شدت العمالة المتخلفة الرحال من المحافظات والمناطق الكبيرة، وأخذت في التوافد واللجوء للمحافظات الصغيرة والقرى والأرياف، بعد أن ضيقت عليها الجهات الأمنية الخناق بالحملات التفتيشية والمداهمة الفجائية والقبض والترحيل، ووجدوا في الأرياف بيئة ملائمة للعمل وممارسة ما يحلو لهم من تصرفات بعيداً عن الجهات الأمنية، إضافة لبقائها أكبر فترة ممكنة في المملكة. «الشرق» التقت مجموعة من العمالة القادمة لتربة والخرمة ورنية بطرق غير شرعية، بعضها سيراً على الأقدام والبعض الآخر عن طريق التهريب، مقابل مبالغ مالية كبيرة. قال: أبوم مراد يمني الجنسية لقد وصلت لتربة بعد رحلة شاقة امتدت من الحدود السعودية اليمنية التي اخترقناها بطريقة غير شرعية ليلاً، ومن ثمّ بدأت الرحلة الأخرى، التي أخذنا فيها السير على الأقدام وسط الجبال والأحراش والأودية، متجهين لتربة في موعد مع بعض الأصدقاء الذين أكدوا لنا توفر العمل بها، لا سيما في الأرياف والقرى أو رعي الأغنام بعيداً عن شبح الجوازات ودوريات الأمن، وأشار إلى أنه يحصل على الوجبات الغذائية أثناء الرحلة التي تستمر أكثر من عشرين يوماً من المواطنين في القرى والهجر التي يمرون بها، مضيفاً أن المواطنين يقومون بتوصيلهم لبعض القرى من منظور العطف والشفقة، عندما يشاهدون وضعنا المأساوي الذي فقدنا فيه خلال الرحلة بعض الأصدقاء بسبب المرض أو لدغات الثعابين ولسعات العقارب في الجبال، وأكد أنه يعمل الآن في إحدى المزارع منذ سنتين بمرتب يتجاوز ألف ريال، بعيداً عن مخاطر الجوازات ورجال الأمن. وأشار أحمد إريتري الجنسية إلى أنه وصل إلى الخرمة قادماً من جدة بعد أن دعاه أبناء جلدته للعمل راعياً في الصحاري القريبة من الخرمة مقابل مبلغ مالي يصل إلى ألف و300 ريال شهريا، مع توفر الأمن له والبقاء أطول فترة ممكنة في المملكة، وأوضح أحمد أنه قدم إلى الخرمة عن طريق التهريب قابل ألف ريال للشخص يتقاضاها مقيم سوداني يقوم بتهريبنا إلى الخرمة وتربة، دون المرور بالنقاط الأمنية لمعرفته بالطرق الصحراوية التي يسلكها حتى نصل بأمان. بينما أوضح كل من ربيع محمد مصري الجنسية، وسيف عز الدين سوداني أنهما قدما إلى تربة متجهين لرنية عن طريق التهريب من مكةالمكرمة مع مواطن سعودي مقابل تسعمائة ريال لعشرة أشخاص من جنسيات مختلفة، مشيرين إلى أن أهم الأسباب التي جعلتهم يلجؤون للمحافظات الصغيرة هي الحملات التفتيشية المكثفة في مكةوجدة والطائف، التي أقلقت مضاجع جميع العمالة المتخلفة من النساء والرجال، وقطعت أرزاقنا كما يقولون، إضافة لتوفر العمل في الرعي والمزارع والأجر اليومي. وأفاد خورشيد بشير باكستاني بأنه بعد أداء مناسك العمرة لبث في مكة أربعة أشهر، وفي تنسيق مسبق مع أقاربه المقيمين بتربة اتفق مع مواطن سعودي يقوم بتهريبه إلى تربة مع مجموعة من المتخلفين، وأشار إلى أنه يعمل الآن بالأجر اليومي مقابل سبعين ريالاً متنقلاً بين تربة وقراها بعيداً عن رجال الأمن والأجهزة المعنية بترحيل العمالة المتخلفة، مضيفاً أنه سيقضي ست سنوات في المملكة لكي يجمع مبالغ مالية تكفي لبناء منزل في باكستان وتكاليف زواجه. شرطة تربة تتعقب المتخلفين من جهته، أكد مدير شرطة تربة العقيد علي الأسمري أن الدوريات الأمنية تقوم بتمشيط المحافظة وقراها بشكل دوري، ومداهمة أوكار العمالة المتخلفة، وإلقاء القبض عليها، وقد تمكن رجال الأمن من إلقاء القبض على 180 فرداً من جنسيات مختلفة خلال شهر، مضيفاً أنه تم كشف الكثير من عمليات تهريب للعمالة إلى تربة؛ أثناء محاولة عبور النقاط التفتيشية المفاجئة في مواقع مختلفة على الطرق المؤدية لتربة، أو أثناء جولات الدوريات الأمنية في القرى التابعة. وافد مخالف ينام في حراسة السكين