تراجعت الحشود والحشود المضادة في ميادين مصر موقتاً من صدارة المشهد لتنطلق معركة جديدة من الحشد بين الموالاة والمعارضة التي قبلت التحدي وقررت المشاركة في الاستفتاء على الدستور والتصويت ب «لا»، شرط ضمان نزاهته، تزامناً مع بدء تصويت المغتربين. وفشلت مبادرة وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي لجمع رموز الحكم والمعارضة على طاولة واحدة، إذ أرجأ الجيش اللقاء الذي كان مقرراً أمس بسبب «ردود الأفعال التي لم تأت على المستوى المتوقع»، رغم أن «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تقود المعارضة كانت أعلنت مشاركتها. وقالت مصادر ل «الحياة» إن اللقاء ألغي «لرفع الحرج عن الرئيس». وانطلقت عملية الاقتراع في الخارج أمس وتستمر حتى السبت المقبل، فيما أعلن رسمياً أن الاقتراع في الداخل سيتم على مرحلتين أولاهما السبت المقبل في 10 محافظات والثانية في 22 الشهر الجاري في 15 محافظة أخرى، بسبب اعتذار غالبية القضاة عن عدم الإشراف. ولم تشهد التظاهرات أمس زخماً ملحوظاً، وظل مئات من المعارضة معتصمين قرب القصر الرئاسي وفي ميدان التحرير، فيما واصل مئات الإسلاميين اعتصامهم قبالة المحكمة الدستورية العليا ومدينة الانتاج الإعلامي. وقال عضو «جبهة الإنقاذ» طارق الخولي ل «الحياة» إنه «لم تتقرر أي فعاليات شعبية الجمعة لإمهال الجبهة فرصة للحشد في لجان الاقتراع لرفض الدستور». وكانت الجبهة دعت المصريين إلى التصويت ب «لا» على مشروع الدستور، لكنها طالبت بضمانات لحرية التصويت ونزاهته. وشدد عضو الجبهة مؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي في بيان تلاه باسم الجبهة، على «ضرورة توافر الإشراف القضائي الكامل على الاقتراع، وتوفير الحماية الأمنية داخل لجان الاقتراع وخارجها، وضمان الرقابة المحلية والدولية للمنظمات غير الحكومية، وإعلان النتائج في اللجان الفرعية فور انتهاء الاقتراع، وإتمام عملية الاستفتاء في يوم واحد». وشدد على أنه «لو لم يتأكد صباح يوم الاقتراع توافر هذه الضمانات فإن الجبهة ستنسحب من المشاركة في الاقتراع». وكانت اللجنة القضائية المشرفة على الاقتراع تعهدت الالتزام بهذه الضمانات، باستثناء إجراء التصويت في يوم واحد، ما أثار تساؤلات عن موقف الجبهة بعد القرار الجمهوري بإجراء الاستفتاء على مرحلتين. لكن عضو الجبهة رئيس «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» محمد أبو الغار قال ل «الحياة»: «فهمي لهذا الشرط أنه رفض لإجراء الاقتراع على يومين وليس مرحلتين، فلا مانع من تقسيم الجمهورية إلى مرحلتين على أن يجرى الاستفتاء خلال يوم واحد لكل مرحلة (وهو ما قررته اللجنة العليا)، أما الرفض فهو لإجراء الاستفتاء في المحافظة نفسها على مدار يومين كما حدث في انتخابات البرلمان الماضية، لأن هذا الأمر يستوجب أن تبيت الصناديق في اللجان، ما يفتح مجالاً للتزوير». وأرجئ أمس اللقاء الذي كان وزير الدفاع دعا إليه. ومثلما أحدثت الدعوة جدلاً واسعاً، أثار إرجاء اللقاء أيضا الجدل. وفي وقت عزاه الناطق باسم الجيش إلى «ردود الأفعال التي لم تأت على المستوى المتوقع»، تبرأت الرئاسة منه، وقال الناطق باسمها ياسر علي إن «القوات المسلحة هى التي وجهت الدعوة إلى القوى الوطنية والسياسية للقاء لم شمل الأسرة المصرية، وهي التي أجلت اللقاء، ولا دخل للرئاسة في الأمر». لكن مصدراً مطلعاً على ترتيبات اللقاء أكد ل»الحياة» أن السبب وراء إرجاء اللقاء هو «رفع الحرج عن الرئيس». وكان قرار التأجيل أعلن في أعقاب موافقة «جبهة الإنقاذ» المعارضة على المشاركة فيه، بعدما أصرت على مقاطعة جلسات الحوار التي دعا إليها مرسي. وتحدث المصدر عن «ارتباك» لدى دوائر الحكم بسبب هذه الدعوة، إذ «اعترى بعض المسؤولين تخوفاً من أن تكون الأزمة السياسية تكأة لعودة الجيش إلى المعترك السياسي». من جهة أخرى، فجّر قرار النائب العام الجديد طلعت عبدالله نقل المحامي العام لنيابات شرق القاهرة الكلية مصطفى خاطر إلى محافظة بني سويف (جنوبالقاهرة) أزمة داخل النيابة العامة، لأن خاطر كان صاحب قرار إطلاق متظاهرين «اعتقلهم» أعضاء في جماعة «الإخوان المسلمين» من محيط قصر الرئاسة. وكان المرشد العام لجماعة «الإخوان» محمد بديع انتقد علناً في مؤتمر صحافي قرار إطلاق المتهمين، وطلب من النائب العام اصدار أوامره بالقبض عليهم وإعادة التحقيقات معهم. وتولى خاطر الإشراف المباشر على تحقيقات اشتباكات «الاتحادية»، واتخذ بنفسه قرار إطلاق المتظاهرين استناداً إلى أن الشرطة هي الجهة المخولة سلطة التوقيف، وليس أعضاء «الإخوان». وفور علمه بنقله قدم خاطر مذكرة إلى مجلس القضاء الأعلى طلب فيها العودة إلى منصة القضاء، وحذا حذوه رئيس نيابة مصر الجديدة إبراهيم صالح الذي ترأس فريقاً مكوناً من 40 محققا استجوب الموقوفين في أحداث اشتباكات القصر. ويعقد أعضاء النيابة العامة اجتماعاً عاجلاً اليوم في مقر نادي القضاة، يحضره أعضاء من مجلس ادارة النادي للتداول في كيفية الرد على الخطوة. كما تقدم قاض بشكوى إلى النادي بسبب إحالته على التفتيش القضائي للتحقيق معه بعدما رفض دعوى «لرفعها من غير ذي صفة»، في إشارة إلى النيابة العامة التي قال في حكمه إنها «مثلت تمثيلاً غير صحيح لكون عضو النيابة لم يستمد سلطته الشرعية من نائب عام شرعي تم تعيينه تعييناً صحيحاً». وتحولت جنازة الصحافي الحسيني أبو ضيف الذي جرح خلال تغطيته اشتباكات قصر الاتحادية وتوفي أمس متأثراً بإصابته الى تظاهرة ضد الرئيس مرسي ومرشد «الإخوان» اللذين هتف المشيعون ضدهما.