قد نكون في الاتجاه الصحيح من المسار الإداري لكن علينا مراجعة ملفات رئيسة في هذا المجال والاطمئنان عليها. ومن أبرزها ملف الهياكل التنظيمية في قطاعات الدولة وهذا حجر زاوية في الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد وحماية الوظائف العامة، فبعض قطاعات الدولة احدث مناصب قيادية ومناصب إشرافية وتنفيذية خارج الهيكل التنظيمي حتى اصبح الهيكل نوعاً من التسلية يديره الوزير أو الوكيل أو الرئيس تحت نظر إدارات التخطيط والتطوير الإداري دون أي مرجعية من وزارة المالية، ووزارة الخدمة المدنية، واللجنة الوزارية للتنظيم الإداري ليصبح هناك نوع من التفصيل: تفصيل الوظيفة على مقاس وحجم الشخص وحسب أهميته وقربه من المسؤول، فخرجت علينا مسميات إرضائية وتشريفية مثل: وكيل الوزارة المساعد والمشرف العام وإحداث عدة مناصب لوكلاء الوزارة ليست في الأصل ضمن الهيكل التنظيمي.. نحن بإذن الله نتجه بالاتجاه الصحيح لتحديث الإدارة لدينا والقضاء على البيروقراطية السلبية ومحاربة الفساد ليس لإرضاء العالم من حولنا ولكن لأننا قررنا ان نتبنى التحديث الإداري في أجهزتنا وهذا ناتج عن مخرجات التعليم لدينا من كليات ومعاهد وأكاديميات الإدارة والمدعومة باستمرار من قيادتنا التي تعمل وتحث دائماً على التطوير الإداري.. لابد ان تكون لنا ثوابت إدارية وسياسات محددة تخضع لمرجعية عليا ولا يترك الأمر لمزاج المسؤول يشرع أبواب الهيكل التنظيمي متى شاء وربما يجعلها تتضاءل إلى أقصى درجة عندما يريد .. يقسم الوكالات والصلاحيات وفقاً للرضا والخصام دون أي معيار مهني أوتأهيلي. لقد شاع في الفترة الأخيرة أنه عندما يتولى بعض المسؤولين منصباً قيادياً جديداً يبدأ بغربلة قطاعه إما بصورة انتقامية أو (تطفيشية) بأسلوب تهميش السابقين ودفعهم إلى التقاعد أو النقل بهدف إحلال الأقرباء وأصدقاء الدراسة ومن يجمعهم به تراب القرية أو المصالح وكل ذلك يتم في ظل غياب مراقبة الوظيفة العامة وتغاضي الجهات الرقابية على الوظائف. لا نود أن يكون أسلوبنا الإداري يتقارب مع ما جاء بالآية الكريمة {كلما دخلت أمة لعنت اختها} (الآية 38 سورة الأعراف)، لذا لابد ان يكون لنا مرجعية إدارية بحيث لا يتم تعديل الهياكل التنظيمية وايضاً الهياكل التخطيطية الاستشرافية إلا من خلال اللجنة الوزارية للتنظيم التي مقر أمانتها معهد الإدارة، والإدارة المركزية للتنظيم ومقرها وزارة المالية. وكذلك مراقبة المراتب العليا من قبل وزارة المالية ومراقبة التوصيف الوظيفي من قبل وزارة الخدمة المدنية. ودعونا نكن أكثر وضوحاً فإن بعض من يتقلد المناصب القيادية : مناصب الوزراء والنواب والمساعدين، والوكلاء ليس لديه إلمام كاف بالهياكل التنظيمية إما لكونه يتكئ على خلفية وخبرات أكاديمية وبحثية في الجامعات والمعاهد العلمية، أو تكون خبراته الطويلة في القطاع الخاص في مجال المال والأعمال أو من التكنوقراط المهنيين.. فيتدخل في الهياكل تحت استشارة مساعدين له ليست لهم خبرة قانونية وإدارية.. وهذا خلل في البناء الاداري. فليس عيباً أن يكون القيادي يدير عملاً ادارياً وهو أكاديمي خبراته في الأبحاث لكن لابد ان يكون محاطاً بأصحاب خبرات ادارية تساعده في صنع القرار وتحميه من تدمير الهياكل التنظيمية عبر قراراته الشخصية.