شخصية غريبة الأطوار، أبعد ما يكون عن الابتسامة فهو جاد في كل شيء، يمارس حياته بشكل عملي بعيد عن الضحك والهزل في مختلف صور الحياة، تأخرت عن موعد الحوار معه لمدة خمس دقائق، غضب من ذلك مؤكداً أن هذه المدة كافية للقيام بعمل معين، لم يبد أي ردة فعل مع الأسئلة سلباً أم إيجاباً لأنه يحترم عمل الآخرين على حد قوله. إنه العجوز البلجيكي إيريك جيريتس مدرب فريق الهلال السابق والذي قدّم الفريق الأزرق إبان إشرافه عليه مستويات غير مسبوقة، لكنه رحل للمنتخب المغربي في ظروف غامضة، لم يظهر بعدها ليوضح أسباب ذلك القرار. حاورته ''الاقتصادية'' في مكتبه بمقر نادي لخويا القطري الذي يشرف على تدريبه حالياً. تحدّث عن قضايا ساخنة وعن أوراق قلبها بشكل جديد ومثير بلا حواجز. العديد من الأمور التي تهم الشارع الرياضي السعودي ، كان خلالها في قمة الشفافية وبروح كبيرة جداً في الحوار التالي: دعنا نبدأ من تجربتك مع لخويا القطري النادي الطموح والجديد في عالم كرة القدم. هل تعتبرها مغامرة؟ في الحقيقة هذا الأمر لا يبدو مغامرة كبيرة لأن كل الإمكانات متاحة للعمل الناجح وفقاً للأسس الاحترافية التي نعمل من أجلها، وعلى العكس فإن النادي الطموح تكون وتيرة العمل فيه أسرع وبشكل كبير، لذلك فأنا سعيد في عملي الحالي مع النادي القطري. لكن دوري نجوم قطر لا يحظى بمتابعة جماهيرية، هل يضايقك هذا الأمر؟ بالتأكيد، الجمهور هو ملح كرة القدم، لذلك لدى النادي طموح كبير في قادم الأيام لمحاولة جلب الجمهور من خلال الأمور الفنية في المقام الأول، بعدها تأتي العديد من المحفزات التي يأتي أهمها الملعب الجديد للنادي، إضافة إلى أن النادي يعمل في جوانب عديدة من أجل الوصول لأكبر حجم من الجمهور. القطريون يقدمون كل شيء في كرة القدم رغم ذلك لا تحظى بذلك الاهتمام، ما السبب في رأيك؟ حقيقة لا أدري، لكن القائمين على الرياضة في قطر يقدمون الكثير وقد يفوق ما يقدم للكرة السعودية التي تحظى بجماهيرية كبيرة، حيث إن مباريات الدوري القطري يكون الحضور من بعض الجاليات وليس من الجماهير القطرية وهذا أمر مؤسف. مشواركم في آسيا سيتواصل هذا الأسبوع أمام الاتفاق السعودي، حدثنا عن مدى طموحكم في هذه البطولة؟ تفوقنا في المباراة الأولى أمام الشباب الإماراتي وهذا الأمر يعطينا دافعاً كبيراً في الوصول للدور القادم في هذه البطولة، إضافة إلى أن خسارتنا من الخريطيات في دوري نجوم قطر ستزيد التركيز على هذه البطولة على الرغم من أننا نعمل لكل بطولة على حدة، وأنا أعرف فريق الاتفاق إبان عملي في الهلال لذلك سنبذل جهدنا من أجل تحقيق الانتصار الثاني. لننتقل بالحديث قليلاً، لماذا تركت الهلال؟ بكل اختصار ظروف خاصة وشخصية. البعض يتهم إدارة الهلال بأنها هي السبب في عدم استمرارك مع الفريق؟ على العكس تماماً فإن إدارة نادي الهلال برئاسة صديقي الأمير عبدالرحمن بن مساعد بذلت كل شيء من أجل بقائي مع الفريق لكن الأمور حينها انتهت ولم يكن هناك فرصة لتصحيح الوضع أو محاولة البقاء. في الهلال صنعت فريق الحلم وأعدت الجماهير إلى المدرجات، بعدها أنهيت كل شيء بسهولة، لماذا؟ لكي أكون صريحاً معك فأنا نادم على تركي الهلال ولو عاد بي الزمن للوراء لما تركته وذهبت لتدريب المنتخب المغربي، لأنني كنت أعيش أجواء رائعة في السعودية مع فريق الهلال وإدارة النادي ولاعبيه الذين اعتبرهم أبنائي، وجماهيره الكبيرة التي تقف مع الفريق دائماً. أقولها بكل أسف لقد ندمت على قراري الرحيل من ناديكم. لكن هناك من ذكر أنك كنت ترغب في الاستمرار مع الهلال بعد توقيعك مع المنتخب المغربي، هل هذه الأحاديث صحيحة؟ للمرة الأولى سأذكر معلومة مهمة في هذا الموضوع حتى تكون الصورة واضحة أمام الجميع، ظروفي الخاصة التي جعلتني أمضي العقد مع المنتخب المغربي زالت في الأشهر الأخيرة مع فريق الهلال لكنني كنت ملزماً بذلك العقد، وهذا الأمر كان له تأثير في الفترة الأخيرة التي عشتها في النادي خصوصاً في الأشهر الخمسة الأخيرة. دائما ما تردد أنك تعتبر الأمير عبدالرحمن بن مساعد صديقاً مقرباً لك، لكن لماذا تركته في أصعب الأوقات وبعد الخروج من دوري أبطال آسيا أمام ذوب آهن الإيراني؟ سبق أن أخبرت الأمير عبد الرحمن بن مساعد بقرار الرحيل إلى المنتخب المغربي، وهذا الأمر كان صعباً بالنسبة لي لكن هذه هي الحياة، وأنا أقدر صداقة رئيس النادي ولكن كما ذكرت لك أن توقيعي للمنتخب المغربي كان غلطة كبيرة في ذلك التوقيت وأنا نادم أشد الندم على ذلك. في الهلال مُنحت الثقة وحرية التصرف في الفريق مما جعلك تصنع فريقاً أشبه بالمعجزة آنذاك، ألم تندم لأنك لم تكمل ذلك النجاح؟ مع الأسف فقد بدأت مشروعاً كروياً كبيراً لكنني لم أكمله بسبب غلطة ارتكبتها، وفي الحقيقة إنني قدمت مع الهلال عملاً يرضي ضميري قبل أن يرضي أي شخص آخر وهذا مبدئي في الحياة، ولكن لو كان القدر أن أكمل مع الهلال فإن المشروع سيكون مختلفاً لأن جميع سبل النجاح كانت متواجدة. بعد رحيلك شدد عدد من اللاعبين على أنك تعاملك معهم في الموسم الثاني مختلف عن السابق بشكل كبير وكأنك تعمل معهم جسداً بلا قلب، ما صحة ذلك؟ بعد زوال ظروفي الخاصة التي جعلتني أمضي العقد مع المنتخب المغربي ندمت كثيراً في تلك الأشهر لأنني وبكل صراحة كنت أرغب في البقاء مع الهلال. في نهاية الأمر أنا بشر ولدي مشاعر وعاطفة كانت تقول لي لا ترحل وابق مع الهلال، لكنني في الوقت نفسه لا أستطيع فك العقد مع المنتخب المغربي في ذلك الوقت، لكن رغم ذلك فإن تلك الأمور لا تؤثر في عملي في ذلك الوقت لأنني مدرب محترف وكنت حينها أتسلّم مرتبي من الهلال ويجب علي أن أعمل بكل جد واجتهاد. هناك من يردد أن ذهابك لتدريب المغرب بناءً على توصيات من أشخاص سعوديين، بل وصل الأمر إلى أن بعض المصادر ذكرت أن مصدر مرتباتك من السعودية؟ لا أعلم عن هذا الأمر شيئا، لكن أعتقد أن هذه الرواية مضحكة ولا يمكن تصورها. ماذا يعني لك الهلال في الوقت الراهن؟ في الحقيقة إنه يعني لي الكثير وأتابعه باستمرار وأعرف أن لقب الدوري لهذا العام قد يكون صعباً على الفريق لأنه يتخلف بفارق نقطي كبير عن المتصدر، لكن الأكيد أن الهلال نقطة جميلة في مشواري التدريبي وعشت في هذا النادي فترة زمنية لن أنساها في حياتي. بماذا تصف تجربتك مع المنتخب المغربي بكل اختصار؟ على المرء أن يرى الجوانب الإيجابية في كل تجربة يخوضها في الحياة، لذلك فقد قدمت عملاً جيداً مع المنتخب المغربي ونجحنا في الوصول إلى بطولة أمم إفريقيا وقدم المنتخب مستوى جيداً في الموسم الأول، لكن الموسم الثاني لم نقدم عملاً كبيراً بسبب سوء الحظ والضغوط الكبيرة التي كانت على المنتخب من كل الأطراف مما صعب المهمة قليلاً. أعطيت الهلال توصيات بالتعاقد مع يوسف العربي وعادل هرماش، هل أنت راض على عطائهما مع الهلال؟ لم أعط الهلال أي توصيات في هذا الأمر، القصة أن مسؤولي النادي سألوني عن رأيي في اللاعبين وذكرت لهم بالتفصيل، حيث أشرت لهم إلى أن يوسف العربي لاعب صغير في السن وتجربته ليست كبيرة وقد لا يقدم المنتظر منه لهذه الأسباب، فيما كنت مؤيداً لجلب عادل هرماش لأنه لاعب خبير من خلال مشاركته في الدوري الفرنسي ما أكسبه ثقافة كروية عالية. هناك من يقول بأنك ورطت الهلال بهذه الصفقات، ما ردك؟ أنا ذكرت لك ردي بالتفصيل، وفي رأيي أن اللاعبين لم يقدما مع الهلال ما كنت أتصوره على الرغم من أن عادل هرماش قدم مستوى جيدا ً لكنه ليس بالشكل الذي كنت أعتقده، وأؤكد مرة أخرى أنه لا علاقة لي بجلبهما وإنما أخذ رأيي مشورة من إدارة النادي وبالتحديد من نائب الرئيس. سامي الجابر يخوض حالياً تجربة تدريبية في فرنسا، هل تعتقد أن الجابر مشروع لمدرب ناجح؟ قابلت سامي الجابر قبل ثلاثة أسابيع تقريباً وهو رجل طموح جداً، حيث إنه يملك فكراً كروياً رائعاً ويكفي أنه رجل يريد النجاح في أي مكان، لذلك يعمل حالياً مسؤولاً عن الفئات السنية في النادي الفرنسي العريق ويحاول أن يكتسب خبرات كبيرة من خلال الاستفادة من أكبر عدد من المدربين العالميين، ومن خلال لقائي الأخير به كأنه ألمح إلى أنه يرغب في تدريب الهلال قريباً وأنا أتمنى لصديقي كل التوفيق. لكن ما مدى ثقتك بنجاحه مع الهلال؟ هناك أمور على سامي الجابر العمل عليها وهي تطوير الدور الجماعي بين كل أفراد الفريق إضافة إلى البعد عن الدكتاتورية، ووضع برنامج وطريقة خاصة يحاول أن يتشربها اللاعبون مع الوقت حتى يكون للفريق صورة واضحة فنياً ونفسياً، وبكل تأكيد فأنا واثق بأن سامي الجابر سينجح لأنه يريد أن ينجح. سامي الجابر من أكثر الشخصيات التي تحاك ضدها الاتهامات، ما رأيك في عمله؟ في الحقيقة إنه يعمل بشكل جيد واحترافي مع كل اللاعبين، ومن خلال عملي معه وجدت فيه شخصاً يتعامل مع الجميع باحترافية ودون تمييز، لكن طبيعية البشر تجعل التعامل مع بعض اللاعبين مختلفاً عن زملائهم، فأنا على سبيل المثال علاقتي مع ياسر القحطاني تختلف بشكل كبير عن اللاعب أحمد الفريدي لأسباب طبيعية من ناحية التعامل مع الآخرين. لديك علم بأن اللاعب أحمد الفريدي انتقل للاتحاد، ما رأيك في هذا اللاعب من النواحي الفنية والاحترافية؟ الفريدي لاعب مميز فنياً لكنه شخص غريب جداً، خلال تجربتي مع الهلال استطعت أن أخرج كل ما لدى اللاعبين من إمكانات وقدرات عدا الفريدي لم أستطع ذلك، قد يكون هناك تقصير مني لكن المسؤولية الكبيرة كانت على عاتق اللاعب الذي لا يتفاعل بالشكل المطلوب. جمهور الهلال دائما ما يردد ''نريد هلال جيريتس''، ماذا يعني لك ذلك؟ هذا يعني لي أنني قدمت عملاً يرضيهم وأنا في الوقت نفسه أعتذر منهم إن كنت قد أخطات في الرحيل من ناديهم في ذلك الوقت، لكن بالتأكيد قدرهم كبير وكانوا هم الداعم الأول والرئيس للفريق وللاعبين، ووجدت فيهم حب الانتصار والبحث عن أقصى الإمكانات التي يستطيع أن يؤديها الفريق في الملعب. محمد الشلهوب كادت مسيرته تنتهي لكنك أعدته إلى قمة مستوياته، ما تعليقك؟ أنا فخور أن القدر جعلني أشرف على تدريب هذا الإنسان المختلف عن البقية، إنه نادر الوجود فهو رجل لا يكرهه أي شخص في الدنيا، وهذا جعلني أؤكد أن محمد الشلهوب حتى لو وصل عمر السبعين فإنه سيظل يحمل قلب طفل من خلال محبته للناس ومحبة الناس له. نعم أقولها وبكل فخر بأن حظي الجميل جعلني أعرف الشلهوب من قرب. هل يستطيع اللاعب السعودي الاحتراف خارجياً؟ سبق أن ذكرت أن اللاعب أسامة هوساوي قادر على الاحتراف خارجياً وهذا حصل على أرض الواقع، لكن مع الأسف كانت تجربة لم يكتب لها النجاح، اللاعب السعودي لا تنقصه الموهبة لكنه يفتقد الطموح والرغبة الجامحة في التطوير. ما رأيك في اللاعبين الشبان في نادي الهلال في الوقت الحالي؟ اللاعب سلطان البيشي تطور كثيراً عن الفترة التي كنت متواجدا مع الفريق لدرجة الفرق بين الليل والنهار، كان حينها عائداً للتو من إصابة قوية في الركبة لكنه حالياً يقدم مستويات كبيرة جعلته من أفضل اللاعبين السعوديين في مركز الظهير الأيمن، إضافة إلى تميز اللاعبين عبدالعزيز الدوسري وسلمان الفرج وسالم الدوسري ونواف العابد، إضافة إلى اللاعب الجديد ياسر الشهراني الذي يعتبر قوة إضافية كبيرة.