إذا كان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فإن الكاتب قد يلدغ أكثر من مرة عندما يكون مصدره خبراً يفتقر إلى الدقة والمهنية والصدق، وإذا كان ناقل الكفر ليس بكافر فإن الكاتب يبقى مسؤولا عما ينشره حتى وإن كان يعتمد في معلوماته على مصادر تخذله كصحيفة ترفع شعار التميز والمهنية أو مسؤول يزعم الشفافية والصدق أو حتى قارئ يتعمد تضليل الكاتب بمعلومات لا تعرض إلا الجانب الذي يخصه من القضية.!! لذلك لا أجد لنفسي أي مبرر أو عذر عندما أقع ضحية خبر مغلوط تنشره صحيفة تندفع وراء تصفية حساباتها مع خصومها فتخلف مهنيتها وراءها، أو أصدق مسؤولا يستغل ثقتي ليضع المعلومة في إطار يبرز صورته بدلا من الحقيقة، أو أسمح لعاطفتي أن تقع تحت هيمنة قارئ مضلل لا يهمه إلا امتطاء صهوة حرفي، فواجب الكاتب أن يبذل جهدا مضاعفا للتثبت من معلوماته مهما ظن أنه يملك من واسع الخبرة أو عميق التجربة أو صادق الحدس.!! والصحيفة التي تتعمد نشر الأكاذيب والأخبار المغلوطة أو المحرفة على صدر صفحتها الأولى ثم تعود لتصحيحها معصورة في أقصى زواياها الداخلية تمارس تناقضا لا يغتفر عندما تستخف بوعي القارئ أو تدوس على قواعد المهنية وأخلاق المهنة، أما المسؤول الذي يمارس المراوغة و يعتبرها جزءا من الشطارة في التعامل مع الصحافة فهو مسؤول لا يفهم معنى الشفافية وليس جديرا أصلا بثقة المجتمع أو مؤتمنا على مسؤوليات وواجبات خدمته.!! أما القارئ المضلل فهو الأكثر قسوة و إيلاما، لأن القارئ هو حجر الزاوية في علاقة الكاتب بالكتابة ويفترض به أن يكون شريكه ودافعه في البحث عن الحقيقة وكشف السلبيات وتعزيز روح الشفافية والإصلاح، وأن يكون عونا له لا عونا عليه. !!