حالة التعقيد والضجيج من حولنا يجسدها ما قرأته مؤخراً عن تشخيص الحياة المعاصرة، وأقتطف منه بعض العبارات: الكل مشغول ومستعجل، أصبحنا نملك منازل أكبر وأسرا أصغر، وسائل راحة أكثر ووقت أقل، شهادات أكثر ومنطق أقل، معرفة أكثر وحكمة أقل، خبراء أكثر وحلول أقل؛ أدوية أكثر وصحة أقل. ننفق بتهور ونضحك قليلاً، نقرأ قليلا ونشاهد التلفزيون كثيرا ونصلي قليلا، ضاعفنا ممتلكاتنا وقللنا قيمنا، نتكلم كثيرا ونحب قليلا ونكذب كثيرا، تعلمنا كيف نكسب رزقنا ولم نتعلم كيف نحيا؛ أضفنا سنوات إلى حياتنا ولم نضف حياة إلى سنوات عمرنا. لدينا طرق أوسع ووجهات نظر أضيق، نصرف أكثر ونملك أقل، نشتري أكثر ونستمتع أقل، تعلمنا العجلة ولم نتعلم الانتظار؛ لدينا دخل أعلى وأخلاق أدنى، فائض في الكمية ونقص في النوعية، وجبات سريعة وهضم بطيء، أرباح كبيرة وبركة منزوعة، والكثير من وقت الفراغ والقليل من المتعة، والكثير من أنواع الطعام والقليل من التغذية؛ منازل فاخرة وبيوت محطمة. الحل السحري لهذا العناء نجده عند البسطاء الذي هم وحدهم من يعيش بسعادة في زمن الضجيج، فهم لا يعيشون تحت ضغط الوقت، وهم أكثر تفاؤلاً وحباً للحياة وللناس حتى وإن كانوا لا يملكون الكثير من المال والأشياء، وإن حصل أحدهم على القليل منها فهو يفرح بها ويحمد الله تعالى على نعمه، ولا يقلقون لفوات صفقة أو خسارة في بورصة فهم يضحكون حين يبكي الناس، ولا يقضون حياتهم وهم يسددون أقساط مركبة فارهة دخلهم لا يتناسب مع ثمنها الباهظ. وهم إن جلست معهم تجدهم ينشرون البهجة والسرور حولهم حتى في ساعات الأزمات والخطوب. البساطة تساعد على الاستفادة من ملكات النفس بسجية وطبيعة واستعادة طهارة القلب وتؤدي إلى تفتح القلوب وانحسار الأوهام والشكوك وهي صفة أساسية من صفات الحقيقة التي يسعى إليها الجميع.