يشهد العالم العربي تحولا حقيقيا ليس في بنيته السياسية فقط.. ولكن في بنيته الثقافية والفكرية والاجتماعية، نتيجة ما حدث ويحدث في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن ودول عربية أخرى.. وهذا التحول الجذري والمفصلي يشكل حالة فريدة في «دنيا العرب» ولحظة فاصلة ومفصلية في مسار التاريخ العربي المعاصر.. وهو يؤكد مرة أخرى أن في هذه الأمة من يملك القدرة على فعل التغيير.. ومن لديه الإرادة لتغيير مسار التاريخ.. وبناء عالم جديد ومجتمع جديد بذهنية جديدة، وأن في هذه الأمة من هو على مستوى اللحظة التاريخية التي نحن فيها.. يعرف مفاتيحها.. ويفهم مغاليقها.. ولديه إلمام عميق بوسائل العصر، وهو هنا يتجاوز.. بما يملك من قدرة ومعرفة ووعي وإرادة.. الثقافة التقليدية السائدة التي كانت تعتاش وتعيش عليها الأجيال الماضية.. وهي أجيال ظلت لخمسين سنة تعيد إنتاج الماضي وإنتاج الهزيمة.. هزيمة العقل وهزيمة الذات معا.. .. ذلك أن مفهوم الدولة الحديثة لم يتحقق كما ينبغي في بعض دول العالم العربي، بفعل عوامل مختلفة ونتيجة لتركيبة المجتمع العربي.. العائلية والعشائرية، بحيث لا يمكن فصل الخاص عن العام. ومن هنا لابد من مشروع إصلاحي عربي يعيد بناء النظام العربي برؤية جديدة وفقا لمفهوم الدولة الحديثة. ومن خلال مؤسسات تقوم عليها أعمدة هذه الدولة.. بذهنيات الأجيال الجديدة.. لا بذهنيات الأفكار التقليدية والمتكلسة.. ولذلك فإن مشروع الإصلاح السياسي والاجتماعي.. ضرورة وحتمية تاريخية كي لا يتحول التغيير الحاصل اليوم إلى فوضى.. وكي لا تجد بعض الدول العربية نفسها في مأزق بفعل التباطؤ في فعل التغيير من داخل أجهزة الدولة العربية، وذلك للحفاظ على الوحدة الوطنية والحفاظ كذلك على تماسك الأمة في حاضرها ومستقبلها.. إذا لابد من العدالة والإصلاح.. والحوار والتنمية.. نقلا عن عكاظ