يعلم الكثير حُرمة الأحكام القبلية ، وما تقوم عليه من جهلٍ وضياع للحقوق ، ومجاملة البعض على حساب الآخرين ، وفي واقعةٍ حدثت مؤخرًا لدى إحدى القبائل ، ببلاد بني سعد ، جنوبالطائف ، عندما أقدمَ احد الراغبين في إظهار نفسه ، حيث اختلف مع بعض أفراد قبيلته ، عندما رغبَ في الزامهم الدفع في تكاليف "الشعراء والزير والقنوات الفضائية" إبان اقامة مناسبة زواج جماعي سابق ، وايقاف برنامج ثقافي توعوي مستمر منذ عدة سنوات ، وكل ذلك من أجل التباهي والتفاخر بالعنصرية القبلية ، وبادرَ بالحكم على ابناء عمومته الممتنعين عن الدفع في المحرمات بالحكم عليهم بخمسة ذبائح من الأغنام ، ودفع مبلغ عشرة آلاف ريال ، حينها تقدم هؤلاء المُتضررين من ذلك الحكم الجائر والغير شرعي ، بشكوى لدى المحكمة الجزائية بالطائف ، وتتالت الجلسات القضائية ، وصدرَ الحكم القضائي واصفًا الاحكام القبلية بأحكام الطاغوت ، وبتحريم الزير ، والمعازف ، والزام الشخص المُجاهر بالأحكام القبيلية بإعادة المبلغ ، وكف يده عن التدخل في الأحكام القبلية ، والعرفية ، أوالتدخل في أمور القبيلة ، وإيقافهُ ثمانية واربعون ساعة ، وأخذ التعهد عليه بعدم معاودة ما أقدمَ عليه ، وبهذا تكون الرسالة واضحة لمن يتعاملون بالأحكام القبلية ، واعتبارها قاعدة النقاش والحوار لدى الكثير من المجتمع القبلي ، في حين أنها مُخالفة للدين الاسلامي ، والانظمة والتعليمات من مقام وزارة الداخلية . وكان صك الحكم الصادر بحق ذلك المواطن ،وفقاً للزميلة صحيفة " سبق " قد نصَ على التالي : في يوم الأحد الموافق 22 / 8 / 1437 ه ، افتتحت الجلسة الساعة 9:09 ، وفيها حضر المُدعيان والمُدعى عليه ، فبناءاً على ما تقدم من الدعوى والإجابة ، وإنكار المُدعى عليه رفض مشاركة المدعيَين المادية في الزواج ، ومنعهم من حضور المناسبات الخاصة بالقبيلة ،،وإقراره بأنه شيخ عُرفي للقبيلة ، وأحد المُنظمين لحفلات زواج القبيلة ، وأن منشأ النزاع بينهم هو البرامج التي تقدمها اللجنة ويُستخدم فيها الزير والطبل دون إنكار منه ، وأنه سعى في منع المدعيَين من البرامج ، وطلب من أمير مكةالمكرمة منعهم منها ، وأخذ التعهد عليهم بذلك ، وأنه أخذ هو وأعضاء اللجنة معدالاً ومبالغ مالية من والد المُدعي ، تمهيداً للحكم عليه ، وأن هذه المبالغ مُقابل عدم وقوف آخر مع اللجنة المنظمة ضد ابنه المُدعي ، ولما تضمنه شهادة الشهود من سعي المُدعى عليه ، ومن منعه على التفرد بتنظيم المناسبات ، وأنه مُنع المُدعيان من المشاركة لأسباب بينهم . ولأن المُدعى عليه وإن لم يُصرح بمنع المدعيَين من حضور أفراح القبيلة ، إلا أنه تسبب في ذلك بجلبه المحرمات ، من الزير ، والطبل ، والإذن بها في هذه المناسبات مما أدى إلى وقوع النزاع بينهم ، وتفرق أفراد القبيلة ، وامتناع بعضهم من الحضور خشية الإثم ، وقد وقع بسبب هذه المحرمات وإصرار المُدعى عليه على إقرارها ، والحكم على من لم يتعاون معه على تنظيم الحفلات المشتملة على المحرمات بغير ما أنزل الله ، ولا يخفى أن المعاديل والأحكام القبلية الواردة في الدعوى من الحكم بالطاغوت ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وبذلك تكررت فتاوى العلماء ، كما أن استخدام الزير والطبل ونحوها من آلات اللهو مُحرم عند الأئمة الأربعة ( مجموع الفتاوى 11 / 576 ) وعليه فتوى الجهة المخولة بالإفتاء في هذه البلاد ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) رواه البخاري . وجاء في الصك : وبما أن المُدعى عليه ارتكب الأفعال المحرمة المذكورة ، والمتمثلة في : الحكم بغير ما أنزل الله ، وتنظيم الحفلات المشتملة على المحرمات ، والتسبب في إثارة النزاع ، ومنع بعض أفراد القبيلة من حضور مناسباتها ، مما يقتضي التعزير لحق المُدعيَين . وقرر القاضي ، وفقاً لما جاء في الصك بقوله : لجميع ما تقدم ، فقد قررت ما يلي : ثبت لدي تسبب المُدعى عليه في منع المُدعيَين من الحضور لمناسبات القبيلة ، والتفريق بينهم ، وبين قرابتهم ، والمشاركة في جلب آلات اللهو المحرمة ، والإذن باستخدامها في مناسباتهم ، والحكم بأحكام عُرفية تخالف الشريعة الإسلامية ، وقررت تعزيرهُ على ذلك بحبسهِ ثمانية ًوأربعين ساعة ، وأخذ التعهد عليه بعدم المشاركة في تنظيم حفلات تشتمل على المحرمات ، وعدم الحكم بين أفراد القبيلة ، وبه حكمتُ ثم جرى وعظ الطرفين بأن عليهم أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ، ويطيعوا الله ورسوله ، وإن كانوا مؤمنين ، كما جرى إفهام المُدعى عليه بأنَ عليه هو ومشاركيه إعادة ما أخذوه من المُدخل ، مورث المُدعي من المعدال ، وثمن الأغنام التي أخذوها بغير وجه حق ، كما أفهمت المُدعي ، بأن له مطالبة المُدعى عليه ، ومشاركيه ، بالمبلغ المذكور لدى المحكمة المختصة ، وأمهلت الطرفين للإعتراض على الحكم خلال ثلاثين يوماً بعد تاريخ صدور الحكم ، ومن لم يقدم اعتراضه سقط حقه في الإستئناف ، واكتسب الحكم القطعية بحقه ، وأمرت بإيداع نسخة الحكم في المعاملة ، وتزويد من رغب من الطرفين بنسخة الحكم وبه ختمت الجلسة في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحاً وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . حرر في 22 / 8 / 1437 ه .