بداية أرجو من الله العلي القدير أن ييسّر مناسك حجاج بيت الله الحرام في أي بقعة من أرضها الطاهرة وأن يجنبهم صوادف الدهر وحوادثه ويعيدهم إلى أهاليهم سالمين غانمين إنه سميع مجيب وأن يجعل سعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا. أما أنتم يا من تقرؤون حروفي هذه وأنتم في أي مكان كنتم من الأرض فأقول عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير خصوصا وأننا في هذه الأيام نوشك أن نودع عاما هجريا مضى ونستقبل عاما جديدا من هجرة النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وسلم). لكن دعوني قبل أن استرسل في ما رغبت الإشارة إليه أن أزف أبلغ التهاني والتبريكات لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) على ما تحقق ويتحقق لوطننا العزيز كافة، سواء على الصعيد الدولي أو الصعيد المحلي والتي كان آخرها حصوله حفظه الله على ثالث شخصية مؤثرة في العالم. أما ما يهمني في هذا الجانب هو ما تم إنجازه في الحرمين الشريفين خصوصا والمشاعر المقدسة على وجه العموم حيث اكتملت توسعة المسعى الجديد بجميع أدواره المخصصة وبات متنفسا لأداء الحج أو العمرة أو الصلاة، كما أوشك على الانتهاء وقف الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) للحرمين الشريفين، وقطعت توسعة خادم الحرمين الملك عبدا لله بن عبدالعزيز (يحفظه الله) للحرم المكي الشريف مرحلة جيدة ولله الحمد، كما اكتملت إنشاءات الحرم النبوي الشريف والمظلات الإضافية، وتبعها توسعة سقيا زمزم وما تم فيها من توسعة وتطوير وتحويلها إلى تعبئة أوتوماتيكية، أما في المشاعر المقدسة فقد اكتملت ولله الحمد والمنة جميع الأدوار الخمسة المخصصة لرمي الجمرات والطرق المؤدية اليها بكل يسر وسهولة حتى بات الحاج يستطيع أن يذهب لرمي الجمرات في الوقت الذي يناسبه ومع الطريق الميسر له، وهذا من فضل الله، كما اكتمل جزء كبير من المنشآت المخصصة للسكنى على أطراف منى، مما جعل البشائر تتوالى تباعا ونرى الجديد كل عام مما يثلج الصدر ويبهجه ولله الحمد والمنة، حتى كان آخر تلك المنجزات هو المرحلة التي انتهت من مشروع قطار المشاعر والذي سوف يسهل عملية تنقل الحجاج بين المشاعر بكل يسر وسهولة، خصوصا وأن حجاج هذا العام من المتوقع أن يفوق عددهم حجاج العام الماضي بسبب وجود وباء (انفلونزا الخنازير) في العام الماضي مما جعل العدد يقل عن المعتاد كل عام مما يؤكّد أن ذلك النقص في العام الماضي سوف يكون زيادة على حساب هذا العام، لكن دولتنا ولله الحمد أولت ذلك اهتماما مبكرا كالعادة، بل وتم عقد مؤتمر جديد لأول مرة يتم تنفيذه وهو مؤتمر إدارة الحشود حيث أن تجمع الحج يفوق أي تجمع في العالم، كيف لا وهو يجتمع حوالي ثلاثة ملايين حاج وحاجة في يوم واحد وفي مكان واحد، وهذا مما جعل معظم دول العالم تستفيد منه كما استفادت من نجاح المملكة في القضاء ولله الحمد على جذور الإرهاب. وختاما فإن الجميع في هذا البلد المعطاء ليفخر وهو يرى تلك الاستعدادات المبكرة لمثل هذه المناسبة العظيمة من كافة قيادات الوطن سواء الإدارية أو الأمنية أو الصحية أو الخدمية بكافة فروعها وأجهزتها وهي على أهبة الاستعداد التام، وكل ذلك من أجل راحة حجاج بيت الله الحرام ليقضوا مناسكهم بكل يسر وسهولة، مما جعل ما نراه يوميا غير مستغرب من مؤتمر لسمو أمير منطقة مكةالمكرمة إلى مساعد وزير الداخلية إلى وزير الصحة أو وزير الحج أو أي مسؤول كل في موقعه. ولذا فإنه وبما أن اليوم هو يوم التروية ويستعد الحجاج للوقوف بعرفات غدا تحرسهم عين الرحمن فإن على الحاج التعاون التام من أجل انجاح تلك الجهود المبذولة وتقديرها بتجنب الافتراش وأماكن الزحام وتعمد الإفساد من نشل وغيره لكي يستطيع قضاء حجه بتوفيق من الله الذي يرعى هذا الجمع المبارك ويكلؤه بعينه التي لا تنام ويحرسه من كل مفسد ومخرب إنه سميع مجيب.