أخيرا وصل الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر والتي هي من اكبر دول الطوق وتمتلك اكبر جيش عربي ,وأخيرا دخل الإخوان القصر الرئاسي ,وأخيرا سيتولى الإخوان إدارة كل مؤسسات الدولة المصرية المدنية لمرحلة تعتبر فتحا جديدا بالنسبة لهم ,وأخيرا تحقق حلمهم بتغير النظام الحاكم في مصر وتأسيس نظام حكم جديد يعيد مصر للشعب ,وهذه فلسفتهم التي أعلن عنها رئيس الإخوان في الميدان, ولعل حلم الإخوان الكبير هو الوصول إلى الحكم في باقي الدول العربية, و أعتقد أنها إستراتيجية قد لا تقبل الإلغاء ,وقد تقبل التعديل ,وإستراتيجيتهم ليس تولى الحكم في دول عربية محددة ,بل نجزم أن الإخوان يطمحوا ويخططوا للوصول إلى الحكم على امتداد دول العالم الإسلامي وكل بطريقة تناسب واقعه السياسي ليتسنى لهم تأسيس إمبراطورية تمتد من شمال أفريقيا حتى أطراف أسيا ومن المحيط إلى الخليج , وما بين وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في بعض الدول العربية وتأسيس إمبراطوريتهم يبقي تحرير فلسطين هي القضية التي أوصلتهم لهذا سؤالا كبيرا ؟؟, فهل يستمر الإخوان في إستراتيجيتهم القديمة نحو تحرير فلسطين والمقدسات ,و هل سيفتح الإخوان الحدود مع الفلسطينيين من اجل المقاومة ؟ أم أنهم عدلوا الإستراتيجية وأصبحوا يسعوا إلى الحكم بدلا من التحرير وبالتالي يأتي التحرير لاحقا , وإن كانت هذه هي إستراتيجيتهم , فهل اخذوا بالحسبان ما يحدث الآن في فلسطين من حرب تهويد واستيطان مسعورة تطال كل ما تبقي للعرب في فلسطين من مقدسات وعوامل بقاء ,وهل اخذوا بالحسبان تغلغل اليهود والأمريكان صفوف العالم العربي وتواجدهم بالجملة في كل مكان ظاهرين وغير ظاهرين ..؟ قد تكون جمهورية الإخوان في مصر هي بداية مرحلة جديدة بالعالم العربي تؤسس لتولى الإسلام السياسي مقاليد الأمور بكافة دول العالم العربي بعيدا عن الدخول في صراعات سياسية مسلحة الآن مع قوي الظلم والعدوان والاستعمار التي مازالت تهيمن على العالم العربي ,وتتواجد في كل مكان داخل إمبراطورية الإخوان على امتدادها من المحيط إلى الخليج وهذا المخيف حقيقة من وصول الإخوان إلى الحكم وانشغالهم بالعمل السياسي على حساب قضية التحرير والتحرر من قبضة الاستعمار , والمخيف أن يتخلى الإخوان عن أيدلوجية تنظيف الاستعمار يتعايشوا مع الاستعمار الذي يتواجد داخل إمبراطوريتهم خشية على إمبراطوريتهم و تفتيتها ,وهنا يكون الاستعمار هو الذي يدير دفة التغير بالعالم العربي وليس الإخوان ؟ , ولان الحكم في بداية أمره يتطلب من الإخوان أن يثبتوا أنفسهم بالحكم و يسهلوا على الشعب المعاش الكريم ,ويفروا له الرعاية الصحية والتعليم دون تمييز بسبب الانتماء السياسي , وفي نفس الوقت يسعوا إلى الوحدة الوطنية وتوحيد الصف الوطني والاعتناء بالسياسة الداخلية بالبلاد , كل هذا من شانه أن يثني الإخوان عن التطلع لغير ذلك في المستقبل ,بل في العشر سنوات القادمة وهذا يحتم على الفلسطينيين ألا ينتظروا الكثير من الإخوان في المرحلة الحالية سوي بعض التعاون الاقتصادي والسياسي المحدود والذي يدخل في إطار النصح والإرشاد واللقاءات البروتوكولية والمصالحة الوطنية , و قد يسمح الإخوان لأنفسهم بعدم السعي لتحرير فلسطين أو حتى التحدث في دولة فلسطينية وتجاهل هذا الهدف أو تأجيله لمرحلة الإمبراطورية الشاملة , بالمقابل قد يتم تقديم بعض التسهيلات والدعم للفلسطينيين عبر الحدود مع غزة وهذا يعتبر البديل عن التحدث في تحرير المقدسات والأرض المغتصبة وتحرير القدس ,وهنا يبقي سؤالا اقل حجما من السؤال الأول , هل يفتح الإخوان الحدود مع فلسطين أمام المقاومة ولا يأبهوا بالاتفاقيات والتهديدات الإسرائيلية ؟ قد يلتزم الإخوان في الحكم بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية مع إسرائيل وغير إسرائيل وهذا ما أعلنه الرئيس محمد مرسي في كلمته الافتتاحية للشعب المصري ,إلا أن هذا الالتزام في المقابل له ثمن و ثمنه أن تعترف الدول المركزية بالعالم بجمهورية الإخوان ولا يسعوا إلى حصارها وإضعاف وجودها , وسيترك الإخوان قضية تحرير المقدسات لمرحلة مستقبلية أي بالعربي حين تسمح الظروف السياسية,ولعل إجابة السؤال الأخر ستحرج قيادة الإخوان بمصر والعالم أمام القاعدة الشعبية التي تؤيد الإخوان من اجل فلسطين ومن اجل الجيش الموعود الذي سيدخل بيت المقدس و يرفع الرايات الإسلامية ويطهر الأرض العربية من دنس الاحتلال والاستعمار ,وهنا سيقع الإخوان إما للمواجهة مع المعارضة والحركات القومية العربية التي تنادي بتحرير المقدسات وإقامة دولة عربية فلسطينية وعاصمتها القدس الآن دون تأجيل لان التأجيل يعني ضياع ما تبقي للعرب من فلسطين ,أو للمواجهة مع الأعداء الذين يتربصون بمن يعلن عن إستراتيجية عاجلة لتحرير فلسطين وإنقاذ المقدسات و تحريرها من قبضة الصهيونية أو حتى من يسعي لإلغاء أي اتفاقية من الاتفاقيات الإستراتيجية التي تم إبرامها في عهود سابقة مثل اتفاقية كامب ديفيد بالتحديد . [email protected]