طهران لا تتوقف عن التذاكي بالإصرار على الظهور بأنها ''ظهر'' الطائفة الشيعية أينما كانوا، وآخر هذه التدخلات بيانها ''العدواني'' بعد القبض على المتطرف نمر النمر، فهي تتدخل بشكل سافر بين السلطات السعودية وبين مواطنيها. هل قال أحد لطهران إن هؤلاء مواطنون يحملون الجنسية الإيرانية؟ بل هم سعوديون أبا عن جد وأصولهم من هذه البلاد من مئات السنين، وولاء الأغلبية العظمى منهم لوطنهم، ولم يظهر منهم خلاف ذلك، لكل ذلك نقول لإيران، وللمرة الألف: ارفعوا أيديكم عن أهلنا و''شيعتنا''، ولا تُظهروا أنفسكم بمظهر المدافع عنهم، فلديهم وطن يدافع عنهم ويدافعون عنه. إذا كان نمر وزمرته من الصبية قد قاموا، وما زالوا يقومون، بأعمالهم التخريبية، ومشاغباتهم الطفولية، وشعاراتهم العدوانية، فإن ذلك لا يعطي إيران الحق في أن ترسل رسائل مبطنة بأنها حامي حمى الطائفة الشيعية في السعودية. ولنتخيل لو أن وزارة الخارجية السعودية أصدرت بيانا تعرب فيه عن القلق من الإعدامات التي يتعرض لها المواطنون الإيرانيون من المسلمين السنة المقيمين في الأحواز، وآخرها ما أعلنته أمس منظمة هيومن رايتس بأن طهران شنقت الشهر الماضي أربعة ناشطين من الأقلية العربية، وأن خمسة آخرين حكم عليهم بالإعدام وينتظرون أن ينفذ فيهم الحكم على الفور، يا ترى هل سيقبل النظام الإيراني بذلك؟ لا شك أنه سيعتبره ''عملاً عدوانياً''، فلماذا يقوم هو بمثل هذه الأعمال العدوانية ضد السعودية مرة بعد الأخرى؟ ولأن شر البلية ما يضحك، ووفقا للبيان، فإن إيران ''قلقة من ممارسة السلطات السعودية العنف ضد الشخصيات الدينية وسكان المنطقة الشرقية''، ولأني من سكان المنطقة الشرقية فإني لا أعلم إن كانت إيران بهذا القلق تدافع عني، أم تهاجمني، أم تحرضني، أم أنها تتذاكى علي وعلى أقراني من المواطنين السعوديين، سُنَّة كانوا أو شيعة، أم أنها تريد أن توقظ الفتنة الطائفية بين أبناء البلد الواحد. وبكل تأكيد عندما تطل الطائفية الإيرانية برأسها الكريه، فلا بد أن يلحقها سريعاً حزب الله باعتباره يقوم بدوره كممثل لولاية الفقيه، فها هو يصدر بيانا يعبر فيه عن ''قلقه وألمه'' من اعتقال ''سماحة الشيخ نمر النمر''، ولم يستح الحزب الطائفي من ''الاستنكار بشدة'' لعملية الاعتقال هذه. هذا القلق والألم ربما مشهد من مشاهد التمثيل التي يبرع بها أمين عام الحزب حسن حسب الله، فهو يرسل مقاتلي الحزب لقتل الثوار السوريين في لبنان، ثم يحاول أن يغطي على إجرامه هذا بمثل هذه البيانات التي تفضح طائفيته وغباءه لا غير. إيران تعتقد أن وجود قلة قليلة من المواطنين السعوديين الشيعة الموالين لها، يعطيها الحق في أن تنصَّب محاميا عن عموم الشيعة، لكنها تتناسى أن هناك أيضا من المواطنين السعوديين من غير الشيعة يوالون دولاً أخرى في المنطقة، ومع ذلك فإن تلك الدول كانت أكثر حكمة من النظام الإيراني ولم تفضح نفسها أبدا نقلا عن الاقصتادية