ما أن يصدر كتاب أو رواية أو ديون شعر أو مجموعة قصصية لأحد الكتاب أو الأدباء، حتى يتجدد طموح الكثير من الشباب والفتيات في السعودية، ممن تستهويهم الكتابة بأنواعها إلى أن يروا نتاجهم الفكري مجسداً في مؤلفات أمام أعينهم، حفاظاً على أفكارهم من أن تمحوها السنون أو أن تتعرض للسرقة الفكرية من جهة أخرى. وما أن يبادر بالسعي البعض من هؤلاء الشباب، حتى يصدموا بالواقع الذي عليه دور النشر المختلفة، والتي تنوعت بحسب تجاربهم معها، ما بين استغلال مادي إلى تعقيدات إدارية، فيما اكتفى البعض الآخر بالجلوس مكتوف اليدين ينتظر من يزوده بأسماء دور النشر لجهله بها وبكيفية التواصل معها، كما روى عدد من هؤلاء الكتاب الشباب. وقالت الكاتبة نوال السيف، التي احتفت أخيراً بصدور كتابها الأول: «بالنسبة إلي ككاتبة جديدة، فالصعوبات التي واجهتني عدم وجود معلومات من قبل عن دور النشر، وعند قيامي بالبحث في الإنترنت لم أجد موقعاً رسمياً خاصاً بدور النشر، عدا اجتهادات شخصية لبعض المواقع، وحتى هذه الاجتهادات لا تشمل كل دور النشر وأنواعها». وأضافت أنها ككاتبة «صعب أن تستقبلني أي دار وبخاصة إذا كانت داراً مشهورة، لأنها تكون ربطت اسمها بأسماء كتاب معروفين، لذلك ذهبت إلى معرض الكتاب الدولي، وزرت بعض دور النشر التي شاركت في المعرض. ووجدت داري نشر بشروط مناسبة، واحدة بالرياض والأخرى في الدمام. وأعجبتني سلاسة الشروط والمعاملة واتفقت مع كل واحدة حول إصدار كتاب. وتمت طباعة ونشر الكتاب من دار النشر بالدمام، وما زال الكتاب الثاني في الرياض تحت الطباعة». وقالت الكاتبة عائشة عادل، التي أصدرت كتاباً جديداً قبل مدة: «عندما يكتب الكاتب الروائي والأديب فإنه يقتطع جزءاً من ذاته يسقطها على الورقة، وعندما يؤلف المؤلف كتاباً علمياً أو ثقافياً فهو يستنزف وقته وفكره من أجل نشر الثقافة والمعلومة، فيعتصر ما في دماغه قبل اعتصاره جوهر الكتب، وهذه معاناة يشوبها التعب ولكن المتعة بالإنجاز تغلفها»، مشيرة إلى أن المعاناة الحقيقية تكمن في الطباعة والنشر، «فالمؤلف أمام خيارات عدة، إما أن يلجأ للنوادي الأدبية، وهنا تتدخل المحسوبية لتعيق إصداره أو يُمنّى بالتسويف والتأجيل مما يفقد الكتاب رونقه وجدته، والخيار الآخر أن يلجأ إلى دور النشر المحلية التي هي في غالبها (للأسف) بأسماء سعودية وتدار بأيدي أجنبية لا يهمها نشر الثقافة المحلية ولا النهوض بالكاتب ولا بشأن الكتاب المحلي، وهمها الوحيد المردود المالي، وهنا يدخل الكاتب معهم في سلسلة من الابتزاز والتسويف وسوء الإدارة لمشروع كتابه، ثم يأتي الخيار الثالث الذي لا مناص منه في كثير من الأحيان ألا وهو اللجوء إلى الطباعة والنشر في الخارج. وأنا شخصياً كانت لي تجربتان من خلال طباعة كتابين، أحدهما عن التحرش الجنسي بالأطفال، والآخر رواية باسم «الثريا» وعانيت كثيراً حتى صدرا». وأكدت أن الحل لدى وزارة الثقافة والإعلام، من خلال «دار نشر خاصة تقدم التسهيلات للكتاب السعوديين طباعة ونشراً». ويسرد الروائي والكاتب الدكتور سليمان الشمري تجربته في النشر، بعد أن قرأ ما كتبه الكاتب شتيوي الغيثي حول الموضوع نفسه، أي مشكلات النشر، فيقول: بالنسبة إلي، من خلال دار الكنوز منذ عام 2008، طبعت عندهم وفي الأخير لم يعودوا يردون على الهواتف أو البريد الإلكتروني، أي نسوني، مع أن الرواية موزعة في معظم البلدان العربية! ولاحظت معاناة الكاتب شتوي الغيثي فاقترحت عليه، أو كلمته بالأصح، وقلت له: لماذا لا نقوم بإنشاء دار للنشر لمن تواجهه صعوبة في قضية النشر. واقترحنا أن يكون العدد كبيراً بحيث تكون هذه الدار لخدمة هذا العدد الكبير، ويكون الشغل الشاغل لها. واقترحت أن يسهم كل شخص بمبلغ 10 آلاف ريال، ولا بد أن يكون العدد بحدود 100 شخص لجمع مبلغ نستطيع من خلاله طباعة إنتاج الأشخاص المساهمين أولاً، وتكون داراً للالتقاء أيضاً، التقاء الشباب، أو المشاركين أو أعضاء الدار وأيضاً جذب الآخرين». وتوقع الشمري في حال تأسست هذه الدار، أن تتولى التوزيع للأعمال الخاصة بالأشخاص المساهمين. وتمنى أن يكون كل هؤلاء المساهمين من الأشخاص الذين لهم إنتاج أدبي وثقافي. الاستغلال المادي والتعقيدات الإدارية أبرز المصاعب التي تواجه الشباب مع دور النشر .