إن وقع الستر من الناس له أثر في تعديل وتصحيح ما اعوج من سلوك وخطايا، لكن ممارسة بعض المحتسبين في تجاوز الستر تلجئ أسرا للقطيعة مع بعض من يستدعى منهم من قبل بعض المحتسبة بأن امرأة استزلها شيء من الثقة بالمجتمع للتواجد في مطعم أو مقهى في أسواق كبيرة الحجم والحركة والظهور العلني، ويأتي بعض محتسبة لا يقيمون وزنا في التفريق بين خلوة واختلاء ليجعلوا من الأمر قضية يقولون إنهم فيها يسترون، لكنهم لا يفعلون، وكيف يكون ذلك وقد استدعي أب أو أخ، وبات الحال مستمطر شؤم وخصام وشجار. أنا هنا لا أتحدث عن ما قد يكون من خطايا الزلل السلوكي المشين، فذلك يطهره حكم القضاء الشرعي العادل القائم على الشهود ممن ليس لهم عائد نفع بالشهادة فتكون فاسدة. استعيد ما سمعت أن بعض نساء رفض أقارب لهن عودتهن لمسار الحياة المستقيمة، وأتذكر قضاء رسول الله الذي جاء طهرة لامرأة اعترفت بالزنا، فقد جاء في الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما في المسجد وأصحابه حوله. وإذا بامرأة متحجبة تدخل باب المسجد.. فسكت عليه الصلاة والسلام، وسكت أصحابه.. وأقبلت رويدا.. تمشي ثم وقفت أمامه.. وقالت: يا رسول الله أصبت حدا فطهرني.. ثم حول وجهه إلى الميمنة وسكت كأنه لم يسمع شيئا.. قالت: أراك يا رسول الله تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك.. فوالله إني حبلى من الزنا؟.. فقال: اذهبي حتى تضعيه.. حملت طفلها تسعة أشهر.. ثم وضعته.. وفي أول يوم أتت به وقد لفته في خرقة.. وقالت: هأنذا وضعته فطهرني يا رسول الله.. فنظر إلى طفلها.. وقلبه يتفطر عليه ألما وحزنا.. لأنه كان يعيش الرحمة حتى للعصاة.. فقال: ارجعي وأرضعيه فإذا فطمته فعودي إلي، فذهبت إلى بيت أهلها.. فأرضعت طفلها.. ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته.. وفي يده كسرة خبز.. فأخذ صلى الله عليه وسلم طفلها، وقال: من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين.. ويؤمر بها فترجم.. فيطيش دم من رأسها على خالد بن الوليد.. فسبها على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: مهلا يا خالد، والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه.. وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها، فقال له عمر رضي الله عنه: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟، فقال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم.ماذا لو حصل مثل هذا اليوم لدى أي من قضاتنا الأعزاء.