ربما يصدق علينا قول الممثل عادل إمام في أحد أدواره : «إنتوا اللي تجيبوا الكلام لنفسيكم».. بالفعل نحن نجلب لمجتمعنا كل ما يسيء لسمعته ويشوه صورته من ظن وقول لأننا نتباطأ في تصحيح بعض الأوضاع الخاطئة، ونتهاون في اتخاذ بعض الإجراءات دون أسباب منطقية لذلك، ولعل تعاملنا مع أوضاع المرأة يمثل أوضح دليل على هذا الوضع. ذات مرة توجه أحد الأجانب في لقاء خارج المملكة بسؤال لأحد الحاضرين من وطننا، وكان سؤاله مشوبا بالاستغراب الشديد والدهشة البالغة وهو يقول: هل بالفعل أنتم مجتمع متوحش يفتقر إلى معاييرالأخلاق وضوابط التعامل الإنساني بحيث لا يمكن للمرأة لديكم أن تعيش وتعمل وتشارك في الحياة إلا وأنتم تحت الحراسة حتى لا تفترسوها كالوحوش الضارية ؟؟. كان الرجل يسأل بنبرة صادقة ويصر على أن يجد تفسيرا لما وقر في ذهنه من خلال متابعته لبعض القضايا التي يفرزها مجتمعنا بين حين وآخر بخصوص المرأة. والحقيقة أن صاحبنا المسؤول اجتهد كثيرا في محاولة الشرح والتوضيح لكنه لم يكن مقنعا للسائل، لأن بعض الجوانب يصعب تفسيرها حتى على أكثر الناس قدرة على النقاش والإقناع. أنا لا أشير هنا إلى قضية بعينها، وإنما أحاول التلميح فقط إلى بعض الأمور التي أثبتنا عدم استطاعتنا على إيجاد الاتزان والتوازن في التعامل معها.. لقد كانت قضية عمل المرأة ومازالت وربما ستظل قضيتنا الرئيسية المزمنة التي نجتهد في تعقيدها مع الوقت.. أكدنا كثيرا أن المرأة السعودية بلغت شأنا عاليا من التعليم والثقافة والقدرة على المشاركة في كل جوانب العمل الوطني، لكننا نصر على الاستمرار في التناقض بوضعها في أقصى هامش المشاركة.. جاءت الانتخابات البلدية وكان المفروض أن تشارك كناخبة على الأقل، لكنها فجأة أزيحت من المشهد لأسباب لا يستوعبها العقل. وحتى المشاركة في المؤسسات الثقافية اكتنفها الجدل والتردد، فمرة ينفي مسؤول مشاركتها، ليأتي الآخر ويؤكدها، والصورة النهائية لم تتضح بعد بشكل يقيني. وكأن كل ذلك لا يكفي حتى نفتح باب الجدل من جديد في موضوع قيادتها للسيارة. أليس من حق الآخرين أن يستغربوا من هذا الوضع، وأن يعجزوا عن إيجاد تفسير له ؟؟.