يجب أن نتحدث ونطالب بفتح المعابر والمنافذ السالكة إلى حياة العمل والمستقبل وهي كثيرة، منها على سبيل المثال الشركات الضخمة في القطاع الخاص أو حتى شبه الخاص التي عليها واجب وطني في حال ومصلحة لها وفائدة تستفيد منها في حال أخرى، وأهم هذه المنافذ إنشاء معاهد للتدريب متخصصة في نوع العمل الذي تمارسه الشركة أو المؤسسة وتحتاج فيه إلى اليد العاملة الفنية المدربة ويلتحق بهذا المعهد الطلاب الذين يريدون التخصص في أعمال الشركة ذات العلاقة، هذه الشركات والمؤسسات يجب أن تحتضن هؤلاء الشباب وتدربهم على أعمالها فيصبحون هم اليد العاملة المتخصصة المحلية التي تعتمد عليهم ويكونون جزءا من كادرها الإداري، وهذا الحال سيضمن استمرار هؤلاء في العمل حين يلتزمون للشركة بخدمة فترة محددة مقابل تعليمهم وتوظيفهم، ويفتح عيونهم ويطور خبراتهم ومقدرتهم على العمل الحر المنتج ويعمق الولاء بين الشركة والعاملين فيها. نقلا عن صحيفة مكة