قد نختلف، أو نتفق على تعريف، أو على مفهوم، أو معنى الإصلاح، ولكننا نتفق تماما على أن الإصلاح مطلوب، ومرغوب، وله جوانب إيجابية عديدة في حياتنا، ولا أحد ينكرها، وهذا يؤكد على أهمية الإصلاح في تحقيق أهداف التنمية بمفهومها الشامل لأي مجتمع، والبعد عن العشوائية، ويحقق الرفاهية للمواطن، كما أنه يحقق مبدأ العدالة والمساواة، وبالرغم من إدراك أهمية الإصلاح في حياتنا؛ إلا أن هناك العديد من المشكلات التي تواجه مسيرة الإصلاح، وبرامجه - في أغلب إن لم يكن جميع دول العالم - وهذه المشكلات، أو العقبات، أو التحديات وراءها أفراد لهم مصالح شخصية من تعطيل مسيرة الإصلاح بالدرجة الأولى، ويسعون جاهدين لإعاقة برامج الإصلاح لكي لا تسير وفق ما هو مخطط لها، وهؤلاء هم أعداء الإصلاح الحقيقيون، وتتمثل سلوكياتهم في عدد من الإجراءات التي يتخذونها بهدف تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، وتحقيق أهدافهم الشخصية التي تحول دون تنمية المجتمع ورقيه بالشكل المطلوب، ومن هذه الأساليب، أو السلوكيات التي تؤكد لنا أنهم هم أعداء الإصلاح ما يقومون به من تعطيل للمشروعات الإصلاحية، والتنموية، وبرامجها من خلال التعطيل، أو التأخير المتعمد، والمماطلة، أو عدم تحمسهم لمثل هذه المشروعات التي قد لا تحقق رغباتهم، وتطلعاتهم الشخصية، كما أن من أهم أعداء الإصلاح الأشخاص غير المؤهلين الذين يوضعون في الأماكن، أو المواقع القيادية التنفيذية التي لا تتناسب مع مؤهلاتهم، أو قدراتهم الإدارية، والقدرة على الإنجاز، وهذه الفئة تكون عبئا على الإصلاح، وعلى الداعين، والداعمين للإصلاح، وكثير من أعداء الإصلاح ينتمون إلى نمط الشخصية السيكوباتية، وهم بحاجة لعلاج وإصلاح قبل أن يكونوا مسؤولين عن الإصلاح، والقيادات من هذا النوع لن تنجز المهام الموكلة لها بالشكل المطلوب، وبذلك فهي تعمل ضد الإصلاح، وهنا لا بد من اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وهنا أرى أن يوكل الأمر إلى من يستحق على المستوى التنفيذي، ومن هو أهل له في عدد من الجوانب التي تتطلبها المهمة الجديدة، أما العدو الآخر للإصلاح فهو مرتبط بشكل، أو بآخر ببعض الإجراءات الغائبة، أو غير المفعّلة، أو التي لا يتم تطبيقها بالشكل الصحيح مثل: ضعف المحاسبة، والشفافية، فعندما تضعف المحاسبة، ومراقبة الأداء لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، بل توجه الأمور في كثير من المجالات بما يخدم المصالح الخاصة، كذلك عدم تفعيل أنظمة المحاسبة بشكل متكامل، وبصفة مستمرة يسهل عملية استمرار التخبط، والفساد بأنواعه، وهنا أرى ضرورة تفعيل أنظمة، وقوانين المحاسبة والمتابعة، وبصفة مستمرة لنضمن تحقيق أهداف الخطط التنموية، وعند غياب الشفافية والوضوح فلنا أن نتخيل كيف ستنتهي كثيرا من مشروعاتنا الحيوية والتنموية؟ وهذا مدخل قوي للفساد، كذلك غياب التخطيط الاستراتيجي المبني على دراسات علمية واضحة من أهم أعداء الإصلاح؛ لأنه في ضوء غياب الخطة الواضحة تسير الأمور عشوائيا وبدون وضوح في الإجراءات أو الصلاحيات،أو المهام ويكون هناك تخبط، ولا يتم تحقيق الأهداف المنشودة. كما أن البيروقراطية التي تعاني منها كثير من الأنظمة من أهم أعداء الإصلاح، فبعض الأنظمة، والتشريعات الإدارية تم تطويرها في أوقات سابقة، وظروف مجتمعية مختلفة عما هو عليه الوضع في الوقت الحاضر، ولذلك فالرجوع لمثل هذه الأنظمة وبيروقراطيتها يحول دون تحقيق الإصلاح بمفهومه الحقيقي، وهذا يؤكد على أهمية مراجعة القوانين والأنظمة، وتحديثها بين الحين والآخر في ضوء المعطيات التي نعيشها في وقتنا الحالي . وقد يكون بعض أفراد المجتمع من أعداء الإصلاح نتيجة لعدم وعيهم بمفهوم الإصلاح، وبجوانبه الإيجابية، أو لتخوفهم من التجديد لأنهم تعودوا على وضع معين، فلا يريدون التحول من حال إلى آخر، أو التغيير الذي قد لا يثقون بنتائجه؛ فالإصلاح بمفهومه الشامل يتطلب تحقيقه وجود بيئة خالية من الأعداء، والتخلص من المعوقات التي قد تواجه المشروعات التنموية وفق آليات، واستراتيجيات يتم تطبيقها على الجميع، والإصلاح لا بد أن يتم وفق برنامج محدد، ويجب ألا تكون المشروعات الإصلاحية نتيجة لمواقف، أو كردة فعل لمشكلات، أو حالات طوارئ نتيجة لحادثة، أو كارثة في المجتمع مثل انتشار حمى الوادي المتصدع في جازان، أو سيول جدة، أو حريق مدارس البنات، أو حوادث المعلمات، والطالبات، فالإرادة السياسية للإصلاح موجودة ممثلة بمشروعات خادم الحرمين الشريفين – وفقه الله – ومبادراته في هذا المجال، ولا بد من المشاركة المجتمعية الفاعلة لتحقيق أهداف برامج الإصلاح المختلفة. نقلا عن الوطن السعودية