في أول حادث من نوعه يستهدف البعثات الديبلوماسية الغربية في طرابلس، انفجرت صباح أمس سيارة مفخخة أمام السفارة الفرنسية في العاصمة الليبية، ما أدى إلى إصابة إثنين من حراس الأمن الفرنسيين وعدد من الليبيين، بينهم فتاة في الثامنة عشرة أصيبت في عمودها الفقري. وعلى رغم أن بعض التكهنات الأولية ربط الاعتداء بموقف فرنسا من الحرب في مالي حيث تخوض القوات الفرنسية معارك ضد مقاتلي تنظيم «القاعدة»، إلا أن باريس دعت إلى عدم استباق ما سيكشفه التحقيق، مؤكدة في الوقت ذاته إلى أن لا مؤشرات بعد إلى الجهة التي تقف وراء الهجوم الذي وصفته الحكومة الليبية بأنه «إرهابي». وسارع الرئيس فرانسوا هولاند إلى إدانة الهجوم مطالباً الحكومة الليبية بكشف المتورطين وتقديمهم إلى العدالة، في حين وصل وزير خارجيته لوران فابيوس إلى طرابلس حيث تفقد مقر البعثة الديبلوماسية المستهدفة، وعقد محادثات مع كبار المسؤولين في المؤتمر الوطني برئاسة محمد المقريف والحكومة برئاسة علي زيدان. وخلّف انفجار السيارة المفخخة دماراً كبيراً أمام المبنى الذي يضم السفارة التي تم تعزيز إجراءات الأمن حولها منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، وهو الشهر الذي استهدفت فيه القنصلية الأميركية في بنغازي مما أدى إلى مقتل السفير كريس ستيفنز. وأفيد بأن فريقاً من قوات التدخل الفرنسية الخاصة انتقل أمس إلى طرابلس للنظر في حادث التفجير ودرس تعزيز إجراءات الأمن حول المنشآت الفرنسية. وفي حين دان الرئيس هولاند بشدة الهجوم وقال إنه يستهدف «من خلال فرنسا» كل الدول «الملتزمة مكافحة الإرهاب»، قال رئيس حكومته جان مارك ايرولت إن فرنسا «لن تستسلم للإرهاب». وقال مصدر فرنسي مطلع ل الزميلة«الحياة» إن «فرنسا مدركة منذ زمن أنها مستهدفة ولهذا السبب كانت قد أغلقت مركزها الثقافي في بنغازي». وأضاف «أن فرنسا وشركاءها مدركون أن الوضع الأمني هو فعلاً المشكلة في ليبيا وان وحدات الثوار والكتائب المختلفة تستجيب عموماً إلى أوامر قياداتها المختلفة وليس بالضرورة للحكومة. وكان اغتيال السفير الأميركي دليل على عدم سيطرة الحكومة على الأمن، ولهذا نظّمت فرنسا مؤتمراً حول الامن في ليبيا في باريس في 12 شباط (فبراير) الماضي كما قررت تدريب شرطة ليبية». وكان رئيس شركة «توتال» كريستوف دو مارجوري زار ليبيا قبل حوالى شهر واجتمع مع رئيس الوزراء الليبي وأعرب له عن قلقه للأوضاع الأمنية التي تثير مخاوف الشركة بالنسبة إلى حياة موظفيها خصوصاً خلال عملهم في الحقول على الأرض في ليبيا. وقالت مصادر فرنسية ل «الحياة» إن باريس مدركة منذ حربها في مالي أن «الخطر الأمني ازداد على المواطنين الفرنسيين في ليبيا وغيرها من الدول». وأضافت أن مسألة الأمن ينبغي أن تكون «أولوية» للسلطات الليبية و «طالما لم يتمكنوا من حل هذه المشكلة طالما لا يمكن أن تنطلق الأمور في ليبيا إلى الأمام خصوصاً بالنسبة إلى عمل الشركات والمستثمرين». وفي الجزائر، أفيد بأن رئيس الحكومة الليبية علي زيدان أجرى محادثات في العاصمة الجزائرية مع نظيره عبدالمالك سلال تناولت قضايا ثنائية وإقليمية وقد تكون تناولت أيضاً مسألة تسليم مطلوبين من النظام السابق يقيمون على الأراضي الجزائرية. ووصل زيدان في زيارة غير معلنة وغادر على ما يبدو فور إعلان نبأ الهجوم على السفارة الفرنسية.