من حسنات اللجنة العليا للإصلاح الإداري، إنشاء وحدات للتطوير الإداري في أجهزة الحكومة. لعب معهد الإدارة العامة دورا متميزا في محاولة بث هذه المنظومة على مدى سنوات طويلة. بعض الوزارات أفادت من وجود إدارات للتطوير الإداري. استطاعت وحدات التطوير الإداري لعب دور مميز في إعادة هيكلة الجهاز ووصف مهام وواجبات كل إدارة وقسم .. كان من أهم أهداف التطوير الإداري خلق ثقافة إدارية مختلفة عن النمط المتراكم منذ قيام مؤسسات الدولة الدستورية منذ قرابة قرن من الزمان. نشأت وزارات وغابت ولم يكن جل العاملين بها يعلمون ما الرؤية أو الرسالة والاهدف. والسبب عدم وجود نص واضح على هدف الوزارة ؟ أهي خدمية أم استثمارية أو أمنية أم رقابية ؟ نجد قيادات أمضت عشرات السنين ولا تعرف ما هو عمل وزارة الداخلية أو البلديات أو النقل أو الاتصالات والتقنية ؟.لو سألت السيد «حاضر النبهان» ما عمل وزارة الشؤون الاجتماعية التي يعمل فيها لقال لك أنا أعمل في قطاع الضمان ولا أعرف عن باقي أعمال الوزارة. من أحسن أعمال الإصلاح الإداري أن أغلب تشكيلات الوزارات الهيكلية قد اعتمدت رسميا بالتوافق مع وزارة المالية وربما التخطيط، وهنا فالمرجعية سليمة بالمفهوم الإداري... مسألة خلق الثقافة الإدارية مازالت بعيدة جدا عن أذهان جل العاملين في جهاز الدولة دون استثناء. وهذا من عوائق أي محاولات للتطوير. صحيح أن التدريب والتطوير عنصران هامان في تنمية المهارات والمعارف، لكن الأهم هو القناعة بفهم ما يعمل الإنسان من أجله. والفهم يقود إلى فقه التعامل والعمل لأن ذلك مسار الحقيقة. كان الأمل معقودا على وزارة الخدمة المدنية، في تفعيل بث الثقافة الإدارية، لكن تحول الأداء فيها إلى أرشفة وتصنيف جعل الأمر يتوقف حتى يأذن الله بفقه ووعي إداري متطور.. المجال متاح ومباح أن تدرس الوزارة نظرية التدوير الإداري، بتدوير تداول المناصب القيادية كل أربع سنوات وألا يبقى المدير أكثر من هذا بدءا برؤساء البلديات وإدارات التراخيص، بل كل المناصب القيادية، ففي هذا إثراء لمزيد من الثقافة الإدارية فنية كانت أم إدارية بحتة، وكذلك الأداء المهني، وأساليب الخدمة المقدمة فربما تحولت الإدارة الحكومية بهذا إلى كسب رضا المتعاملين والتنافس في تطوير الخدمات والأداء والقضاء على أعراض التخلف والإقعاء.