1. ولو أنّي حُبِيتُ الخُلْدَ فَرْداً لمَا أحبَبْتُ بالخُلْدِ انفِرادا 1. لو كان لي قلبان عشت بواحد وتركت آخر في هواك معذبا أمامك أمنيتان صنعتهما «لو» ذات الرشاقة الباذخة، ولكن الفرق بينهما بسعة طاقة الخيال على التحليق في الأساطير. فالأول يرفض الجنة، بكل مفاتنها وانهارها، إذا كان فيها وحيدا، وهو بهذا الرفض الأخضر يقدم لنا درسا إنسانيا يعلمنا الحب والإيثار ونكران الذات.. أما الثاني فهو من الجدب والتصحر الإنساني لا يريد أن يعرف حرارة الحب، فهو يريد قلبا لا علاقة له به ليعذب بدلا منه.. فهل رأيت تبلدا مثل هذا؟ النحاة يسمون «لو» حرف امتناع لامتناع، وأنا سأتجرأ وأسميها: «حرف الأماني المعلقة» فهي يمكن أن نتخذها نافذة واسعة نطل منها على المنعرجات الداخلية لقائلها.. فتارة تجدها بمصابيح كثيرة توصلك إلى عالمه الباطني، وتارة تجدها في ظلمات بعضها فوق بعض. أما إذا أردت أن تجعل ذاكرتك حقلا مختلف الثمار فاقرأ المفاجأة الإبداعية «خرز الوقت» للشاعر المبدع علي الدميني، اقرأ حتى تصل إلى «لولواته» الأشبه بالنوافير الضوئية: «لو كان لي قلب رافقني على الدرب/ الذي يفضي إلى قلبي/ وحررني/ لأمضي دونما حرس/ إلى باب القصيدة». «لو كان لي قمر لأهديت السماء صفاته وعلى الصبايا الذاهبات إلى الحقول نثرت صيفا ناحلا من قمحه».. الخ. «لو كان لي قلم» لصنف لي كتابا عن جنون الورد/ حين يقوم من أحواضه/ ويسير مشتاقا لتقبيل الجميلة/ وهي تضحك/ في شفاه الهاتف الخلوي/ همسا/ في ممرات الحديقة». «... لو أني احتفظت ببعض «ألعاب الطفولة» لانتشيت الآن بالفرح الذي/ ينهمل نهرا جارفا».. الخ. «لو صار لي كف يجيد العزف لامرأة تحب العزف/ لأفقت من صحوي/ على ناياتها».. الخ. «لو كان لي مطر، وكانت لي محيطات/ وربان/ لسقت البحر للصحراء»... الخ. أي أمنية من هذه الأمنيات البتراء أسرع إلى قلبك؟ ستحتار، أما أنا فأبني خيمتي على الأخيرة، فهي تعيد لي صوت أبي العلاء وصوت أدونيس. نقلا عن صحيفة اليوم