أُجزم أن تماسك الجبهة الداخلية لأي مُجتمع هي صمام أمان لاستقراره والمحافظة على مكتسباته؛ لأنها تُشكِّل في مُجملها الخطوط الطولية والعرضية التي قد يُخترق المُجتمع من خلالها جراء وجود ثغرات تُستغل من قِبَل ضعاف النفوس من الداخل أو من المأجورين من الخارج، ممتطين صهوة الشائعة أحيانًا لبث الرعب في نفوس العامة، ومُتّخذين التنظيم وسيلة لتحقيق مآربهم الدنيئة -التي لم يستطيعوا تحقيقها وقت السلم- تارة أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى إثارة البلبلة وإحداث التشويش على كل الأُطروحات التي تحاول جاهدة معالجة هذا الخلل؛ خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن تلقف الشائعة في وعينا الحالي يفوق بمراحل تصديق الخبر المؤكد الصادر عن الجهات الرسمية، ولعل الأخذ بهذا التوجه السلبي يعود إلى حِقب زمنية بائدة كان التعتيم هو سيد الموقف، مما أفقد أفراد المُجتمع الثقة في القنوات الرسمية التي تُصدر البيانات حول الأوضاع، ويُكتشف بعد حين أن "ليس لها أساس من الصحة". وتتعاظم أهمية تماسك الجبهة الداخلية في وقت الأزمات -وما هذه الأيام سوى أنموذج- فالحرب تدق طبولها من حولنا، والمتربصون بوطننا كُثر؛ منهم من كشَّر عن حقده الدفين وتدلَّى لسانه بالسُم الزُعاف، ومنهم من يدس السُم في العسل، ومنهم من يتحيِّن الفرصة للانقضاض؛ لذا كان علينا أن نتذاكر ضرورة الالتفاف لهؤلاء المُرجفين ونقول لهم: وحدتنا أكبر من مُخططاتكم، ووطننا أغلى من دمائنا، فلن تقفزوا على وحدتنا لتفككوها، وسنفدي وطننا بكل ما أُوتينا، ولكن لن يتأتى هذا إلا بأخذ الحيطة والحذر من قبل شبابنا وشاباتنا -لأنهم هم المستهدفون- فهم العِماد الذي يكبر ويقوى به الوطن، وهم من سيشد عضد الأمن ليتبلور المبدأ الذي دومًا نرفعه ونتغنى به "المواطن هو رجل الأمن الأول"، فقد حان الآن رؤية هذا الشعار على أرض الواقع -ونحن أهل لذلك-. إن المُتتبع للدول التي اجتاحها ما أُتفق على تسميته ب"الربيع العربي" وهو منه براء، ويتدبر في تداعياته السلبية، يحمد الله أن منَّ علينا بما ننعم به من أمنٍ واستقرار، ويتوجب علينا تجاهه بالشكر المستمر على كل ما من شأنه المحافظة على كل مُقدرات بلادنا التي بُنيت بسواعد أبنائها وبناتها، وألا نلتفت للهفوات الصغيرة التي يُظهرها البعض هذه الأيام رغبة منهم للاصطياد في الماء العكر، وكأنها سبب للكثير من مُعضلاتنا، بينما لا يجب أن تُطرح في هذا التوقيت الذي ينبغي لنا أن ننظر فيه بشمولية وبُعد نظر إلى المصالح العُليا للوطن من خلال التركيز على كل ما يُعززها، وتهميش كل الأصوات النشاز التي تستهدفها، وتحاول جاهدة النيل منها رغبة في تحقيق أحلامها المريضة. نداء محبة من مواطن عاشق لوطنه وغيور على أبنائه وبناته وراغبٌ في المحافظة على كل مكتسباته المادية والمعنوية أبعثه من هذه النافذة يحمل بين طياته أملًا ويغلّفه ثقة في كل شرائح مُجتمعنا النبيل بأن يكونوا صفًا واحدًا خلف قيادتهم في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها منطقتنا الحيوية، وأن ينحازوا لصوت العقل، ويُقدموا المصلحة العامة على مصالحهم الفردية؛ ليعكسوا للجميع أن ملحمة الوفاء ممتدة من الماضي مرورًا بالحاضر وستبقى مستقبلًا يتوارثه الأجيال جيل بعد جيل؛ إيمانًا منهم بأن حب الوطن شعبة من شعب الإيمان. خاتمة: حفظ الله وطننا الغالي وأهله الكرام من كل سوء، وأحبط الله مُخططات المتربصين وردها في نحورهم. نقلا عن المدينة