أختلف مع من كتب وامتدح مشروع نظام رصد المخالفات المرورية (ساهر)، وكال من الصفات الإيجابية عليه كأنه المنقذ الحقيقي من حوادث الطرق والسير!! مع أنه الأهم أن نتحدث عما قبل هذا النظام من أساسيات نفتقدها بل نعاني من سلبياتها، مثل: وعورة الطريق، وسوء تنظيم الشوارع، وعدم خلوها من المطبات والتكسير في أغلب المدن، وخصوصًا مدينة جدة التي هي (غير) في مشكلاتها البيئية، ولم يطبق فيها نظام (ساهر) بعد. هناك ردة فعل حقيقية ضد نظام ساهر ولم يمدحه إلا القلة، ليس لأن الشعب السعودي يرفض النظام أو المحاسبة علي أخطائه كما يقول من يستثمر في هذا النظام الغريب الذي اهتم بالعقوبة قبل تطبيق مقومات المحاسبة، ومن أهمها: عدم استثناء أي شخص منه، وتقديم الأهم قبل المحاسبة أو العقوبة والغرامات التي يفترض أن تتوازن مع متوسط دخل الأفراد الذين يعاني نسبة كبيرة منهم من البطالة وتدني مستوي الدخل. مقومات تعديل سلوك الأفراد تأتي بالدرجة الأولى من توفير جميع مقومات الطريق الآمن ابتداء من شوارع مرصوفة ولوحات مرورية وارشادية واضحة، وخلو هذه الشوارع والمنعطفات من بقايا إصلاحات أو هدم أو تكسير هذه الشوارع بفعل ما يقال إنها بناء جسور او تمديد مواسير صرف صحي أو أي تمديدات أخري تمتلئ بها الشوارع بشكل عام، وأنا هنا لا أتحدث عن الشوارع الرئيسية فقط. بل الأهم أيضًا (افتقاد المواصلات العامة علي اختلاف أنواعها التي نجدها متوفرة في جميع المجتمعات حتي الفقيرة منها )، مما يخفف الضغط علي الشوارع وحركة السير من المركبات العامة وبالتالي تقل نسبة الحوادث. مشكلات المرور وحوادث السير لا يأتي حلها من إثقال كاهل المواطن والمقيم بهذه الغرامات المتراكمة والتي تثير استياء الجميع. قيل أن نسبة الحوادث انخفضت !! قد يكون هذا فيه شيء من الصحة ولكن ليس بسبب هذا النظام الذي يمثل إجهازًا على حق المواطن في الاعتراض والمناقشة أو حتي التوعية بأهميته، ولكن بعد أن تكون أجهزة الدولة الأخرى ذات العلاقة قد وفرت جميع مقومات (الطريق الآمن). يقول أحد الأفاضل ممن امتدح هذا النظام: (لم نشاهد أو نسمع بردة فعل كبيرة ومشاركة إيجابية أو سلبية، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وبشكل مستمر، للمواطنين على اختلاف شرائحهم وأطيافهم تجاه أي مشروع كما حصل مع مشروع نظام رصد المخالفات المرورية “ساهر”، وهي ظاهرة صحية ومطلوبة في علم التخطيط الاستراتيجي ومنهجية تطوير وإدارة وتنفيذ ومتابعة وجودة المشاريع. إن مشاركة أطراف المشروع في جميع مراحله يعد أهم متطلبات نجاح أي مشروع، ومشروع “ساهر” يجب ألا يكون استثناء، حيث يمثل المواطن، أمًا وأبًا وطفلًا، أو سائقًا وسائقة، طرفًا رئيسًا من أطراف المشروع، يعتمد نجاح المشروع على تفاعله ومشاركته بشكل فاعل ومستمر، وهذا لا يعني أن هناك قصورًا أو خللًا لدى إدارة المرور، المالك للمشروع، لكن يحتاج هذا الطرف-إدارة المرور-إلى تكامل وتعاون وعمل مشترك من جميع الأطراف الأخرى في المشروع، ومنها المواطن، لضمان تحقيق أهداف المشروع). إذا كان هذا المشروع يمثل هذه الشرائح فلماذا استبعدت هذه الشرائح من توفير ما قبل تطبيقه من أساسيات هي بديهيات في كل مجتمع خدماته متكاملة للسكان. في الدول المتقدمة هناك متابعة علي الطرق وفق أنظمة الكترونية محددة وواضحة وليست مثل نظام ساهر، يعمل في فراغ أمن الشوارع والطرق التي تحدثت عنها سابقًا. وبالتالي استخدامنا له يجيء مبسترًا وليس دقيقًا لأنه اقتطاع من منظومة متكاملة لحماية الأفراد ثم الطريق، ولا يتم إثقال كاهل الأفراد بهذه الرسوم المتراكمة التي وضح عدد من المشايخ أنها شرعًا لاتصح!! إذا كي نسهم مع الأجهزة المسؤولة الحريصة علي صحة السكان وأمنهم من الحوادث نقترح: لابد من إعادة النظر في هذا النظام الذي لا بد أن يأتي تطبيقه لاحقًا عندما يكون الطريق والخدمات المرورية متكاملة. فإصلاح تقييد السرعة ليس الحل الوحيد لتقليل مشكلات وحوادث المرور كما يعتقد. ومن يستعيد ما قدم من دراسات وأبحاث في هذا الجانب ومن خلال ما نفذته وزارة الداخلية من مؤتمرات على درجة كبيرة من الأهمية، سيدرك أن مثل هذا النظام يشكل جزئية مقتطعة من سياق تنموي لا يزال غير متكامل بعد. ما أحوجنا الى قول الرأي الصحيح حول هذه الأنظمة لتؤتي أكلها ولو بعد حين.