سؤال لا أجد له جواباً.. ولا أجدني أيضا مؤهلا للإجابة عليه لأن ما يحدث يحتاج إلى قراءة علمية بحثية من متخصصين في الفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهي قراءة ينبغي أن تذهب بعيداً وعميقاً في تحليل بنية المجتمعات التي تحدث فيها كل هذه الثورات وكل هذه الاهتزازات بدءا من تونس ومصر واليمن حتى سورية ومن إسرائيل وبريطانيا حتى اسبانيا وإيطاليا واليونان. نحن أمام تحولات جذرية تمثل انقلابا على واقع لم يعد مقبولا ولا معترفا به.. وهذه التحولات تقودها شرائح وأفراد آتون من الضواحي والأحياء الفقيرة والأماكن المهمشة ويلحق بها فيما بعد النخبة المثقفة والمتعلمة لكنها في الأصل هي ثورات يقودها المهمشون والمقموعون والمهاجرون وثمة صورة مثالية سادت وتحولت إلى مسلمة مفادها أن الدول المتقدمة هي في حالة تصالح مع مجتمعاتها – وفي وضعية أفضل من المجتمعات المتخلفة أو دول العالم الثالث وهذه المسلمة كأني بها بدأت تتآكل وتتراجع بفعل ثورة الأجيال الجديدة التي جعلت من وسائل الاتصال الحديثة قيمة تواصلية وتراسلية مستخدمة من خلالها كل ما يجعلها قادرة على التغيير عبر لغة تحريضية ضد كل ما هو قائم من أنظمة سياسية تقليدية وبنى اجتماعية لا بد لها من أن تستيقظ وتتحرك باتجاه مسارات أخرى وبناء مجتمعات تخرج من الأطر القديمة. اليوم وفي أمريكا الدولة الأكبر في الخارطة العالمية والأقوى سياسيا وعسكرياً وعلمياً وإعلاميا هناك هزة اقتصادية بفعل السياسة الأمريكية الخاطئة والمغامرات والإخفاقات المتلاحقة في أفغانستان والعراق وحالة التذمر في الداخل الأمريكي مما يحدث ويجري للاقتصاد الأمريكي. غير أن اللافت أن ما يحدث في إسرائيل لا يسترعي انتباه أحد - عربياً على الأقل - إن هناك مظاهرات يقودها الأجيال الإسرائيلية الجديدة والغاضبة والتي تبحث عن مستقبل أفضل داخل الكيان الإسرائيلي المصنوع. جماهير غاضبة في كل مكان وأوضاع اقتصادية خانقة واحتقانات اجتماعية.. ماذا يعني هذا؟ يعني غياب الحرية والعدالة والمساواة ويؤكد ذلك على أن المجتمعات تملك من الوعي الحاد والحر ما يجعلها لا تستكين ولا ترتهن إلى حالة الخنوع والسكوت والسكون والنوم اللذيذ. ثمة ذاكرة تفكر وعقل يثور إنه زمن الغضب والسؤال مرة أخرى.. ماذا يحدث في هذا العالم. نقلا عن عكاظ