استضاف مهرجان جرش العرض التركي «مولوي صوفي»، في أول حفل من هذا النوع وسط اهتمام اردني متزايد بالغناء والرقص الصوفي، وصولاً إلى تنظيم مهرجان سنوي دولي في العاصمة عمان. كان التجلي عنوان سهرة امتدت لأكثر من ساعتين، حبس الجمهور خلالها أنفاسه وهو يتابع في البداية الغناء الصوفي، متشوقاً في الوقت نفسه إلى اكتمال المشهد غناء ورقصاً، في حلقة إحياء الذكر المولوي التي غلب عليها الطابع الفولكلوري، إذ زار الأتراك المسرح الشمالي محملين بما تحفل به الخزينة الموسيقية التركية من هذا الفن. أدى المنشدون حركات فنية انسجموا فيها مع ذواتهم، وكأنهم يتناجون، فداروا لساعات طويلة ليندمجوا في مشاعر روحانية ترقى بنفوسهم إلى مرتبة الصفاء الروحي. وتشتهر الطريقة المولوية بالنغم الموسيقى ذي الألحان الناعمة والحزينة، والقريبة من النفس، باستخدام آلة الناي التي تعتبر من أكثر الآلات الموسيقية ارتباطاً بعازفها لأنها تشبه بأنينها أنين الإنسان، إلى جانب آلتي الرق والقانون بنغماتهما العذبة. وعندما يؤدي المنشدون حركاتهم تلك يشعرون المتفرج بأنهم يبتعدون عن العالم المادي إلى عالم أكثر حرية ونقاء. يعود الغناء والرقص الصوفي المولوي إلى مؤسسه جلال الدين الرومي الذي عاش خلال الفترة 1207- 1273 ميلادية، في مدينة قونية بأقصى الجنوب التركي، ونقل حلقات الذكر المولوي، غناء ورقصاً، إثر زياراته إلى دمشق وبغداد لتنتشر الطريقة في العالم الإسلامي في ذلك الوقت، وما زال هذا الفن حياً لغاية اليوم في تركيا. يطلق على مؤدي الرقص الصوفي المولوي اسم «دراويش»، و«الدرويش» هو شخص فقير ومحتاج، ينشغل بذكر الخالق عن متاع الدنيا. ويقيم المؤدون في مكان يعرف ب «التكية المولوية»، ويقضون أوقاتهم في العبادة والذكر وترديد الأناشيد الدينية، وما يصاحب ذلك من حركات صوفية ترقى بالروح والعبادة. ارتدى المنشدون، الذين أدوا رقصاتهم بمجموعات تتألف الواحدة منها من خمسة إلى عشرة أشخاص، ملابس موحدة، ما يتناسق مع المقام الموسيقي الواحد الذي لا يتغير. ويتبادل أفراد المجموعة الإنشاد المنفرد، ثم يعودون مجدداً، بين الحين والآخر، إلى الإنشاد الجماعي، مديحاً وثناء على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى صحابته الكرام وآل بيته الطاهرين. وفي العادة تقدم تلك الأناشيد في ليلة القدر، ومنتصف شهر شعبان، إضافة إلى يوم المولد النبوي الشريف ومناسبة العودة من الحج وغيرها من المناسبات الدينية وأحياناً الاجتماعية.