اتخذ الاتحاد السعودي لكرة القدم خطوة استباقية لتجنب الضغط الجماهيري والاعلامي بإعلان رئيس الاتحاد وبقية الاعضاء تقديمهم لاستقالاتهم، وهي وإن كانت خطوة ايجابية وشجاعة بتحمل المسوؤلية في ظاهرها، الا انها على ما يبدو هروب مبكر من مسوؤلية الاخفاق الذي صدم المجتمع السعودي بأكمله وليس الشارع الرياضي فقط المحتقن جراء هذه الاخفاقات. * السؤال، الاستقالة قدمت لمن؟ ومن الذي حل الاتحاد، وكيف سيسير أمور الاتحاد أعضاء من الاتحاد ذاته الذي اقر واعترف بفشله؟ إذا كان هؤلا الاعضاء هم الذين اوصلوا الكرة السعودية الى هذا الوضع، فكيف نثق بامكاناتهم كلجنة انقاذ تطرح حلولا وتخطط، وهم الذين مضى على عضويتهم فترة طويلة من دون أن يكون لهم حضور إلا طأطأة الرأس في الاجتماعات ونطق عبارة (موافقون)، وأهم نقاشات الموضوع الغريب والمثير "عودة مكبرات الصوت" ولماذا تؤجل انتخابات مجلس الادارة الجديد لمدة ثلاثة أشهر، إلا اذا كان الهدف اطفاء نار الغضب بهذا المسكن المؤقت؟! * وضع الكرة السعودية في انحدار مخيف، وخروج الامس هو الاسوأ، لذا فقد آن الأوان لتجديد الدماء، ومنح الفرصة لكوادر مؤهلة للعمل في اتحاد الكرة، وتقديم رؤى وافكار جديدة لمصلحة الرياضة السعودية عامة، ولعل أولى الخطوات تحرير اتحاد الكرة من رعاية الشباب، واستقلاله ليواكب مرحلة الاحتراف، والاسراع بتخصيص الاندية لكي تتطور فنيا، بعد أن ينهي التخصيص أزماتها المالية وتستغني عن الدعم الحكومي الذي ينصرف لامور أخرى تنمويه للوطن. * أيضا وبعد الاخفاق يفترض عاجلا إعادة النظر في الجهاز الفني الحالي بقيادة الهولندي ريكارد باهظ التكاليف، من دون أي مردود إيجابي، اذ لم يعد هناك استحقاق مقبل وقريب، ولا أقول الاستعانة بمدرب "الفزعة الوطني"، وإنما التريث والتعاقد مع جهاز فني يعمل للمستقبل بعيدا عن الاسماء الرنانة المكلفة ماليا ضعيفة العطاء فنيا، وبعقد معقول لا يكلف خزينة الدولة، فعقد ريكارد عال جدا ونتيجته سلبية، وثبت للمرة المليون أن نجومية المدرب وعالميته السابقة ليست شرطا لنجاحه.. وجميع المنتخابات الآسيوية، التي تأهلت للدور النهائي عقود مدربيها جميعهم المالية لا توازي عقد ريكارد الذي قاد المنتخب السعودي للخروج من الادوار التمهيدية، ولو كان هناك شركات راعية تتحمل مقدم عقده ومرتباته لقبل الامر على مضض، لكن أن يكون من ميزانية رعاية الشباب، ويقبض مستحقاته في وقتها المحدد فيما اعانات الاندية الخاصة بمرتبات محترفيها تتأخر لستة أشهر فما فوق، وتجعل البعض منهم أشبه بالمتسول الا اذا كان الاختيار يركز على الاسم، بحثا عن انتصار اعلامي جراء اصداء التعاقد عبر وسائل الاعلام العالمية، التي تركز في اسم المدرب، وماضيه كنجم عالمي فهذا غير منطقي؟. * منتخبات لبنان وعمان والعراق وقطر والاردن تأهلت بامكانات أقل، وبمدربين أقل بكثير، في جانب العقود المالية، والتجربة مرت علينا، فلا زاجالو، ولا كارلوس البرتو، ولاريكارد، بعقودهم الضخمة قادوا المنتخب لانجازات، فيما كان أول أنجاز قاري على يد "عميد المدربين" خليل الزياني، اضاف معه التأهل الاول لاولمبياد لوس انجلوس، فيما قاد المدرب الوطني محمد الخراشي المنتخب للفوز بكأس الخليج، التي استعصت علينا زمنا طويلا، وكذلك فعل ناصر الجوهر، وزاد عليها بالتأهل لكأس العالم 2002م، وهناك العديد من الانجازات في الفئات السنية لا يتسع المجال لذكرها. * اتحاد الكرة الذي يبحث عن النجاح والانجازات لم يقف يوما من الايام مع معاناة بعض النجوم، والحروب التي تشن عليهم وتؤثر في نفسياتهم كبشر، من خلال البرامج الرياضية الفضائية، والاعلام المقروء، وعبارات بعض الجماهير الجارحة، ولم يتدخل لوقفها، لذا من الطبيعي أن يكون اللاعب تحت الضغط ومنكسرا نفسيا، في حين تتوالى الاتصالات على الاعلامي، هذا مستشار، وهذا سكرتير المسوؤل، بما أشبه بالتحقيق ومصادرة الرأي، حتى وإن كان هادفا وخاليا من أي تجريح، أو استقصاد شخصي، والمطلوب الاشادة والمديح فقط ولكن على ماذا؟! نقلا عن الرياض