كشفت دراسة علمية سعودية بأن التطوع تنامى في العالم العربي بشكل سريع، مبينةً بأن هذا التنامي واكبه تصاعد في الاهتمام بالقيمة المضافة للعمل التطوعي ومنظمات المجتمع المدني من جهة أخرى فضلاً عن تسارع حركة التنمية البشرية من جهة أخرى. وأكدت الدراسة على بأن مؤشرات قياس التطوع أصبح ضرورة ملحة، حيث دعت الدراسة إلى تأسيس مؤشر لقياس التطوع بالاستناد إلى استطلاعات الرأي في العالم العربي، وذلك بهدف معالجة النقص الذي تعاني منه المنطقة العربية في استطلاعات الرأي المتعلقة بالتطوع. وأوضحت الدراسة التي استعرضها المركز الدولي للأبحاث والدراسات "مداد" وقدمها الدكتور سامر رضوان أبورمان مدير الأبحاث واستطلاعات الرأي بالمركز خلال ندوة العمل التطوعي وآفاق المستقبل بأن استطلاعات الرأي موجودة في العالم العربي ولكنها باستحياء عبر الدراسات الأكاديمية الميدانية والتي لا تتيح فرصة التعرف على الاتجاهات بشكل دقيق، أو التعرف على تطور هذه الاتجاهات. وشددت الدراسة التي عنونت ب"استخدام استطلاعات الرأي في قياس التطوع" على أهمية أن تتولى جهة إنشاء مؤشر لقياس التطوع بالاستناد إلى استطلاعات الرأي يراعي البيئة والثقافة العربية، بحيث تتبناه جهة حكومية أو أكاديمية أو قطاع غير ربحي ويتم كتابة تصور له وبناء استمارة خاصة بالاستفادة من أكبر عدد ممكن من الخبراء والأكاديميين والممارسين للعمل التطوعي وتنفيذ الاستطلاع سنوياً بأوقات مناسبة في المجتمعات المشمولة في المؤشر، حيث اقترحت الدراسة محاور هامة تغطي ممارسة العمل التطوعي والصورة الذهنية عن العمل التطوعي وأسباب القيام بالعمل التطوعي وموانع القيام به، إلى جانب نية التطوع في المستقبل، ومجالات العمل التطوعي التي يرغب بها المستجيبون. وأكدت الدراسة بأنه في ظل هذا التطور والنماء لم تغب أداة استطلاعات الرأي واستخداماتها في الكشف عن ظاهرة التطوع، مشيرةً إلى أن استطلاعات الرأي تعتبر طريقة ومنهجية تهدف إلى معرفة وقياس السلوك والاتجاهات والآراء وتوزيعها. ونبهت الدراسة إلى أن استطلاعات الرأي في العمل التطوعي حديثة الولادة في العالم العربي حيث أن فإن القليل من الدراسات، مبينةً بأن هناك تنوعاً في المواضيع والأفكار الواردة في استطلاعات الرأي في العمل التطوعي، وأبرزت الدراسة أهمية استطلاعات الرأي والتي تعتبر وسيلة هامة في قياس ومعرفة واقع وتطور واستشراف المستقبل المتعلق بالعمل التطوعي، لذا تزداد الحاجة الملحة لابتكار مؤشر عربي لقياس الجوانب المتعلقة بالتطوع، مؤكدةً على أهمية أن تحرص الجهات الخيرية والتطوعية في أن توثق أعمالها المتعلقة بالتطوع، وكل ما يتعلق بها من إحصائيات وبيانات؛ حتى تكون مفيدة في مجال تنفيذ استطلاعات رأي متعلقة بالتطوع، مثل: تسهيل معرفة إطار ومجتمع الدراسات، الذي يمكن من خلاله سحب وتصميم العينات وأن يتم ترجمة نتائج استطلاعات الرأي إلى سياسيات، والاستفادة من الأرقام بأكبر قدر ممكن، ومن مختلف الجهات الحكومية والخاصة والقطاع الثالث، فضلاً عن الحرص على الاستفادة من البيانات الأخرى التي توفرها أدوات منهجية أخرى لقياس التطوع وما يتعلق به؛ حتى لا يتم تكرار الجهد، أو استخدام وسيلة أقل علمية من تلك الموجودة، فمثلاً: في قياس عدد المتطوعين، فإن الرجوع إلى السجلات الرسمية للجهات المسؤولة عن التطوع، وخاصة في الدول المنظمة لهذه العملية، سيكون أدق من تنفيذ استطلاعات رأي في هذا الخصوص والقيام باستطلاعات رأي بشكل دوري، حيث يتم تحديد المدة حسب الأهداف المراد تحقيقها من الاستطلاع، والميزانيات المتوفرة، وغيرها من العوامل. والتعامل مع جهات احترافية متخصصة في استطلاعات الرأي،وبناء المؤشرات بالطريقة العلمية. ونشر النتائج قدر المستطاع في وسائل الإعلام وغيرها بشفافية وحيادية. يشار إلى أن المركز الدولي للأبحاث والدراسات "مداد"، ومقره جدة، أنشئ تلبية للحاجة الماسة لتأسيس مركز بحثي رصين، يقوم على أسس موضوعية ومنهج علمي، ويعتني بدراسات العمل الخيري من كافة جوانبه؛ سعياً لرصد حجمه، وتقدير آثاره، وتطوير جهوده، وتقويم مساره، وتوجيهه نحو المزيد من العطاء والإنجاز، وقد تبنّت كوكبة من العلماء والأكاديميين ورجال الأعمال المعنيين بمسيرة العمل الخيري فكرة إنشاء المركز؛ ليكون أول مركز بحثي معني بدراسات العمل الخيري.