السؤال الملح اليوم هو: هل بإمكان الحكومة اللبنانية الجديدة أن تفي بالمطالب، ولو المحدودة، لحماية لبنان، وعدم إخضاعه للسيطرة الإيرانية والسورية الكاملة، ناهيك بحزب الله؟ لمعرفة الإجابة لا بد من قراءة القصة التالية. فقد روى لي مصدر إيراني واسع الاطلاع، فحوى ما دار بين المرشد الأعلى الإيراني، وسعد الحريري، رئيس وزراء لبنان، وقتها، أثناء زيارته الأخيرة لإيران. بحسب المصدر الإيراني تناقش الحريري في مقر إقامته بطهران مع مستشاريه، وأبلغهم بعزمه مصارحة المرشد حول خطورة سلاح حزب الله في لبنان. ويضيف المصدر الإيراني: «تناسى الحريري أن للحائط آذانا في إيران»! وعليه، وعند بدء لقاء سعد الحريري مع المرشد الأعلى، وبحضور ثمانية وزراء لبنانيين، بينهم وزير لحزب الله، وقرابة عشرة مسؤولين إيرانيين، بادر خامنئي الحريري قائلا: «دعني أخبرك برؤيتي للبنان»، وقال المرشد: «في صغري قرأت رواية (أحدب نوتردام) للفرنسي فيكتور هوجو، وفي تلك الرواية كانت هناك فاتنة حسناء اسمها (ازميرالدا) تخرج في الليل وترقص في ملاهي باريس.. كان الجميع مفتونا بها ويريدها ولو بالقوة، وكانت تحمل شفرة صغيرة (سكينا) في جيبها لتدافع عن نفسها». وواصل المرشد حديثه للحريري قائلا: «لبنان مثل (ازميرالدا)، لبنان هو فاتنة الشرق، والكثيرون مسحورون بفاتنة الشرق ويريدون أخذها، والبعض يريدها حتى بالقوة، والمقاومة الإسلامية هي شفرة لبنان»! قالها خامنئي وعلى وجهه ابتسامة هادئة. رد الحريري مباشرة بالقول: «يا سماحة الإمام، المقاومة ليست جديدة على لبنان، ولها وجوه عديدة، فكانت قومية عربية، ثم فلسطينية، ثم أصبحت يسارية، والآن تأخذ وجه حزب الله، وتسمى المقاومة الإسلامية». وأضاف الحريري، وعلامات التوتر بدأت تملأ المكان: «وبتنا في لبنان، يا سماحة الإمام، نخشى على (ازميرالدا) من أن تجرح نفسها بالشفرة». وواصل الحريري قائلا، وهنا مربط الفرس، كما يقال: «وصحيح، يا سماحة الإمام، أن لبنان هو فاتنة الشرق.. حتى إننا نرى لبنان أجمل من (ازميرالدا)، لأن الفاتنة الحسناء، ازميرالدا، متخيلة، أما لبنان فهو حقيقي»! يقول مصدري، وهو ما أكده مصدر آخر مطابق حضر الجلسة، إنه عندما هم المترجم ليترجم ما قاله الحريري من العربية إلى الفارسية رفع المرشد يده للمترجم، بأن لا داعي، وأشار المرشد بيده، وقال للحريري شكرا لك، وانتهت الجلسة. وأثناء الخروج من المجلس، وبعد عبور الباب، قال أحد الوزراء المرافقين للحريري بصوت مسموع: «يا شيخ، بدي بوسك..»! وبالتالي، وما دام أن خامنئي هو حامي حزب الله، والحليف الأوحد لنظام الأسد، فكيف يكون بمقدور حكومة شكلتها سوريا بمساعدة إيران ضمان سلامة لبنان، وعدم تحويله إلى مقاطعة تابعة للولي الفقيه؟ وخصوصا أن المرشد امتعض من استعراض الحريري لتاريخ المقاومة اللبنانية. فكيف لو أضاف الحريري بعد قوله للمرشد بأن (ازميرالدا) متخيلة، أن الغجرية الحسناء أيضا هي من بنات أفكار شاعر فرنسي؟! وبحسب القرآن الكريم، فإن الشعراء يتبعهم الغاوون، ناهيك بأن باريس اليوم هي عاصمة القانون، والحريات، ولا يذكر اسم فرنسا إلا ويذكر عطرها وإحدى أشهر نسائها (كوكو شانيل)، وليس أسماء الآلات العسكرية الفرنسية نقلا عن الشرق الاوسط السعودية