ألمانيا وكولومبيا، وطبعا الولاياتالمتحدة، تعهدت بأنها ستصوت ضد إعلان الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن. أما البقية فالغموض سيد الموقف، حيث تمارس الضغوط على الجانبين في واحدة من أهم معارك الأممالمتحدة. في المجلس 15 دولة، ومطلوب موافقة 9 دول للسماح بالتصويت، وبها تصبح فلسطين دولة، ما لم ترفع المندوبة الأميركية السيدة سوزان رايس يدها لاستخدام الفيتو لمنع القرار. ورغم سهولة رفع اليد، فإن الحكومة الأميركية تأمل ألا تضطر لذلك، وتفاديا للحرج تحتاج لإقناع دولة إضافية واحدة فيفشل المشروع من دون فيتو. هنا تمارس الضغوط على ثلاث دول تحديدا، وهي البوسنة ونيجيريا والغابون. والمقلق أن دولة البوسنة، إلى البارحة، ترفض أن تقطع وعدا للمجموعة العربية بأن تصوت لصالح الدولة الفلسطينية، موقف صادم تماما! موقفها هذا يذكرنا بموقف تنظيم حماس الإيراني، عفوا الفلسطيني، الذي انطلق مع بنيامين نتنياهو في نفس اليوم يندد برحلة الرئيس محمود عباس إلى الأممالمتحدة ويشكك في مهمته. لكن لحسن حظ الفلسطينيين، ليس لحماس يد ترفعها في مجلس الأمن. وهناك صديقتنا نيجيريا، التي رغم كل العلاقات والروابط معها، في رابطة العالم الإسلامي والاتحاد الأفريقي وأوبك، هي الأخرى لم تقرر بعد في أن تقف في صف فلسطين أو إسرائيل، مع أن اسم رئيسها الحالي «غودلك» الذي يعني حظا سعيدا! لسنا واهمين، نعرف أن مشروع إعلان الدولة الفلسطينية لن يتحقق، إما بسبب نقص الأصوات، أو بفيتو المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، إلا أنها تبقى معركة مهمة ستضع الجميع في المرحلة المقبلة أمام حقيقة أن قيام الدولة الفلسطينية له شبه إجماع دولي، إجماع يماثل إلغاء سلطة البيض العنصرية على جنوب أفريقيا الذي وصل إلى نقطة أخيرة لم يعد ممكنا معها منع الأغلبية من حكم بلدهم برعاية الأممالمتحدة نفسها. حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما تدرك أنها صارت في موقف محرج سيدخلها التاريخ كصاحبة الصوت الذي حرم الفلسطينيين من إقامة دولتهم، الدولة التي تعهدت بدعمها ولم تفعل. سيكون مسرحا كبيرا يشاهده العالم في ليلة التصويت إن نجح الوفد الفلسطيني في جمع الأصوات التسعة المؤيدة لطرح مشروع القرار، وسيغذي مشاعر الغضب والكراهية ضدها في زمن هي أحوج إلى علاقة سياسية جيدة مع دول المنطقة التي هي في طور الانتقال. ومعركة الدولة الفلسطينية ستشتعل أيضا في القاعة الكبيرة حيث الجمعية العمومية، بدءا من أمس وإلى تسعة أيام لاحقة، حيث ستتبارى في الحديث عنه دول العالم ال193، بينها 116 دولة شبه مؤكد تصويتها لصالح الدولة الفلسطينية، ويبقى على الجانب العربي مهمة جمع أكبر أصوات من المجموعة الأوروبية التي ستنقسم بحسب مصالحها مع واشنطن وتل أبيب. إنه استعراض القوة الدولية لصالح الحق الفلسطيني الذي سيزيد إسرائيل والولاياتالمتحدة إحراجا. إن شعبا يحظى بتأييد معظم شعوب العالم لا يستطيع أن يجد كرسيا، وهو حقه في هذه المنظمة التي تقول إنها تمثل أمم الأرض سواسية! نقلا عن الشرق الاوسط السعودية