CNN)-- رقصة الدراويش "الدائرية" ليست مجرد منظر للمشاهدة، بل طقساً مقدساً فلسفياً غامضاً لأتباع طائفة إسلامية سنية. والطريقة المولوية، كما يطلق أتباع الطائفة على أنفسهم ويعرفون بها رسمياً، هي إحدى الطرق الصوفية السنية، وتأسست في القرن الثالث عشر إثر وفاة الشاعر والفيلسوف جلال الدين الرومي، الذي يطلق عليه الأتباع "مولانا الرومي." وانطلقت الطريقة المولوية من مدينة قونية التركية، وسط منطقة الأناضول، والتي تعد الموطن الروحي لأبناء الطريقة المولوية، وحيث يوجد حالياً "متحف مولانا" الذي يضم مرقد الرومي وابنه. وفي ديسمبر/كانون الأول من كل عام، يتدفق الناس إلى قونية لإحياء ذكرى وفاة الرومي ومشاهدة رقص الدراويش الدائرية، وهي الطقس الديني المميز لهم. وتتم الرقصة الدائرية بارتداء ملابس رمزية مؤلفة من الثوب الأبيض الفضفاض والقبعة الدائرية الطويلة، التي يطلق عليها اسم "الكلاه"، ويرافق الراقصين عزف على الناي، حيث يرفع الراقصون أيديهم إلى السماء ويدورون حول أنفسهم بعكس عقارب الساعة. وتعد رقصة الدراويش جزءاً أساسياً من فلسفة الطريقة المولوية، وأضيفت إلى قائمة اليونسكو للتراث الإنساني. ميتي هرزوم أصبح راقص دراويش قبل 13 عاماً، وذلك بعد 6 شهور على التدريب الجسدي والروحي. وقال ميتي لCNN إن الرقص عند قبر مولانا، الذي يصفه أتباعه بال"حبيب" بسبب حبهم له، يعتبر من أحب اللحظات إلى قلبه وأكثرها فخراً له. وأضاف: "لمجرد أن تكون مع حبيبك وأن تكون هنا أمامه.. فهذا يعتبر أعظم هدية بالنسبة لي." وتمثل الحركة الدائرية في الرقص دوران الأرض حول الشمس، وتعتبر الرقصة رحلة رمزية لتقرب الدرويش من الله والحقيقة. وفي العادة، الرجال هم الوحيدون الذين يقومون برقصة الدراويش الدائرية، رغم أن هذا الأمر بدأ يتغير مؤخراً، ففي اسطنبول يمكن للرجال والنساء أن يتشاركوا في الرقص الدائري. تقول الراقصة الدرويشة من مدينة اسطنبول، سويتاب دميرتاس: "عندما تتقرب من الله، أو إذا كنت ترغب في الاتصال مع نفسك وروحك، فإنه لا فرق في أن يكون الشخص بجانبك ذكراً أو أنثى." غير أن طلعت هلمان، وزير الثقافة التركي الأسبق وأحد الدارسين المعروفين للرومي، إن مدينة قونية تظل أكثر محافظة، وربما يوماً ما ستلحق بركب اسطنبول في وجود نساء ورجال يرقصون إلى جانب بعضهم البعض، ولكن حتى الآن "النساء غير مسموح لهم بممارسة رقصة الدراويش.. وهو أمر أرجو أن يتغير."