مرَّ التاريخ بعدة أعوام نحتت سيرتها به كمن ينحت على الصخر ، فهذا عام الحزن ، وذاك عام الرماده ، وحتى عام الفيل ، ووصولا إلى هذا العام الذي كاد أن يطلق عليه عام انتفاضة الشعوب العربية ولا شك أن ما حدث يعد من الحوادث الكبيرة التي لم تشهد مثلها البلدان العربية من قبل بنفس هذه الكيفية ، فمن شرارة البوعزيزي وتحرر تونس إلى ابتهاج أم الدنيا مصر وحتى سقوط الطاغية صاحب ( الكتاب الأسود ) الليبي ونحن نسير نحو انتصار آخر لأهل الشام .. كل هذه الأحداث كانت تنحت نفسها على صفحة التاريخ بقوة لتضع لهذا العام عنوان في التاريخ تسميه بعام الثورات العربية . بيد أن خادم الحرمين الشريفين قال كلمته وقطع الطريق عليهم قبل الوصول لبوابة التاريخ . ففي الوقت الذي تخشى الشعوب أن يظهر قائدها في قنواتها الرسمية ليعلن عن قرار جديد وفي الوقت الذي تهدم فيه قصور الرؤساء والملوك وتدمر وتخترق في الوقت نفسه يتطلع الشعب السعودي لقائد مسيرته بشوق أن يخرج أمام العالم أجمع ليحكي لهم عن انجاز قادم ، عن فخر آت ، ليفرح قلوب المسلمين في كل بقعة على وجه الأرض. نعم لقد وقفنا في رمضان هذا مع ( ثورة في مكة ) أكبر بكثير من تلك الانتفاضات والثورات .. حدث يحكي انجاز لخادم العقيدة وهو إنشاء أكبر توسعة للحرم المكي الشريف على مر العصور والأزمنة ، ليزيد في بنيان حرم ملك الملوك سبحانه ، ويأمر بتشييده ، لتحكي كل الألسن عن بزوغ فجر جديد على مكةالمكرمة ، لتحكي عن واجهة دينية حضارية تاريخية عصرية لا تمثل إلا هيبة ، ولا تعبر إلا عن دهشة ، وكل ذلك بطمأنينة ليكمل بذلك العقد الماسي الذي بدأه ، ويظهر لنا التخطيط الجبار لخدمة العالم الإسلامي أجمع ، وتبرز لنا انجازات عظيمة شاهدة على عظمة هذه البلاد وريادتها ودورها الكبير في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين والاهتمام بكل ما يرفع شأنهم ويعز مكانتهم . 1. وما ذلك بغريب على قائد مسيرتنا فمن قبله والده طيب الله ثراه وإخوانه رحمهم الله جميعا سائرين على منهج السلف الصالح في خدمة العقيدة وهاهو الآن يبرهن للعالم أجمع أنه رجل قوي بإتباع سنة من قبله من السلف الصالح متبعا قوله : (\" لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) \" وبذلك نحت اسمه وفعله على الحجر ليبقى تاريخا على مر العصور تحكيه الأجيال بعد الأجيال ، وحق لنا أن نفخر بملك كعبدالله ، ووجب على التاريخ أن يسطر إلى الأعوام التاريخية عاما جديدا يسميه ( عام التوسعة ) . وحق لكل سعودي بل كل مسلم أن يفخر بما يقوم به خادم الحرمين الشريفين وحكومته في العمل على خدمة الحرمين الشريفين ورعايتها وتوفير وتسهيل كافة السبل رغم الصعوبات من أجل المعتمرين والزوار والحجاج . والحمد الله الذي وهب لنا هذا الملك العادل في حكمه وهذا البلد الطيب المبارك . وبارك الله لك يا خادم الحرمين الشريفين في عمرك وألبسك ثوباً من الصحة لا يتغير وبارك في تلك النقلة الحضارية الفكرية الدينية . اللهم تقبل منه وأرضى عنه ووفقه وإخوانه وأعوانه لما فيه عز الوطن ونفع الإسلام والمسلمين . وكل عام والوطن وقادته وأنتم بخير : : رمضان 1432 ه طلال الثبيتي