توبيخ ولوم وعقاب… واجهه طفل يدرس في المرحلة الابتدائية بسبب كثرة سرحانه أثناء الدرس وشروده المتكرر، وقد انزعج من ذلك عدد من معلميه، مما دفع أحدهم للاستعانة بالمرشد الطلابي للنظر في مشكلة هذا الطالب فربما كانت لديه مشكلة اجتماعية، ولكن بعد التقصي والبحث وجد أن وضعه مثالي ولا يشوبه أي منغصات، ولهذا رجح المرشد الطلابي الاستفادة من خبرة الاختصاصي النفسي لمساعدة هذا الطفل إلا أنه لم يجد هو الآخر أي سبب واضح لهذه المشكلة، فالوضع النفسي للطفل مستقر تماماً.. فما هو السبب يا ترى؟؟ مرت سنتان، والمشكلة قائمة بتأثيراتها السلبية على التحصيل الدراسي للطفل وتقييم معلميه له، حتى جاء اليوم الذي انتقل فيه إلى مدرسة أخرى، فالتقى بمعلم لديه اطلاع واهتمام بالأمراض والمشكلات الصحية الوارد حدوثها في المدرسة وكيفية التعرف عليها والتعامل معها، ولهذا رجح أن تكون المشكلة هي الصرع الغيابي!! ما هو الصرع الغيابي..؟ الصرع الغيابي هو أحد أنواع الصرع، ولكن دون أي تشنجات عضلية، فهو يقتصر على فقدان الوعي لفترة وجيزة، يبدو فيها المريض في حالة سرحان يصاحبها رمش بالعيون لعدة ثوانٍ، ليستعيد المريض وعيه الكامل من جديد، وبعد ذلك ربما يسأل أو يعتذر لمحدثه، كونه لم يكن معه أو لأن جزءاً من الحديث قد فاته، دون أن يدرك أنه كان فاقداً للوعي لبرهة من الوقت، وعادة ما يلاحظ هذه المشكلة الأهل أو المعلمون، وهو ما حدث مع هذا الطفل، فثقافة معلمه الصحية كانت أوسع من أن تختزل في السؤال عن ماهية المشكلة فقط، بل ساعدته أيضا في اكتشاف المرض، وتأكد ذلك بعد تحويل الطفل لطبيب المخ والأعصاب، الذي قام بالفحوصات اللازمة والمتضمنة التخطيط الدماغي الذي ساهم في ترجيح التشخيص. ومع مرور الزمن.. مازالت القصة محفورة في ذاكرة الطفل، وصوت يردد في داخله: شكراً لك معلمي؛ فلك الدور الكبير ليس فقط في تربيتي وتعليمي بل في إنقاذي من آثار مشكلة كانت خفية عن الآخرين، ولابد أن طلاباً آخرين مثلي يعانون من أمراض خفية ويحتاجون إلى مثل هذه الثقافة والالتفات والرعاية.